الكتل البرلمانية في مجلسنا الموقر كثرت وتعددت غاياتها ووسائلها، وعلى ضوء تلك الغايات بني نهجها وخطابها السياسي، ولأني هنا لا أحبذ الخوض وإضاعة وقت القارئ في الحديث، أو المقارنة بين الكتل البرلمانية عديمة الفائدة أو قليلة الجدوى، فإنني سأقارن اليوم بين أفضل الكتل البرلمانية ألا وهما كتلتا «التنمية والإصلاح» و«العمل الشعبي».
«التنمية والإصلاح» تكونت من ثلاثة أكاديميين لهم تجربتهم النيابية الفاعلة وهم الدكتور جمعان الحربش، والدكتور وليد الطبطبائي، والدكتور فيصل المسلم، وانضم لهم لاحقاً النائب الفاضل فلاح الصواغ، والذي حاز في الانتخابات الأخيرة المركز الأول في دائرته والكويت، أما «التكتل الشعبي» فتألفت في هذا المجلس من ثلاثة نواب أيضاً هم النائب الفاضل أحمد السعدون، والنائب الفاضل مسلم البراك، والنائب الفاضل خالد الطاحوس، وانضم لهم لاحقاً النائب الفاضل علي الدقباسي. هذا من حيث التكوين للكتلتين وهناك نواب أفاضل في البرلمان يتسقون مع طرح الكتلتين رغم عدم انضمامهم لأي من الكتلتين.
يرتكز خطاب كتلة «التنمية والاصلاح» على أمرين مهمين ألا وهما الأخلاق وحماية المال العام بينما، يرتكز خطاب «التكتل الشعبي» على حماية المال العام، ولا يحبذ أعضاء «التكتل الشعبي» الخوض في القضايا الفكرية والأخلاقية، رغم تصويت أعضائه بالموافقة على إنشاء لجنة الظواهر السلبية، إلا أنهم لم يسعوا لإنشائها أصلاً، وكذلك الموقف ينسحب على القضايا الأخلاقية في المجتمع فهم لا يدفعون بها إلى الواجهة وتبنيها ابتداءً، لكنهم في الوقت ذاته لن يقفوا ضدها إن وجدت، وهذا الأمر مشاهد ومعلوم لدى كل متابع لمواقفهم في البرلمان.
لقد نجح نواب «التنمية والاصلاح» في رص صفوفهم وتوحيدها في قضايا المال العام، خصوصاً موضوع الخصخصة فلقد كانت الكتلة واضحة في طرحها سابقة لغيرها ما جعل بقية النواب الافاضل في البرلمان يسيرون بركبها، بل ويطالبون بالتعديلات ذاتها التي تقدمت بها كتلة «التنمية والاصلاح»، بينما كان موقف «الشعبي» هذه المرة مرتبكاً حول قضية هي من ركائز منطلقاته، ألا وهي قضية المال العام، ولكن سرعان ما تدارك نواب «الشعبي» الموقف وطالبوا بتعديلات على القانون بعد موافقة النائب أحمد السعدون عليه في المداولة الأولى.
أيضاً نجح نواب «التنمية والاصلاح» في التصدي لقضية «الرافال» وهي إحدى قضايا الهدر في المال العام، واستطاع نواب «التنمية والاصلاح» أن يصححوا مسار الصفقة، وأن يصعدوا الموقف ويلوحوا باستجواب وزير الدفاع إن أقرت الصفقة الأمر الذي جعل نواب كتلة «العمل الشعبي» يصرحون بأنهم سيكونون طرفاً في استجواب الدفاع المقدم من كتلة «التنمية والإصلاح»، الأمر الذي يوحي للمشاهد بأن «التنمية والإصلاح» أخذت بزمام المبادرة وقيادة المجلس للقضايا التي تؤمن بها الكتلة، وكذلك هذا المؤشر يدلل على مدى القبول والمصداقية التي يتمتع بها نواب هذه الكتلة ما جعل بقية الكتل تسعى لمشاركتها في ما تقدم من قضايا تهم الرأي العام.
لقد نجح نواب «الشعبي» طوال الأعوام الماضية، وحتى اليوم في دفاعهم عن المال العام وتعريتهم لكل من حاول المساس به، وهذا النجاح الذي كانت تتفرد به كتلة «العمل الشعبي» أصبح اليوم يحسب لكتل أخرى سارت بكل جد واجتهاد في طرح قضاياها وعلى رأس تلك الكتل كتلة «التنمية والإصلاح» التي أصبح لخطابها السياسي ونهجها أبلغ الأثر لأنها جعلت من ضمن أولوياتها المحافظة على «أخلاق الأمة وأموالها»، وبينما ركز الآخرون على الأموال بعيداً عن الأخلاق، وبالغ طرف ثالث في المحافظة على الأخلاق بعيداً عن حماية الأموال، وتفرغ فريق رابع في مجلسنا الموقر ليكون جزءاً لا يتجزأ من أجندة الحكومة.
في السياقكل الشكر والتقدير لنواب الكتلتين «التنمية والاصلاح» و«الشعبي» ونشد على أيديهم في ما هم ماضون من أجله ونتمنى أن يضيف «الشعبي» مشكوراً قضايا الأخلاق لأجندته كما هو في حماية المال العام.
فهيد الهيلم
alhailam@hotmail.com