مدينة في قلب إيران «تسحر» روادها بجمالها وتأخذ العقول بطبيعتها الموغلة في قدم الحضارة الإنسانية
أصفهان... التاريخ إن حكى أسطورة

الزميل فهد المياح مع هاشم أسدالله

التلفريك في اصفهان

الكنيسة العظيمة

المئذنتان المهتزتان

قناطر جسر شهرستان

مسجد الإمام الخميني في اصفهان

استجمام على ضفاف نهر زانيدة

سمير ارشدي

النقش على الفخار عمل الرجال ... والنساء ايضا

موسم قطف الورود

سوق القيصرية القديم

اصفهان... مدينة التاريخ والجمال


















| أصفهان - فهد المياح |
في قلب الجمهورية الإسلامية الايرانية تقع محافظة اصفهان، مدينة البساتين والمعالم التاريخية والطبيعية الخلابة والجمال الساحر والتضاريس الرائعة الصافية والمساحات الخضراء الشاسعة التي جعلت منها اشبه بسجادة خضراء يتخللها خيوط وخطوط صنعتها ايدي الاقدار والبشر، تماما كصناعة السجاد التي تشتهر بها عالميا.
اصفهان التي زارها وفد اعلامي كويتي لبضعة ايام بدعوة من السفارة الايرانية لدى البلاد واستحقت عن جدارة لقب قرنفلة الحضارة الاسلامية، لم لا؟ وهي من تغنى في بهاء وسحر وجمال طبيعتها عشرات الشعراء وقال عنها الباحث الفرنسي بيتر لوتي «انها ليست مرآة تعكس تاريخ الحضارة القديمة فحسب بل مرآة ناصعة بالابداع الانساني، وهي ايضا من قال عنها الرحالة الايطالي بيترو دولا واله «في بلاد الشرق لا يمكن ان تقارن اي مدينة باصفهان»، وهي ايضا من وصفتها منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» بأنها تراث البشرية بل واختارتها اخيرا عاصمة للثقافة الاسلامية.
يجد كل من يقصد اصفهان فيها توليفة مركبة من الثقافات والحضارات التي عاشت على ارضها على مر العصور، فهي كنز ثمين يمكن لزائرها ان يقرأ على جدران مبانيها صفحات من تاريخ الحضارة الاسلامية، فهي مدينة مثقلة بالتاريخ، يسمونها نصف جهان اي نصف الدنيا في حين انها عالم متكامل من سحر الجمال ونقاء الهواء وصفاء السماء.
اصفهان التي عاشت عصرها الذهبي خلال العهد الصفوي شمر بناؤوها عن سواعدهم فشيدوا اروع المساجد واطلق فنانونها العنان لريشهم فرسموا اجمل اللوحات التراثية والفنية التي خلدت تاريخها يخترقها نهر زانيده الذي ينبع من اعماق التاريخ - حسبما يقال - ليروي ازهار هذه المحافظة واشجارها اليانعة ويدور في حاراتها صباح مساء بحثا عن زئبقة عطشى يعيد اليها الحياة وليشكل منها لوحة فنية جعلت الشاعر الايراني الكبير حافظ الشيرازي في القرن الثامن الهجري يقول عن جمال هذا النهر الخالد «مع اني ارى مئة نهر امام عيني إلا ان نهر زانيده وبستان كاران لايضاهيهما شيء».
ووفق نهر زانيده يعبر جسر «سي سابل» الذي يشع روعة وبهاد ويقدم اروع صور المزج والانسجام بين الهندسة والفنون.
ومن نهر زانيده يستلهم السجاد الاصفهاني تألقه حيث الوانه النباتية وتصاميمه الخلابة وخاماته الحريرية ما جعله بمثابة اسطورة تراثية تحكي تاريخ الاصفهانيين العريق على مر الأزمنة والعصور.
نعم... اصفهان تستهوي القلوب، هذا ما لمسناه وشعرناه حيث التراث والتاريخ والفن والثقافة... اكثر من 37 موقعا سياحيا واكثر من 50 اثرا تاريخيا، حيث اجمل جامع في العالم الاسلامي جامع الامام الخميني، ومسجد الشيخ لطيف الله العاملي، وجامع اصفهان العتيق، وقصر هيشت بشت والكنيسة العظيمة، ومعبد النار الذي يعود تاريخه لحقبة ما قبل الاسلام، وفندق عباس الذي يعد من أجمل متاحف الفنون الزخرفية وغيرها من الاثار التاريخية التي زارها الوفد الاعلامي الكويتي، وجاءت حصيلة المشاهدات على هذا النحو:
جولة الوفد في اليوم الاول بدأت بزيارة إلى شبكة اعلام مدينة اصفهان التي تعد من اهم واقدم المؤسسات الحكومية وكانت مرتبطة مع تلفزيون محافظة طهران الا ان تم فصلها قبل نحو 55 عاما، واصبحت تعمل بشكل مستقل، اذ يقوم تلفزيون اصفهان حاليا التابع للشبكة بتغطية اخبار المدينة محليا، كما يعرض مسلسلات وبرامج سياسية واجتماعية كثيرة ويوجد به ثلاث غرف خاصة بالكنترول وتستخدم به كاميرات الديجتال، التي يعمل عليها عدد كبير من المهندسات والفنيات.
ومن شبكة اعلام اصفهان توجهنا إلى واحد من اكبر الجسور في ايران وهو جسر شهرستان او جسر المدينة، ويعد من اقدم الجسور التي تربط بين ضفتي نهر زانيده ويعود تاريخه إلى العهد الساساني، واضيفت له اجزاء علوية خلال عهد الديالمة والسلاجقة.
وعرف الجسر خلال العهد الاسلامي باسم (جي) كونه يقع بالقرب من جامع (جي) ومقبرة الراشد بالله العباسي التي تعود إلى العام 530 هـ.
على جسر شهر ستان يرى المرء بام عينيه منظرا خلابا قوامه جمال الطبيعة الرائعة والرائحة الزكية التي تنبعث من المكان فوق الجسر وعلى جانبيه وامامه وخلفه، ما دفع الكثير من عشاق الطبيعة عربا واجانب إلى زيارته، لاسيما في الليل، حيث تنبعث الانوار الاخاذة الساحرة من جانبيه، على ضفتي نهر زانيدة الذي يروي عطش سكان المدينة وروادها ويسقي ازهارها بمائه العذب، ويدور باحثا عن زنبقة عطشى يعيد لها الحياة.
نعم جميل جدا هذا النهر الذي يبلغ طوله (250 كيلومترا) لا يخلو جانب منه من البشر لاسيما الشباب والشابات الذين يبوحون على ضفافه بما تختزنه قلوبهم من مشاعر جياشة تفيض حبا على «زانيدة» الدفء والعشق.
من جسر شهر ستان ونهر زانيدة، توجه الوفد الاعلامي الكويتي الزائر إلى زيارة معلم أثري كبيرا في عمارة «عالي قابو» وتعني الباب العالي، وبنيت في اوائل القرن الحادي عشر للهجرة وتتألف من ستة ادوار مزينة جميعها بالرسوم والزخارف الجميلة، وعلى سطحها يرى الزائر منظرا رائعا تحويه معالم الساحة التي تحيط بالعمارة وتتمثل في غرف مزخرفة برسوم منحوتة على جدارنها وسقوفها، احداها لرجل وامرأة يتقابلان وجها لوجه وهما يعزفان الموسيقى، فيما يوجد امامهما مكان مخصص للمشاهدين وهم يصفقون للعازفين من هذه التحفة الاثرية قادتنا اقدامنا إلى جسر سي وسه يل (33 قنطرة) الذي يعتبر من افخم الجسور الاثرية التي بنيت في عهد الشاه عباس الاول على نهر (زانيدة) في الجهة الشرقية حيث استغرق انشاؤه ما يقرب من اربع سنوات، وكانت الغاية من تشييده آنذاك التواصل بين جانبي النهر حينما بدأت المدينة تتوسع نحو الجنوب.
ويبلغ طول هذا الجسر 300 متر ويصل عرضه إلى 14 مترا وعلى جانبه قناطر متعددة مصطفة بشكل منتظم في مامنح الجسر روعة وبهاء، عكسه الانسجام بين الهندسة والفنون المعمارية، فيما يتكون الجسر من 32 معبرا مائيا تتوزع عن طريقها مياه النهر.
ولما كانت الليلة الثانية لوصول الوفد الاعلامي الكويتي لمدينة اصفهان اتجهنا إلى متحف المدينة العلمي بدعوة من مديره السيد رضائي الذي اطلعنا على المعالم والفنون التشكيلة داخل المتحف، والذي يضم العديد من اللوحات التشكيلية والفنية منها الطاولة الدائرية التي تقع امام بوابة المتحف، والتي تضم العديد من الالوان النباتية الطبيعية الاخاذة، بالاضافة إلى الكثير من التحف واللوحات والسجاد المعلق في اروقته!
وبعد الاطلاع على المتحف وما يحتويه دعا رضائي الوفد الاعلامي إلى مأدبة عشاء، في الهواء الطلق محاطين بالورود والنوافير المائية والفرق الموسيقية التي تعزف اعذب الحان الفن الايراني الاصفهاني.
وفيما كان الوفد الإعلامي جالسا على مأدبة رضائي، قام محرر «الراي» بجولة في سوق النحاس، الذي يعد من اقدم الاسواق في المنطقة ومختص فقط بصناعة «الجدور» والاطباق والتحف والرسومات النادرة. ويضم هذا السوق عددا كبيرا من المحال التي تقوم على صهر الالمنيوم والنحاس واعادة صناعته وتشكيله على نماذج كثيرة ونقشها باشكال مختلفة جميعها يقوم على صناعتها كبار السن في مدينة اصفهان.
وبعد ذلك توجه الوفد الاعلامي إلى جامع اصفهان الذي يعد من اقدم المساجد في المدينة، حيث بني في السنوات الاولى من القرن الثاني الهجري، ويزخر برسوم وفنون معمارية يقال انها تعود إلى عهد الملوك السلاجقة، كما تتجلى فيه الدقة في استخدام انواع الطابوق التي تشكلت منها النقوش من الداخل والخارج لقبتي المسجد واللتين سميتا بقبة نظام الملك وقبة تاج الملك.
وقد بني هذا الجامع على يد العرب الذين كانوا يقطنون مدينة اصفهان ويحتوي على اعين من الماء، ويضم العديد من التشكيل الزخرفي والفنون في جميع اروقته وساحاته التي تخضع حاليا لعمليات ترميم.
وفي محافظة اصفهان مدينة تسمى (جلفا) تجولنا فيها في اليوم الثاني ايضا وتضم كنائس عدة واحداها سميت بـ«فانك» وتعتبر من اجمل الكنائس الموجودة في ايران، حيث تشتهر بالزخارف والرسوم والفنون الرائعة على جدرانها بالالوان النباتية الطبيعية الزاهية، ويقصدها الكثير من أهالي المنطقة والكثير من السياح الأجانب والعرب من جميع انحاء دول العالم كما تنظم رحلات لطلبة المدارس لزيارتها للاطلاع عليها والاستفادة من المعلومات التاريخية التي تحويها.
وعقب ذلك لبى الوفد الاعلامي دعوة من قبل السيد جواد ابومهدي صاحب اكبر مصنع للالبان في اصفهان، حيث اطلعنا على المكائن الحديثة لتعبئة وتغليف وصناعة جميع مشتقات الحليب.
وما ان وصلنا إلى مقر المصنع استقبلنا صاحبة ابومهدي مرحبا بنا بكل حفاوة وعلى يمينه ويساره شخصان كل منهما يمسك بيده سكينا وخروفا ولحظة نزولنا من الباص تم نحر الخروفين تعبيراً عن فرحة مستضيفنا بالاضافة إلى نثر الورود على طاقم الوفد.
ويحتوي مصنع الالبان على 12 الف موظف وتوجد به عدة صالات الاولى خاصة ببسترة الحليب والثانية بتعليب جميع انواع الالبان، مثل القشطة والجبن واللبنة، بالاضافة إلى مختبر خاص بفحص الالبان.
اللافت للنظر ان صاحب المصنع ابومهدي خصص جزءا من المصنع لمحمية حيوانات تضم أنواعاً من مختلف دول العالم، فضلا عن الطيور والزواحف ما جعله - اي المصنع - وجهة العديد من السياح الذين يزورون ايران.
ومن مصنع ابومهدي توجهنا إلى فندق شاه عباس الذي يعد من اقدم الفنادق في العالم حيث يعود تاريخ بنائه إلى ما قبل 400 عام، وكان ذلك في العهد الصفوي، ويقع الفندق في وسط مدينة اصفهان، ويحتوي على الكثير من المعالم القديمة والرسومات التي يعود تاريخها إلى مئات السنين كما يحتوي على عدة اجنحة، ومن بينها جناح يسمى بالفردوس كان مخصصا للشاه عباس الصفوي يتخذه للراحة والنوم، بالاضافة إلى وجود قاعة للمؤتمرات واكثر من 13 مطعما تقدم اطعمة ايرانية مختلفة، واخيرا اجريت بعض التحديثات والتعديلات على هذا الفندق روعي فيها الحفاظ على تراثه القديم.
ينقسم الفندق إلى قسمين احدهما يسمى بالجديد والآخر بالقديم والاخير يقع في واجهة الفندق الامامية، وتم بناؤه على احدث الطرز المعمارية فيما تغطي جدرانه رسومات مطلية بماء الذهب الخالص، كما يحتوي الفندق على 230 غرفة، ويعمل به ما يقرب من 400 موظف، وتصل قيمة حجز احدى غرفه في اليوم إلى 600 دولار. ويؤكد القيمون على ادارة الفندق ان عمليات الصيانة التي شهدها خلال نصف القرن الماضي ساهمت في الحفاظ على زخارفه وطرازه المعماري بعد ان اندثرت العشرات من هذه المنازل الفخمة التي كانت تعج بها اصفهان وانهارت بسبب الاهمال او نتيجة استبادلها بمنشآت ومبان عملاقة.
ويعتبر فندق الشاه عباس كنزا ثمينا يمكن للزائر ان يقرأ على جدرانه صفحات من حضارة هذه المدينة التاريخية ويشاهد في ممراته زخارف ومقرضات العصر الصفوي بتشكيلاتها الرائعة.
المئذنتان المهتزتان
قد لا يصدق البعض ان هناك مآذن او منارات تهتز غير انه عند ذهاب اي شخص لمدينة اصفهان وبالتحديد إلى معلم حضاري اثري مشهور في هذه المدينة يرى ما قد لا يصدقه العقل، اذ توجد هناك منارتان تسميان بـ«منار جنبان» تهتز احداهما عند اهتزاز الاخرى، بالاضافة إلى حدوث «هزة محسوسة» في المبنى كله إلى حد ان المشاهد يستشعر ان زلازلا او هزة يعتقد ان الهدف منه مقاومة ارضية تضرب المكان لحظة اهتزاز هاتين المئذنتين اللتين يعود بناؤهما إلى القرن الثاني للهجرة ابان فترة حكم السلالة المغولية، واللافت للنظر ايضا انه يوجد بالقرب من المنارتين قبر لاحد الشيوخ الذين عاشوا في ذلك الزمان، واسمه «عمه عبدالله محمود».
واصل الوفد الإعلامي الكويتي جولته عقب ذلك بزيارة إلى جامع الإمام الخميني، وهو من اروع واجمل المساجد على مستوى العالم اذ يضم باحة اثرية انشئت في بداية القرن الحادي عشر الهجري، وبامر من الشاه عباس الأول، ويتألف هذا الجامعة من ساحة كبيرة و«4» إيوانات اثرية فريدة من نوعها وسميت هذه الايوانات «على قابو، ومسجد الإمام الخميني، ومسجد الشيخ لطف الله العاطي، والاخيرة بوابة لسوق مشهور يسمى القيصرية، بالاضافة إلى زخارف قاشانيه تغطي جدران المسجد والمنابر والقبب ويتجلى فيها عنصر الدقة والابداع والكتابات الجميلة التي كتبت على يد اساتذة في فن الخط في تلك الفترة.
من جامع الامام الخميني اتجهنا صوب المدينة الحمراء التي تقع في منطقة ابيان شمال غرب مدينة اصفهان وسميت بهذا الاسم نسبة للون الصخور الحمراء بها والتي بنيت جميع منازلها وخدماتها بها وفي الوقت نفسه ترتفع هذه المنطقة عن البحر ما يقرب من 1620 مترا مربعا، بينما لا يتعدى عدد سكانها الـ450 نسمة ولا يسمح أهلها بتسكين احد من خارج المنطقة في مدينتهم.
وتصل درجة الحرارة في هذه المدينة في فصل الشتاء إلى 20 درجة مئوية تحت الصفر، وتحتوي على متحف يعود تاريخه إلى مئات السنين ويسمى متحف التراث الشعبي ويوجد به الكثير من الاثار والتحف القديمة.
اخيرا وصل الوفد الاعلامي الكويتي إلى المحطة الأخيرة في جولته بزيارة مدينة كاشان التي تبعد عن مدينة اصفهان ما يقارب الـ150 كيلومترا وتشتهر بصناعة السجاد المعروف عالميا بالسجاد الكاشاني ذي الالوان النباتية الزاهية وتصاميمه الخلابة وخاماته الحريرية التي يروي تاريخ هذه المدينة الموغلة في القدم، حيث يبلغ عمر هذا الفن الرائع ما يقرب من أربعة الاف عام، ويقال ان الفرس كانوا يغطون عرباتهم بالسجاد القرمزي اثناء المعركة حتى اذا سال دم محاربيهم لا ينتبه احد لذلك، ويتميز السجاد الكاشاني الاصفهاني ايضا بنقوشه وتصاميمه المستوحاة من التراث الفارسي العريق والاساطير الشعبية، وتعتبر فترة حكم الملوك الصفويين هي العصر الذهبي لحياكة السجاد حيث كانوا منهمكين ببناء القصور والمساجد والمعاهد العلمية التي تحتاج إلى سجاد يزين ارضيتها، ويقال ان هناك اكثر من مليوني عائلة تمارس مهنة الحياكة للسجاد الكاشاني، وراج انه صنعت في هذه المدينة سجادة ضخمة يبلغ طولها 5 الاف متر مربع، لاحد المساجد في احدى دول الخليج.
محافظ أصفهان: تاريخ المدينة
يعود إلى ما قبل «طوفان نوح»
استقبل محافظ مدينة اصفهان ذاكر الاصفهاني الوفد الإعلامي الكويتي في مقر المحافظة، مؤكدا ان المدينة تعد واحدة من المدن الجميلة في جمهورية إيران الإسلامية، إذ تحتوي على آثار يعود تاريخها إلى القرون الأولى، فضلا عن انها تمتاز بمناظرها وطبيعتها الجميلة الخلابة.
وأشار إلى ان اصفهان كانت عاصمة للبلاد لمدة أربع مرات وآخرها حينما كانت عاصمة للعهد الصفوي قبل 400 عام، موضحا ان ملوك الصفويين كانوا من الأذريين الإيرانيين الذين عاشوا ولايزالون في مناطق شمال غرب إيران.
وقال ان كل ما يشاهده الزائر حاليا من معمار في اطار الأبنية الجميلة التي كانت لها جذور تاريخية منذ عهد الصفويين، كما توجد بالمحافظة آثار أخرى يرجع تاريخها إلى آل زيا والبوهيين والسلاجقة، ممن عاشوا قبل الصفويين، مبينا ان ثمة وثائق في كتب العرب تذكر مكتبة سارويه (700 سنة قبل طوفان سيدنا نوح، ما يعني ان لاصفهان تاريخا ضاربا بالقدم).
وحول العلاقات الكويتية - الإيرانية، قال محافظ أصفهان «انها علاقة وطيدة ويكفي اننا دولتان مسلمتان»، لافتا إلى ان العلاقة تكبر في كل لحظة، مبينا اننا جيران وشعوبنا متداخلة إذ ان هناك الكثير من الكويتيين لهم مصالح واشمار في إيران والعكس كذلك.
جهود مميزة
من المستشار ارشدي
بذل المستشار الإعلامي في السفارة الإيرانية لدى دولة الكويت سمير ارشدي جهدا كبيرا ومميزا طيلة فترة اقامة الوفد الإعلامي الكويتي في اصفهان، حيث حرص على أن يوفر جميع سبل الراحة للوفد، كما ساهم في شرح الكثير من المعالم التي زارها الوفد باللغة العربية، بالإضافة إلى متابعته المستمرة لتحركات الوفد في محافظة
أصفهان، فله منا كل الشكر والتقدير.
قائمقام كاشان: لنكن أمة إسلامية واحدة
تحرّر أولى القبلتين من أيدي الطغاة الصهاينة
استقبل الوفد الإعلامي الكويتي في محل اقامته بمدينة كاشان قائمقام مدينة كاشان السيد حاجي الاصفهاني الذي وصف زيارة الوفد إلى هذه المدينة بأنها زيارة أشقاء لأشقائهم، مؤكدا انهم حريصون دائماً على أن يكون المسلمون أمة واحدة وصفاً واحداً ضد الغطرسة الصهيونية، وان نساهم في تحرير القبلة الأولى للمسلمين «القدس» من أيدي الطغاة المحتلين.
وقال حاجي ان «مدينة كاشان أصبحت تتطور بشكل كبير جدا خصوصا عندما أصبح لها رواد وزوار كثر من جميع أنحاء دول العالم، موضحا انه بمقدور أي مستثمر أن ينشئ مشروعا في المدينة دون أي معوقات تواجهه، ونحن بدورنا نساهم ونساعد كل من يريد الاستثمار في كاشان».
وأضاف «ان مدينة كاشان لها تاريخ عريق بالحضارة يعود إلى 7 آلاف سنة وتحتفظ بآثار ومعالم كثيرة على مستوى العالم، مشيرا إلى ان مساحة هذه المدينة تصل إلى 5 آلاف كيلومتر، وأنجبت الكثير من المعلمين والمثقفين في الرياضيات والعلوم المختلفة، بالاضافة إلى الأدباء والشعراء الذين لهم بصمة على مستوى التاريخ في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ولفت حاجي إلى ان مدينة كاشان تضم مناطق عدة منها: قمصر، ويناسر، وبرزك، وكل واحدة من هذه المناطق تتميز عن غيرها بالمعالم الحضارية والسياحية، مبينا ان المدينة من المدن الصناعية، إذ تضم 750 وحدة صناعية وتعتبر مركزا رئيسيا لصناعة السجاد اليدوي الذي يسمى بالكاشاني، وكذلك هناك الكثير من مختلف المشغولات اليدوية الصناعية.
وأشار إلى ان المدينة تطورت بعد الثورة الإسلامية وأصبحت تستضيف السواح من جميع دول العالم لدرجة انه يزورها خلال الشهر الواحد نحو 14 سفيراً، مؤكدا ان المدينة شهدت نهضة كبيرة في عهد الرئيس الحالي أحمدي نجاد وأصبحت تستضيف في عيد النوروز الإيراني ما يقارب المليون و750 ألف سائح.
ونوه بأن الكثير من الدول بدأت تنافس وتحاول أن تصل بالمستوى العالي الذي تتمتع به هذه المدينة من صناعات يدوية وغيرها وعلى سبيل المثال دولة الصين التي قامت ببناء مدينة سميت بكاشان لتستفيد من هذا الاسم وبدأت تأخذ النماذج من قطع السجاد الإيراني وتحاول تقليده وبيعه على أنه سجاد إيراني.
شكر وتقدير
شكر وتقدير الى كل من: المرشد السياحي في محافظة أصفهان سيد قيصري ومسؤول قسم التأشيرات بمطار أصفهان السيد رضا مصطفاني وإلى مترجم الوفد الدكتور إبراهيم مهمان دوست لما قدموه من تسهيلات وخدمات إلى الوفد الإعلامي الكويتي لدى زيارته لمدينة أصفهان ما ساهم في نجاح مهمته.
في قلب الجمهورية الإسلامية الايرانية تقع محافظة اصفهان، مدينة البساتين والمعالم التاريخية والطبيعية الخلابة والجمال الساحر والتضاريس الرائعة الصافية والمساحات الخضراء الشاسعة التي جعلت منها اشبه بسجادة خضراء يتخللها خيوط وخطوط صنعتها ايدي الاقدار والبشر، تماما كصناعة السجاد التي تشتهر بها عالميا.
اصفهان التي زارها وفد اعلامي كويتي لبضعة ايام بدعوة من السفارة الايرانية لدى البلاد واستحقت عن جدارة لقب قرنفلة الحضارة الاسلامية، لم لا؟ وهي من تغنى في بهاء وسحر وجمال طبيعتها عشرات الشعراء وقال عنها الباحث الفرنسي بيتر لوتي «انها ليست مرآة تعكس تاريخ الحضارة القديمة فحسب بل مرآة ناصعة بالابداع الانساني، وهي ايضا من قال عنها الرحالة الايطالي بيترو دولا واله «في بلاد الشرق لا يمكن ان تقارن اي مدينة باصفهان»، وهي ايضا من وصفتها منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» بأنها تراث البشرية بل واختارتها اخيرا عاصمة للثقافة الاسلامية.
يجد كل من يقصد اصفهان فيها توليفة مركبة من الثقافات والحضارات التي عاشت على ارضها على مر العصور، فهي كنز ثمين يمكن لزائرها ان يقرأ على جدران مبانيها صفحات من تاريخ الحضارة الاسلامية، فهي مدينة مثقلة بالتاريخ، يسمونها نصف جهان اي نصف الدنيا في حين انها عالم متكامل من سحر الجمال ونقاء الهواء وصفاء السماء.
اصفهان التي عاشت عصرها الذهبي خلال العهد الصفوي شمر بناؤوها عن سواعدهم فشيدوا اروع المساجد واطلق فنانونها العنان لريشهم فرسموا اجمل اللوحات التراثية والفنية التي خلدت تاريخها يخترقها نهر زانيده الذي ينبع من اعماق التاريخ - حسبما يقال - ليروي ازهار هذه المحافظة واشجارها اليانعة ويدور في حاراتها صباح مساء بحثا عن زئبقة عطشى يعيد اليها الحياة وليشكل منها لوحة فنية جعلت الشاعر الايراني الكبير حافظ الشيرازي في القرن الثامن الهجري يقول عن جمال هذا النهر الخالد «مع اني ارى مئة نهر امام عيني إلا ان نهر زانيده وبستان كاران لايضاهيهما شيء».
ووفق نهر زانيده يعبر جسر «سي سابل» الذي يشع روعة وبهاد ويقدم اروع صور المزج والانسجام بين الهندسة والفنون.
ومن نهر زانيده يستلهم السجاد الاصفهاني تألقه حيث الوانه النباتية وتصاميمه الخلابة وخاماته الحريرية ما جعله بمثابة اسطورة تراثية تحكي تاريخ الاصفهانيين العريق على مر الأزمنة والعصور.
نعم... اصفهان تستهوي القلوب، هذا ما لمسناه وشعرناه حيث التراث والتاريخ والفن والثقافة... اكثر من 37 موقعا سياحيا واكثر من 50 اثرا تاريخيا، حيث اجمل جامع في العالم الاسلامي جامع الامام الخميني، ومسجد الشيخ لطيف الله العاملي، وجامع اصفهان العتيق، وقصر هيشت بشت والكنيسة العظيمة، ومعبد النار الذي يعود تاريخه لحقبة ما قبل الاسلام، وفندق عباس الذي يعد من أجمل متاحف الفنون الزخرفية وغيرها من الاثار التاريخية التي زارها الوفد الاعلامي الكويتي، وجاءت حصيلة المشاهدات على هذا النحو:
جولة الوفد في اليوم الاول بدأت بزيارة إلى شبكة اعلام مدينة اصفهان التي تعد من اهم واقدم المؤسسات الحكومية وكانت مرتبطة مع تلفزيون محافظة طهران الا ان تم فصلها قبل نحو 55 عاما، واصبحت تعمل بشكل مستقل، اذ يقوم تلفزيون اصفهان حاليا التابع للشبكة بتغطية اخبار المدينة محليا، كما يعرض مسلسلات وبرامج سياسية واجتماعية كثيرة ويوجد به ثلاث غرف خاصة بالكنترول وتستخدم به كاميرات الديجتال، التي يعمل عليها عدد كبير من المهندسات والفنيات.
ومن شبكة اعلام اصفهان توجهنا إلى واحد من اكبر الجسور في ايران وهو جسر شهرستان او جسر المدينة، ويعد من اقدم الجسور التي تربط بين ضفتي نهر زانيده ويعود تاريخه إلى العهد الساساني، واضيفت له اجزاء علوية خلال عهد الديالمة والسلاجقة.
وعرف الجسر خلال العهد الاسلامي باسم (جي) كونه يقع بالقرب من جامع (جي) ومقبرة الراشد بالله العباسي التي تعود إلى العام 530 هـ.
على جسر شهر ستان يرى المرء بام عينيه منظرا خلابا قوامه جمال الطبيعة الرائعة والرائحة الزكية التي تنبعث من المكان فوق الجسر وعلى جانبيه وامامه وخلفه، ما دفع الكثير من عشاق الطبيعة عربا واجانب إلى زيارته، لاسيما في الليل، حيث تنبعث الانوار الاخاذة الساحرة من جانبيه، على ضفتي نهر زانيدة الذي يروي عطش سكان المدينة وروادها ويسقي ازهارها بمائه العذب، ويدور باحثا عن زنبقة عطشى يعيد لها الحياة.
نعم جميل جدا هذا النهر الذي يبلغ طوله (250 كيلومترا) لا يخلو جانب منه من البشر لاسيما الشباب والشابات الذين يبوحون على ضفافه بما تختزنه قلوبهم من مشاعر جياشة تفيض حبا على «زانيدة» الدفء والعشق.
من جسر شهر ستان ونهر زانيدة، توجه الوفد الاعلامي الكويتي الزائر إلى زيارة معلم أثري كبيرا في عمارة «عالي قابو» وتعني الباب العالي، وبنيت في اوائل القرن الحادي عشر للهجرة وتتألف من ستة ادوار مزينة جميعها بالرسوم والزخارف الجميلة، وعلى سطحها يرى الزائر منظرا رائعا تحويه معالم الساحة التي تحيط بالعمارة وتتمثل في غرف مزخرفة برسوم منحوتة على جدارنها وسقوفها، احداها لرجل وامرأة يتقابلان وجها لوجه وهما يعزفان الموسيقى، فيما يوجد امامهما مكان مخصص للمشاهدين وهم يصفقون للعازفين من هذه التحفة الاثرية قادتنا اقدامنا إلى جسر سي وسه يل (33 قنطرة) الذي يعتبر من افخم الجسور الاثرية التي بنيت في عهد الشاه عباس الاول على نهر (زانيدة) في الجهة الشرقية حيث استغرق انشاؤه ما يقرب من اربع سنوات، وكانت الغاية من تشييده آنذاك التواصل بين جانبي النهر حينما بدأت المدينة تتوسع نحو الجنوب.
ويبلغ طول هذا الجسر 300 متر ويصل عرضه إلى 14 مترا وعلى جانبه قناطر متعددة مصطفة بشكل منتظم في مامنح الجسر روعة وبهاء، عكسه الانسجام بين الهندسة والفنون المعمارية، فيما يتكون الجسر من 32 معبرا مائيا تتوزع عن طريقها مياه النهر.
ولما كانت الليلة الثانية لوصول الوفد الاعلامي الكويتي لمدينة اصفهان اتجهنا إلى متحف المدينة العلمي بدعوة من مديره السيد رضائي الذي اطلعنا على المعالم والفنون التشكيلة داخل المتحف، والذي يضم العديد من اللوحات التشكيلية والفنية منها الطاولة الدائرية التي تقع امام بوابة المتحف، والتي تضم العديد من الالوان النباتية الطبيعية الاخاذة، بالاضافة إلى الكثير من التحف واللوحات والسجاد المعلق في اروقته!
وبعد الاطلاع على المتحف وما يحتويه دعا رضائي الوفد الاعلامي إلى مأدبة عشاء، في الهواء الطلق محاطين بالورود والنوافير المائية والفرق الموسيقية التي تعزف اعذب الحان الفن الايراني الاصفهاني.
وفيما كان الوفد الإعلامي جالسا على مأدبة رضائي، قام محرر «الراي» بجولة في سوق النحاس، الذي يعد من اقدم الاسواق في المنطقة ومختص فقط بصناعة «الجدور» والاطباق والتحف والرسومات النادرة. ويضم هذا السوق عددا كبيرا من المحال التي تقوم على صهر الالمنيوم والنحاس واعادة صناعته وتشكيله على نماذج كثيرة ونقشها باشكال مختلفة جميعها يقوم على صناعتها كبار السن في مدينة اصفهان.
وبعد ذلك توجه الوفد الاعلامي إلى جامع اصفهان الذي يعد من اقدم المساجد في المدينة، حيث بني في السنوات الاولى من القرن الثاني الهجري، ويزخر برسوم وفنون معمارية يقال انها تعود إلى عهد الملوك السلاجقة، كما تتجلى فيه الدقة في استخدام انواع الطابوق التي تشكلت منها النقوش من الداخل والخارج لقبتي المسجد واللتين سميتا بقبة نظام الملك وقبة تاج الملك.
وقد بني هذا الجامع على يد العرب الذين كانوا يقطنون مدينة اصفهان ويحتوي على اعين من الماء، ويضم العديد من التشكيل الزخرفي والفنون في جميع اروقته وساحاته التي تخضع حاليا لعمليات ترميم.
وفي محافظة اصفهان مدينة تسمى (جلفا) تجولنا فيها في اليوم الثاني ايضا وتضم كنائس عدة واحداها سميت بـ«فانك» وتعتبر من اجمل الكنائس الموجودة في ايران، حيث تشتهر بالزخارف والرسوم والفنون الرائعة على جدرانها بالالوان النباتية الطبيعية الزاهية، ويقصدها الكثير من أهالي المنطقة والكثير من السياح الأجانب والعرب من جميع انحاء دول العالم كما تنظم رحلات لطلبة المدارس لزيارتها للاطلاع عليها والاستفادة من المعلومات التاريخية التي تحويها.
وعقب ذلك لبى الوفد الاعلامي دعوة من قبل السيد جواد ابومهدي صاحب اكبر مصنع للالبان في اصفهان، حيث اطلعنا على المكائن الحديثة لتعبئة وتغليف وصناعة جميع مشتقات الحليب.
وما ان وصلنا إلى مقر المصنع استقبلنا صاحبة ابومهدي مرحبا بنا بكل حفاوة وعلى يمينه ويساره شخصان كل منهما يمسك بيده سكينا وخروفا ولحظة نزولنا من الباص تم نحر الخروفين تعبيراً عن فرحة مستضيفنا بالاضافة إلى نثر الورود على طاقم الوفد.
ويحتوي مصنع الالبان على 12 الف موظف وتوجد به عدة صالات الاولى خاصة ببسترة الحليب والثانية بتعليب جميع انواع الالبان، مثل القشطة والجبن واللبنة، بالاضافة إلى مختبر خاص بفحص الالبان.
اللافت للنظر ان صاحب المصنع ابومهدي خصص جزءا من المصنع لمحمية حيوانات تضم أنواعاً من مختلف دول العالم، فضلا عن الطيور والزواحف ما جعله - اي المصنع - وجهة العديد من السياح الذين يزورون ايران.
ومن مصنع ابومهدي توجهنا إلى فندق شاه عباس الذي يعد من اقدم الفنادق في العالم حيث يعود تاريخ بنائه إلى ما قبل 400 عام، وكان ذلك في العهد الصفوي، ويقع الفندق في وسط مدينة اصفهان، ويحتوي على الكثير من المعالم القديمة والرسومات التي يعود تاريخها إلى مئات السنين كما يحتوي على عدة اجنحة، ومن بينها جناح يسمى بالفردوس كان مخصصا للشاه عباس الصفوي يتخذه للراحة والنوم، بالاضافة إلى وجود قاعة للمؤتمرات واكثر من 13 مطعما تقدم اطعمة ايرانية مختلفة، واخيرا اجريت بعض التحديثات والتعديلات على هذا الفندق روعي فيها الحفاظ على تراثه القديم.
ينقسم الفندق إلى قسمين احدهما يسمى بالجديد والآخر بالقديم والاخير يقع في واجهة الفندق الامامية، وتم بناؤه على احدث الطرز المعمارية فيما تغطي جدرانه رسومات مطلية بماء الذهب الخالص، كما يحتوي الفندق على 230 غرفة، ويعمل به ما يقرب من 400 موظف، وتصل قيمة حجز احدى غرفه في اليوم إلى 600 دولار. ويؤكد القيمون على ادارة الفندق ان عمليات الصيانة التي شهدها خلال نصف القرن الماضي ساهمت في الحفاظ على زخارفه وطرازه المعماري بعد ان اندثرت العشرات من هذه المنازل الفخمة التي كانت تعج بها اصفهان وانهارت بسبب الاهمال او نتيجة استبادلها بمنشآت ومبان عملاقة.
ويعتبر فندق الشاه عباس كنزا ثمينا يمكن للزائر ان يقرأ على جدرانه صفحات من حضارة هذه المدينة التاريخية ويشاهد في ممراته زخارف ومقرضات العصر الصفوي بتشكيلاتها الرائعة.
المئذنتان المهتزتان
قد لا يصدق البعض ان هناك مآذن او منارات تهتز غير انه عند ذهاب اي شخص لمدينة اصفهان وبالتحديد إلى معلم حضاري اثري مشهور في هذه المدينة يرى ما قد لا يصدقه العقل، اذ توجد هناك منارتان تسميان بـ«منار جنبان» تهتز احداهما عند اهتزاز الاخرى، بالاضافة إلى حدوث «هزة محسوسة» في المبنى كله إلى حد ان المشاهد يستشعر ان زلازلا او هزة يعتقد ان الهدف منه مقاومة ارضية تضرب المكان لحظة اهتزاز هاتين المئذنتين اللتين يعود بناؤهما إلى القرن الثاني للهجرة ابان فترة حكم السلالة المغولية، واللافت للنظر ايضا انه يوجد بالقرب من المنارتين قبر لاحد الشيوخ الذين عاشوا في ذلك الزمان، واسمه «عمه عبدالله محمود».
واصل الوفد الإعلامي الكويتي جولته عقب ذلك بزيارة إلى جامع الإمام الخميني، وهو من اروع واجمل المساجد على مستوى العالم اذ يضم باحة اثرية انشئت في بداية القرن الحادي عشر الهجري، وبامر من الشاه عباس الأول، ويتألف هذا الجامعة من ساحة كبيرة و«4» إيوانات اثرية فريدة من نوعها وسميت هذه الايوانات «على قابو، ومسجد الإمام الخميني، ومسجد الشيخ لطف الله العاطي، والاخيرة بوابة لسوق مشهور يسمى القيصرية، بالاضافة إلى زخارف قاشانيه تغطي جدران المسجد والمنابر والقبب ويتجلى فيها عنصر الدقة والابداع والكتابات الجميلة التي كتبت على يد اساتذة في فن الخط في تلك الفترة.
من جامع الامام الخميني اتجهنا صوب المدينة الحمراء التي تقع في منطقة ابيان شمال غرب مدينة اصفهان وسميت بهذا الاسم نسبة للون الصخور الحمراء بها والتي بنيت جميع منازلها وخدماتها بها وفي الوقت نفسه ترتفع هذه المنطقة عن البحر ما يقرب من 1620 مترا مربعا، بينما لا يتعدى عدد سكانها الـ450 نسمة ولا يسمح أهلها بتسكين احد من خارج المنطقة في مدينتهم.
وتصل درجة الحرارة في هذه المدينة في فصل الشتاء إلى 20 درجة مئوية تحت الصفر، وتحتوي على متحف يعود تاريخه إلى مئات السنين ويسمى متحف التراث الشعبي ويوجد به الكثير من الاثار والتحف القديمة.
اخيرا وصل الوفد الاعلامي الكويتي إلى المحطة الأخيرة في جولته بزيارة مدينة كاشان التي تبعد عن مدينة اصفهان ما يقارب الـ150 كيلومترا وتشتهر بصناعة السجاد المعروف عالميا بالسجاد الكاشاني ذي الالوان النباتية الزاهية وتصاميمه الخلابة وخاماته الحريرية التي يروي تاريخ هذه المدينة الموغلة في القدم، حيث يبلغ عمر هذا الفن الرائع ما يقرب من أربعة الاف عام، ويقال ان الفرس كانوا يغطون عرباتهم بالسجاد القرمزي اثناء المعركة حتى اذا سال دم محاربيهم لا ينتبه احد لذلك، ويتميز السجاد الكاشاني الاصفهاني ايضا بنقوشه وتصاميمه المستوحاة من التراث الفارسي العريق والاساطير الشعبية، وتعتبر فترة حكم الملوك الصفويين هي العصر الذهبي لحياكة السجاد حيث كانوا منهمكين ببناء القصور والمساجد والمعاهد العلمية التي تحتاج إلى سجاد يزين ارضيتها، ويقال ان هناك اكثر من مليوني عائلة تمارس مهنة الحياكة للسجاد الكاشاني، وراج انه صنعت في هذه المدينة سجادة ضخمة يبلغ طولها 5 الاف متر مربع، لاحد المساجد في احدى دول الخليج.
محافظ أصفهان: تاريخ المدينة
يعود إلى ما قبل «طوفان نوح»
استقبل محافظ مدينة اصفهان ذاكر الاصفهاني الوفد الإعلامي الكويتي في مقر المحافظة، مؤكدا ان المدينة تعد واحدة من المدن الجميلة في جمهورية إيران الإسلامية، إذ تحتوي على آثار يعود تاريخها إلى القرون الأولى، فضلا عن انها تمتاز بمناظرها وطبيعتها الجميلة الخلابة.
وأشار إلى ان اصفهان كانت عاصمة للبلاد لمدة أربع مرات وآخرها حينما كانت عاصمة للعهد الصفوي قبل 400 عام، موضحا ان ملوك الصفويين كانوا من الأذريين الإيرانيين الذين عاشوا ولايزالون في مناطق شمال غرب إيران.
وقال ان كل ما يشاهده الزائر حاليا من معمار في اطار الأبنية الجميلة التي كانت لها جذور تاريخية منذ عهد الصفويين، كما توجد بالمحافظة آثار أخرى يرجع تاريخها إلى آل زيا والبوهيين والسلاجقة، ممن عاشوا قبل الصفويين، مبينا ان ثمة وثائق في كتب العرب تذكر مكتبة سارويه (700 سنة قبل طوفان سيدنا نوح، ما يعني ان لاصفهان تاريخا ضاربا بالقدم).
وحول العلاقات الكويتية - الإيرانية، قال محافظ أصفهان «انها علاقة وطيدة ويكفي اننا دولتان مسلمتان»، لافتا إلى ان العلاقة تكبر في كل لحظة، مبينا اننا جيران وشعوبنا متداخلة إذ ان هناك الكثير من الكويتيين لهم مصالح واشمار في إيران والعكس كذلك.
جهود مميزة
من المستشار ارشدي
بذل المستشار الإعلامي في السفارة الإيرانية لدى دولة الكويت سمير ارشدي جهدا كبيرا ومميزا طيلة فترة اقامة الوفد الإعلامي الكويتي في اصفهان، حيث حرص على أن يوفر جميع سبل الراحة للوفد، كما ساهم في شرح الكثير من المعالم التي زارها الوفد باللغة العربية، بالإضافة إلى متابعته المستمرة لتحركات الوفد في محافظة
أصفهان، فله منا كل الشكر والتقدير.
قائمقام كاشان: لنكن أمة إسلامية واحدة
تحرّر أولى القبلتين من أيدي الطغاة الصهاينة
استقبل الوفد الإعلامي الكويتي في محل اقامته بمدينة كاشان قائمقام مدينة كاشان السيد حاجي الاصفهاني الذي وصف زيارة الوفد إلى هذه المدينة بأنها زيارة أشقاء لأشقائهم، مؤكدا انهم حريصون دائماً على أن يكون المسلمون أمة واحدة وصفاً واحداً ضد الغطرسة الصهيونية، وان نساهم في تحرير القبلة الأولى للمسلمين «القدس» من أيدي الطغاة المحتلين.
وقال حاجي ان «مدينة كاشان أصبحت تتطور بشكل كبير جدا خصوصا عندما أصبح لها رواد وزوار كثر من جميع أنحاء دول العالم، موضحا انه بمقدور أي مستثمر أن ينشئ مشروعا في المدينة دون أي معوقات تواجهه، ونحن بدورنا نساهم ونساعد كل من يريد الاستثمار في كاشان».
وأضاف «ان مدينة كاشان لها تاريخ عريق بالحضارة يعود إلى 7 آلاف سنة وتحتفظ بآثار ومعالم كثيرة على مستوى العالم، مشيرا إلى ان مساحة هذه المدينة تصل إلى 5 آلاف كيلومتر، وأنجبت الكثير من المعلمين والمثقفين في الرياضيات والعلوم المختلفة، بالاضافة إلى الأدباء والشعراء الذين لهم بصمة على مستوى التاريخ في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ولفت حاجي إلى ان مدينة كاشان تضم مناطق عدة منها: قمصر، ويناسر، وبرزك، وكل واحدة من هذه المناطق تتميز عن غيرها بالمعالم الحضارية والسياحية، مبينا ان المدينة من المدن الصناعية، إذ تضم 750 وحدة صناعية وتعتبر مركزا رئيسيا لصناعة السجاد اليدوي الذي يسمى بالكاشاني، وكذلك هناك الكثير من مختلف المشغولات اليدوية الصناعية.
وأشار إلى ان المدينة تطورت بعد الثورة الإسلامية وأصبحت تستضيف السواح من جميع دول العالم لدرجة انه يزورها خلال الشهر الواحد نحو 14 سفيراً، مؤكدا ان المدينة شهدت نهضة كبيرة في عهد الرئيس الحالي أحمدي نجاد وأصبحت تستضيف في عيد النوروز الإيراني ما يقارب المليون و750 ألف سائح.
ونوه بأن الكثير من الدول بدأت تنافس وتحاول أن تصل بالمستوى العالي الذي تتمتع به هذه المدينة من صناعات يدوية وغيرها وعلى سبيل المثال دولة الصين التي قامت ببناء مدينة سميت بكاشان لتستفيد من هذا الاسم وبدأت تأخذ النماذج من قطع السجاد الإيراني وتحاول تقليده وبيعه على أنه سجاد إيراني.
شكر وتقدير
شكر وتقدير الى كل من: المرشد السياحي في محافظة أصفهان سيد قيصري ومسؤول قسم التأشيرات بمطار أصفهان السيد رضا مصطفاني وإلى مترجم الوفد الدكتور إبراهيم مهمان دوست لما قدموه من تسهيلات وخدمات إلى الوفد الإعلامي الكويتي لدى زيارته لمدينة أصفهان ما ساهم في نجاح مهمته.