د. يعقوب أحمد الشراح / صدى الكلمة / التربية واستنهاض الولاء

تصغير
تكبير
تحدث بعض الصحف الصادرة يوم 17/4 عن توجه وزيرة التربية والتعليم العالي لتشكيل فريق (خارجي - داخلي) لدراسة سبل استنهاض التآلف الوطني والولاء في نفوس الشباب بهدف تجنب كل ما يضر بالوحدة الوطنية، وترسيخ التعاون والتماسك الاجتماعي ونبذ كل ما يفرق الناس ويضر بمصالحهم.

لا شك أن إثارة هذا الموضوع في هذا الوقت دليل على توجه الحكومة ضمن استراتيجيتها العامة للتنمية في أن القطاع التربوي يلعب دورا بارزا في تأصيل قيم المواطنة. وان الاعتماد على الشباب لا بد أن ينطلق من بناء دعائم الوحدة الوطنية والانتماء الوطني، خصوصا بعد ظهور اختلالات في الولاء والانتماء، والتي أصبحت تحتاج إلى تصويب خصوصا من القطاع التربوي الذي عليه أن يوفر أدوات ووسائل استنهاض الولاء والوحدة الوطنية بعد أن شاع الاعوجاج في السلوك والتفكير، وانتشرت الخلافات بين الشباب على نحو ضار بالوطن، وهي خلافات يلاحظها الناس في علاقات المجلس النيابي بالحكومة، وبالدخول في قضايا ضررها كبير على الوطن لأنها تصب في ولاءات طائفية وقبلية مدمرة.

لقد خلقت الأجواء المشحونة بالصراعات والنزاعات وتعدد الولاءات، وأدت إلى فتن وبؤر فساد، وتفشي الخروج عن القوانين انعكس على فئة الشباب التي انساقت إلى تيارات تنتمي لمجاميع سياسية وطائفية نلاحظها في انتخابات الاتحادات الطلابية في الجامعة والكليات، وفي الأنشطة الطلابية التي تخرج أحياناً عن أهدافها وتتعارك فيما بينها على نحو تستدعي أحياناً التدخلات الأمنية.

ان الاهتمام بالولاء مسألة لا تتعلق فقط بالبحث في بعض جزئياته، وإنما لا بد من شمولية المراجعة، و«الاستنهاض» فكرة ستسعى لها فرق المؤسسة التعليمية، لكنها تعكس الانطباع بحلول جزئية منافعها آنية بدل التركيز على غرس مفهوم الولاء في نفوس الناشئة منذ بداية التعليم عبر مناهج متكاملة وشاملة، ومعلمين ومعلمات على مستوى عال من الإعداد والتأهيل يستطيعون اكساب الطلاب المفهوم من خلال الممارسات والنشاطات، وليس بالتلقين والقول.

البحث في التغيير السليم الموجه إلى موضوع الانتماء والولاء والوحدة الوطنية في أذهان ونفوس الناشئة قضية لا تستكمل في الوعي والنفس إلا بتكامل الأدوار من إعلام، وأسرة، ومؤسسات مدنية، وقانونية تحتاج إلى برامج عمل ومتابعة مستمرة، خصوصا في تشخيص الجوانب السلوكية والقيمية لمفهوم الولاء والوحدة الوطنية.

نتمنى ألا يفهم من الاستنهاض للولاء والتآلف الوطني الذي تطرحه وزيرة التربية والتعليم العالي ان المسألة قص ولصق، فلا نريد استنهاضاً بمعنى رفع الهمم وإثارة معوقات الاستنهاض، ودق ناقوس الخطر، ورفع الشعارات، وإنما نتمنى ترجمة الولاء والوحدة الوطنية عبر المؤسسة التربوية والتعليمية في اطار استراتيجية ممتدة تبدأ مع الأطفال، وتستمر زمنيا دون تغيير أو خلل أو نسيان. فطرح المفهوم في اطار تكامل مناهج التعليم وتداخلاته أهم بكثير من التركيز على الأنشطة المصاحبة للمناهج والتي تشكل جزئية منهجية يزول مفعولها بزوال ممارستها.



د. يعقوب أحمد الشراح

كاتب كويتي

yaqub44@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي