ترى لماذا شعر الرئيس الأميركي باراك أوباما بالإحباط في عملية السلام في الشرق الأوسط؟ بالطبع الجواب عن هذا السؤال ربما يكون مؤلماً شيئاً ما، ولكن علينا قبول ما هو على أرض الواقع، فحينما يكون الإسرائيليون والفلسطينيون غير جاهزين لتسوية صراعهما مهما كان حجم الضغط الذي تمارسه واشنطن، والتعنت الإسرائيلي مازال مستمراً برفض المفاوضات في شأن عملية الاستيطان، واحتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية بالقوة والعنف وفرض العنصرية، وعندما لا يكون للقادة الفلسطينيين والأحزاب الأخرى دور فاعل في عملية المصالحة الوطنية، وفشل كل الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس»، كلها في حد ذاتها أسباب لا تخدم القضية الفلسطينية لا من بعيد ولا من قريب، ولا تخدم الشعب الفلسطيني على أرضه المغتصبة، بل ما يثيرنا استغراباً وجود دول عربية أخرى غير مستعدة لحل هذه القضايا مهما كان حجم الضغط عليها! كيف سيكون موقف الرئيس الأميركي باراك أوباما غير فاعل وطموحاته قد أصيبت بالشلل؟ وهذا ما عبر عنه الرئيـــس بـــــاراك قبل أيام معدودات، حيث قال: «ان تحركات السلام التي تقودها الولايات المتحدة متعثرة بسبب النزاع، خصوصا البناء الاستيطاني اليهودي على الأراضي المحتلة».
وهذا بالتأكيد ما أثار توترا في الروابط بين واشنطن وحليفها الوثيق إسرائيل، فضلاً عن الانقسامات بين الفلسطينيين، مضيفاً في الوقت نفسه، ان بعض الصراعات في المنطقة تجعل الولايات المتحدة شبه عاجزة عن تحقيق تقدم في عملية السلام، ولا يمكنها فرض حلول ما لم تكن أطراف هذه الصراعات مستعدة لنبذ الأنماط القديمة للعداء! ففي الواقع لا يوجد أي تقدم بين الطرف الفلسطيني والطرف الإسرائيلي لبدء محادثات سلام غير مباشرة، ولم يقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي تنازلات تذكر في المحادثات مع أوباما في البيت الأبيض الشهر الماضي.
لقد اعترف الرئيس أوباما أخيراً بأنه هوّن من شأن العقبات أمام استئناف عملية السلام، والتي استعصت على كثيرين من الرؤساء الأميركيين السابقين، بينما وصف البعض من منتقدي نهجه بأنهم سذج! وقال أوباما: «ان التقدم في قضايا مثل السلام في الشرق الأوسط وخطر الانتشار النووي ونزع السلاح النووي ينبغي ألا يُقاس بالأيام أو بالأسابيع، بل انه يتطلب وقتا كافيا، وسيكون هناك توقف في التقدم، وستكون إحباطات متتالية»، ولكن على أي حال تبقى للرئيس أوباما النية في تغيير مفاهيم استراتيجية السلام في الشرق الأوسط وذلك إن عجز عن إصلاح الصراع في المنطقة.
ومن جانب آخر، طالب سياسيون متخصصون في الشأن الفلسطيني بإنهاء ملف الانقسام السياسي على مستوى قادة وأحزاب فلسطين بشكل عاجل، والعمل على تشكيل خلية أزمة في مواجهة المخططات والأطماع الإسرائيلية، مع ضرورة الاهتمام بالإعلام الفلسطيني كوسيلة من وسائل الحرب والسلام، مشددين على ضرورة العمل على ايجاد رؤية علمية مهنية لتفعيل «المتغير الفلسطيني» في البعدين الاقليمي والدولي، حيث ان الوضع الفلسطيني الداخلي مازال في مكانه لغياب وحدة الصف، ويجب تفعيل مستقبل عملية التسوية وثنائية الاستيطان الإسرائيلي والمفاوضات والانقسام السياسي وانعكاساته على الساحتين العربية والدولية، وتلك من أهم القضايا التي يجب ايجاد حلول مناسبة لها، كونها تؤثر تأثيراً مباشراً على مستقبل القضية الفلسطينية، والقضية الفلسطينية تواجه حكومة يمينية متطرفة ومتعنتة، تعتقد انها فوق الموقف الدولي، لذا نلاحظ منذ زمن، رفضها الدائم لعملية التسوية، متعذرة بذلك عدم وجود شريك فلسطيني لتتفاوض معه، بالإضافة إلى وجود برنامج صهيوني معلن صرح به ليبرمان قائلاً: انه سينهي القضية الفلسطينية من الوجود! طالما تعد مشكلة، ولكن الــــسؤال هنا: هل ســـــتبقى الســلطة الفلسطينية على إيقاعها السياسي أم انها ستنتج خلية أزمة لمواجهة التعنت الإسرائيلي؟ علينا أن ندرك أن واقع القضية الفلسطينية لم يتغير منذ أعوام مضت باستثناء الجديد وهو العمل في البنية التحتية لبناء الدولة الفلسطينية وبناء مؤسساتها، بينما في واقع الحال، لم نر أي تنازلات فلسطينية من أجل الوحدة الوطنية ومن أجل حل القضية العالقة، والذي يبقى في النهاية دائماً وأبداً هو صمود الشعب الفلسطيني على أرضه ليكافح الاحتلال.
ويبقى السؤال هنا: هل هناك نية فعلية لإحداث متغيرات فلسطينية ذات رؤية استراتيجية موحدة على أرض الواقع في القريب العاجل؟ لكل حادث حديث.
علي محمد الفيروز
كاتب وناشط سياسي
alfairouz61_alrai@yahoo.com