عندما رفع الخوارج شعار (لا حكم إلا الله)، رد عليهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعبارة (كلمة حق أريد بها باطل)، لتكون مثلاً يضرب فيمن يرفع شعارات براقة، ظاهرها الرحمة، وباطنها العذاب، شعارات تلمع من بعيد في صحراء الحياة القاحلة، حتى لتُخَيَّلَ للظمآن ماء، فإذا شارفها الناس بعد طول عناء لم يجدوا ثمة شيء، وتحسروا وقتها على ما بذلوه من وقت وجهد ومال.
الخصخصة مفهوم رائع وجميل، لا شك في ذلك، ولكنها (كلمة حق أريد بها باطل)، فالخصخصة كما يروجون لها باختصار: إشراك القطاع الخاص في إدارة الدولة، وبالتالي ارتفاع جودة الخدمات المقدمة، والارتقاء بالعنصر البشري الكويتي، وتطوير خبراته العملية، ليكون في مصاف أقرانه في الدول المتقدمة، أيْ والله، هكذا يقولون، وناقل الكفر ليس بكافر، وكأن التجارب السابقة للخصخصة تدعم أقوالهم وادعاءاتهم بالإحصائيات والأرقام!
إننا نرفع قبعاتنا احتراماً للخصخصة كمفهوم ونظرية، كما نرفعها لمشروع قانون المحافظة على النظافة والبيئة، فمن اسمه لن تجد من بيننا من يعترض عليه من ناحية المبدأ، ولكن لو علمت أن أحد بنود القانون تنص على أن عقوبة رمي (الكلينكس) من نافذة السيارة هي الإعدام، هل ستقف متفرجاً مكتوف الأيدي؟ وأنت تعلم علم اليقين أن مثل هذا القانون الجائر المتطرف سيطبق فقط على الضعيف، الذي لا ظهر له يحميه، أو نائباً يدافع عنه، أو شيخاً يقاتل معه حتى الرمق الأخير، والأمر نفسه ينطبق على قانون الخصخصة.
الخصخصة يا سادة تحتاج إلى المزيد من الدراسة والتأني، حتى لا تفلت الأمور من أيدينا، نحتاج حتى نطبقها إلى تأهيل الفرد الكويتي، نحتاج إلى المواءمة بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل، نحتاج إلى قرارات أكثر جرأة وسرعة من الجانب الحكومي، نحتاج إلى حكومة لا تخاف من النقد، بل تواجه وتنافح عن رأيها، بعد أن تفصح عنه صراحة، دون تناقض بين تصريحات وزرائها، أو تناقض تصريحات أحد وزرائها بين ليلة وضحاها.
نحتاج حتى تؤتي الخصخصة ثمارها إلى حكومة لا تستعين بنواب مجلس الأمة لعرض وجهة نظرها، بل لديها فريقها الحكومي الخاص للدفاع عن مشاريعها وتسويقها إن لزم الأمر، نحتاج كذلك إلى مركز معلومات لرصد رأي الشارع، والتعرف على نبض الشعب.
نحتاج كي تنجح تجربة الخصخصة إلى حكومة تتلمس حاجات الناس، فلا تشتري حريتهم، ولا تبتزهم باستخدام ملف الكوادر، الذي اغبر في أدراج ديوان الخدمة المدنية، ثم تخرجه فجأة ودون مقدمات لتقرَّ العشرات منها خلال سبع ساعات دفعة واحدة.
مبروك ياسر الصبيح
أيّـدت محكمة الاستئناف يوم الخميس الماضي حكم محكمة أول درجة، القاضي ببراءة السيد ياسر أحمد الصبيح من تهمة التزوير في محررات رسمية، وبهذا ظهر الحق وبطل ما كانوا يصنعون، وأرى أن يتم رد اعتباره على المستوى الحكومي بمنحه الجنسية الكويتية من باب الأعمال الجليلة، فقد قدم الكثير للكويت في المجال العسكري، وزيارة واحدة لديوانه العامر في غرناطة تجيبك على كل ما قدمه للكويت وأمنها.
د.عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
alsuraikh@yahoo.com