«تحديث مسارات عملية السلام»... رسالة إلى من؟ / 12

تصغير
تكبير
أوري سافير






مثل لعبة في يد طفل، يبدو مصير الإنسانية الآن في يد تجار الحروب، أصبحت الكلمة العليا للأصوليين، هنا وهناك، في العالمين العربي والغربي. وكل له مبرراته ومنطقه، لكنه في النهاية منطق لا يعترف بالحوار، يتحدث بالسلاح وهدفه الوحيد الموت والدمار.

ومع اتساع رقعة الحروب يومياً، تأتي الدعوات إلى السلام خافتة الصوت، الانفجارات والقتل المجاني يدمر الفرص كلها، واحدة وراء الأخرى، وإن لم يقف الجميع بلا استثناء في وجه هذا ستأتي لحظة تجرف فيها الرغبة الجنونية في الانتقام كل شيء.

هذا الكتاب «السلام أولاً - تحديث مسارات السلام»، والذي تنشره «الراي» مسلسلاً، يكتسب أهميته من أنه يأتي من قلب واحدة من أكثر المناطق في العالم المسببة لدوامات من النزاع تمتد إلى كل مكان، فهناك اتفاق شبه كامل بين جميع المفكرين والسياسيين العالميين على أن حل القضية الفلسطينية هو الخطوة الأولى نحو سلام عالمي، وأن كل ما يتم متجاهلاً هذا لا قيمة له على أرض الواقع.

الكتاب من تأليف أوري سافير وقام على ترجمته بدر عقيلي ويصدر عن دار الجليل للنشر بالأردن، ومؤلفه بالإضافة إلى أنه شغل منصب أمين عام وزارة الخارجية من عام 1993 حتى عام 1996، فقد رأس الوفد الإسرائيلي في مفاوضات أوسلو، غير أن كتابه هذا ليس مجرد شهادة عن ذلك الحدث، ولا هو بالأوراق التي تكشف كواليس ما دار بين الفلسطينيين والإسرائيليين والأميركيين، الكتاب يحاول تقديم رؤية مختلفة لما يجب أن تكون عليه عملية السلام، منطلقا من أنه لم يعد هناك خيار آخر، مشيرا إلى ما على إسرائيل التعامل معه بعد انهيار قدرتها الخارقة في الحرب اللبنانية الثانية، ومع التورط الأميركي في العراق الذي يعيد التذكير بفيتنام.

يطالب سافير بإعادة النظر في آلية السلام التي لم تتغير منذ القرن التاسع عشر، يؤكد على ضرورة تطويرها، اتساقا على الأقل مع التطور الذي حدث في وسائل الحرب، ومع العولمة التي فككت شكل الدولة وقدراتها.

غير أنه ومع الملاحظات اللافتة التي تتناثر على طول فصول كتاب سافير، ومع ضرورة التفاعل معها، إلا أن أسئلة عدة تظل أيضاً في حاجة إلى إجابة: هل اقتنعت إسرائيل أخيراً بأن عملية السلام هي الحل الوحيد، أم أن هذا الكتاب لا يمثل سوى وجهة نظر مؤلفه؟ والسؤال لا يثيره فقط صلة المؤلف بالحكومة الإسرائيلية إنما أيضاً لأن إسرائيل تعتمد في رسم سياستها الخارجية، مثل أميركا، على مجموعة من المؤسسات والأكاديميين، فهل يأتي الكتاب في هذا التوقيت لهذا السبب؟ وهل نعتبر أن إسرائيل قد آمنت بالفعل بالسلام أم أن الأمر لا يعدو كونه سياسة مرحلية لمواجهة ما يسميه الكتاب «الإرهاب»، وما هو مصير الدولة الفلسطينية وفق هذه الرؤية؟ والسؤال الأبعد بخطوة هل هذا الإيمان المفاجئ بالسلام إسرائيلي فقط أم يشمل أيضاً الحليف الأهم...أميركا؟ وهل الكتاب يمثل رسالة إلى الداخل الإسرائيلي؟ أم إلى الشريك الفلسطيني والعربي؟

تلك الأسئلة وغيرها يثيرها الكتاب، لهذا فهو في حاجة إلى قراءة مدققة وتحليلية من قبل السياسيين والمفكرين العرب.




ما شـروط عـقـد الـسـلام العـصـري؟

عقد السلام العصري يجب أن يشتمل على جميع العوامل التي حللناها في عجالتنا حتى الآن: حلول ديبلوماسية خلاقة، تسوية أمنية شاملة، ونشاطات لإحلال السلام بين الطرفين الراغبين في إحراز السلام التعاوني وعولمة محلية وبيئة سلام، وبناء السلام. ويجب على عقد السلام العصري أن يضم حوالي عشرة أجزاء حقيقية، وأن يكون عقداً دائماً على الصعيد المبدئي وفي بنيته وفي الوقت نفسه عليه ملائمة نفسه مع الوضع، كي يتمكن من أن يعكس خصائص المنطقة التي يجري الحديث عنها.


علاقات الكونفيديرالية

ينبغي أن نتطرق في قسم المدخل من العقد إلى هدف العقد، مصالحة وتعاون وليس وقف الحرب فقط. ويجب أن يشمل هذا البند على مبادئ مثل الاحترام المتبادل والمساواة، تقدير واحترام حقوق الإنسان والفوارق الحضارية والدينية، والتي يمكن أن ننسبها للمواثيق والقرارات ذات العلاقة الصادرة عن الأمم المتحدة. كما يجب الإعلان في المدخل عن رؤيا شاملة للمدى البعيد مع الإشارة إلى موضوعات مثل الدمج الاقتصادي، والعلاقات الكونفيديرالية، مناطق مشتركة...

وينبغي أن نحدد في القسم الثاني من العقد «علاقات السلام» وأن نضمنه إقامة العلاقات الديبلوماسية والقنصلية فوراً، بما فيها إقامة سفارات في العواصم الملائمة والتي يمكنها أن تكون عاملاً مساعداً خلال مسيرة إحلال السلام دون الانتظار للتطبيق الكامل لعقد السلام. وينبغي تقدير علاقات السلام بمصطلح القضاء على العوائق التي كانت قائمة خلال النزاع، وإقامة علاقات في مجال الاقتصاد والمجتمع والسياسة والثقافة. ويجب على هذا الفصل أن يمهد الطريق للتعاون المحتمل والواسع جداً بين قطاعات مختلفة يشارك فيها لاعبون مختلفون، بما فيها منظمات غير حكومية ومؤسسات أكاديمية، والسلطات المحلية، والمؤسسات الصحفية والشبيبة والثقافة. وبمعنى آخر لا يجب الحد من تمثيل أي دولة من الدولتين وقصره فقط على الممثلين السياسيين الرسميين.


آلية مالية

يجب أن يهتم القسم الثالث من العقد بالعلاقة القائمة بين المنطقة التي تعتبر لب النزاع وبين المناطق الأوسع المحيطة بها. وينبغي في هذا القسم تحديد أطر إقليمية واسعة بحيث تضفي على اتفاقية السلام المزيد من الشرعية وتدعمه. وفي هذا الإطار يجب على التعاون أن يرتبط بالعلاقات الديبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن يشمل عدداً من المؤسسات الإقليمية: مجالس تشريعية، مجالس وزراء خارجية ومجموعات اقتصادية عامة وخاصة.

كما يجب تشكيل آلية مالية صندوق سلام إقليمي لتمويل مشروعات إحلال السلام وسيتوجب على هذا الصندوق العمل مع جهات موجودة في مركز منطقة النزاع لبناء مقدرتها وإقامة مشاريع مختلفة. رغم حقيقة أن هذه البنى والنشاطات الإقليمية تصبح عموماً ذات علاقة مهمة فقط في أعقاب عملية التطبيق لحل النزاع، إلا أن الحرص على ذكر الإطار الإقليمي في الأقسام الأولى من الاتفاقية يدل على أن السلام الإقليمي هو جزء لا يتجزأ من السلام في مركز منطقة النزاع، وأن المنطقة تؤيد جهود إحلال السلام.

إعادة ترميم اقتصادي واجتماعي لمنطقة النزاع هي مسألة ضرورية لإحلال السلام الدائم، لذا يجب على اتفاقية السلام أن تصبح بمثابة وسيلة لضمان تطور اقتصاد الحرب إلى مجموعات اقتصاد سلام مثمرة ومرتبطة ببعضها البعض بوسائل من التعاون. ويجب على العقد أن يتطرق في الفصول إلى الوسائل التي ستستخدم لإزالة الحواجز القضائية والمادية من الصلات الاقتصادية المحتملة، والوسائل التي يجب على كل طرف اتخاذها بغية ترميم منطقة النزاع (التطرق إلى تحسين البنى وإعادة تطويرها من جديد)، أضف إلى ذلك أنه يتوجب على الأجهزة الاقتصادية العمل وفقاً لمعايير اقتصاد سوق حر، ذلك أنه يجب على المؤسسات الاقتصادية لكل طرف أن تكون فعالة ومراقبة ومسؤولة، وتوفر المحفزات الضرورية للمستثمرين المحليين والأجانب.

يجب على سياسة ميزانية كل طرف أن تعكس الانتقال إلى اقتصاد السلام، خصوصاً عبر تقليص ميزانية الدفاع وزيادة الميزانيات في المجالات الاجتماعية والتعليمية والبنية التحتية. ولا شك أن الأمر كان سيصبح نموذجاً لو تم وضع تصورات لميزانيات من هذا النوع في العقد، بيد أن المنتقدين كانوا سيعربون عن احتجاجهم وسيقولون أنه لا يجوز أن يكون هناك خلط بين اتفاقيات السلام والسياسات الداخلية.

وبالصورة نفسها يمكننا القول إن الترتيبات الأمنية ونشر القوات هي قضايا تتعلق باتخاذ القرارات الداخلية. لكن هذه العوامل كانت دائماً شرعية في عقود السلام التقليدية، ولسنا نجد أي سبب يحول دون التعامل مع تقديرات الميزانيات بصورة مختلفة.

يجب على النخبة السياسية أن تضع النمو الاقتصادي على رأس جداول الأولويات بوصفه عاملاً رئيسياً في مسيرة السلام، يجب تحويل الاقتصاد إلى اقتصاد عصري وتعزيز المعرفة، وخصوصاً في مجال الصناعات الإلكترونية الدقيقة بغية خوض المنافسة في السوق العالمي. وفي الوقت نفسه يجب على العقد ضمان حركة حرة للأشخاص والبضائع حتى لو كان الأمر رهنا بتحمل مخاطر أمنية، نظراً لأن حرية حركة من هذا القبيل على المدى البعيد، ستعزز السلام والأمن.

تسهل البنى والعوامل التي تربط بين الجانبين مثل الطرق وخطوط السكك الحديدية، والممرات الجوية والبحرية وشبكات الكهرباء والمياه المشتركة وغيرها، في بناء الأسس الضرورية لإقامة علاقات تبادلية وتعاون، وتساعد في الحركة الحرة للأشخاص والتجارة، وتستخدم البنى التي تربط بين الطرفين كقاعدة للمشروعات الاقتصادية المشتركة المهمة وهي خاصية أخرى يجب أن تظهر في اتفاقية السلام العصرية. وينبغي التطرق إلى مثل هذه المشروعات بإسهاب دقيق بغية التأكيد على قيمتها الاقتصادية والاجتماعية بالنسبة للطرفين، ولتمهيد الأرضية للعمل المشترك، ولإعطاء نماذج للجماهير عن ثمار السلام وكيف ستبدو. ومن الجدير بالذكر أن هناك أهمية كبيرة جداً للسياسات البيئية خلال التعاون الإقليمي.

إن الأمر الذي يعتبر أهم من الترميم المادي لمناطق النزاع هو إعادة ترميم وتأهيل سكانها ويجب على هذه الخطوة التي تعتبر حيوية في جميع المسيرات السلمية أن تتجسد في صورة تقديم مساعدات لكل من تضرر وبقيت لديه العديد من الندب والجراح جراء النزاع. ومن المهم أن يلتزم الطرفان بالاستثمار وبذل الجهود في القطاعات الضعيفة من المجتمع أولئك الأشخاص الذين قد يصبحوا ضحايا لمسيرة السلام، وبناء على ذلك يجب على ثمار السلام أن تتحرك من الأدنى إلى الأعلى بدءاً من النازحين، اللاجئين، المعاقين، العائلات الثكلى والأسرى وما شابه.


التخطيط للمستقبل

بناء السلام بين الأعداء السابقين هي المسألة التي يجب أن يتطرق إليها الفصل المقبل من عقد السلام العصري. هذا ولا توجد على الصعيدين النظري أو العملي أي خطوط واضحة تميز بين الانتعاش الاقتصادي وبناء السلام والسلام الموزع (العولمة المحلية) وبيئة السلام، ففي حقيقة الأمر فإن كل هذه العوامل متشابهة في أهميتها. وتتطرق عمليات الترميم والإنعاش الاقتصادي إلى تلك الوسائل الاقتصادية المتخذة من قبل كل طرف على حدى ومن قبل الطرفين في آن واحد في طريقها للانتقال إلى اقتصاد السلام.

وعملية بناء السلام تتطرق إلى الموارد المستثمرة والمشروعات التي يتم تنفيذها من أجل نجاح مسيرة السلام. إن السلام الموزع «العولمة المحلية» يربط بين نشاطات السلطات المحلية والمنظمات غير الحكومية، وبين النشاطات المدنية والحكومية على الساحة المحلية.

إن بيئة السلام ترمز للمشروعات والوسائل التي يتم اتخاذها من أجل إحداث تغيير بيئي في المزاج الإقليمي السائد في كل ما يتعلق بقيمة السلام. إن العمل لبناء السلام يجب أن يتم بالتساوق مع الجهود الديبلوماسية المبذولة، فالأساليب الديبلوماسية تستخدم من أجل حل مشاكل الماضي، في حين أن عملية بناء السلام مرتبطة بالنشاطات ذات الصلة بالتخطيط للمستقبل.

وبالإمكان حساب هذه النشاطات التي تحسن مستوى الحياة وفقاً لنماذجها بوصفها عاملاً يسهم في الازدهار، بل وهي قادرة على إنقاذ الحياة. وبناء على ما أوردناه، فإن التعاون في مجال التغذية والصحة هو تعاون ذو أهمية كبيرة للغاية.

إن التطوير المشترك لبنية الموارد المائية، سواء أكانت مياه الشرب أو الزراعة، هو تعاون جوهري في العديد من المناطق التي كانت غارقة في النزاعات وتعاني من النقص في المياه أو الجفاف، ونظراً لأن الكثير من النزاعات تقع في الكثير من الأحيان على خلفية أزمات التطوير فإن التطوير الزراعي يصبح عاملاً مهما في النشاطات المشتركة لصالح بناء السلام. ويمكن لهذه العملية أن تشمل مشروعات لتوفير الغذاء، وكذلك مشروعات نصف بلدية والتي تولد أماكن عمل وتحول الصحراء إلى خضراء.

ومشروعات بناء السلام المرتبطة بالصحة تهتم بصورة طبيعية بالحياة، وبكل ما يتنفس، وبمقدور كل طرف أن يقدم خدماته وتجربته المختلفة، مثل الطب الذي يتيح للمعالجين الاستعانة بالمستشفيات على جانبي حدود النزاع.

ويجب تنفيذ مشروعات بناء السلام أيضاً في مناطق حدودية خاصة التي تدار من قبل الدولتين معاً، مثل المناطق السياحية أو أماكن الجذب الأخرى مثل البحيرات الصناعية والأماكن الخاصة بالأولاد وغيره والتي تحول الحدود إلى حدود سلام، ويمكن لهذه المشروعات أن تشمل مناطق صناعية مشتركة تمنح الحوافز للمستثمرين بما فيها اتفاقيات تجارية خاصة داخل المنطقة وخارجها.

وبفضل مزايا التجارة الحرة بمقدور المناطق الصناعية التمتع بالناتج الاقتصادي ونشر ثمار السلام. إن هذا القسم من عقد السلام يجب أن يشتمل على تفاصيل حاسمة وعملية.

وهناك عامل آخر مهم في بناء السلام، يتمثل في مشاركة الشبيبة والأولاد في المشروعات نظراً لوجود تهديد حقيقي على حياة الجيل القادم في المناطق التي عانت من النزاعات. مثل تطوير حدائق على أيدي الشبيبة لصالح الأطفال الصغار والمعدة للاستجابة لنشاطات نموهم، أو مشروعات في مجال الموسيقى والإنترنت. أضف إلى ذلك فإن تشغيل الشبيبة هو أمر مهم من أجل تطوير الاقتصاد وتقليص معايير البطالة، ولا شك أن عمليات التوجيه المشتركة في هذا المجال تعتبر بمثابة نشاطات مهمة لبناء السلام. فالكثير من الشبان ممن لا تزيد أعمارهم عن ثماني عشرة عاما يعتبرون كبالغين وأقوياء للدرجة التي يمكن معها استخدامهم كجنود خلال النزاع، من أجل أن يمارسوا عمليات القتال والقتل. إن هؤلاء الشبان ناضجون بما فيه الكفاية للعمل مع أعدائهم السابقين من أجل السلام. إن عمليات بناء السلام تتغير وفقاً للاحتياجات، وهذه الاحتياجات يجب أن تبدو في عقد السلام العصري، في حين أن الحاجة الأساسية للسلام يجب أن تكون صاحبة التأثير الأقوى.


ميناء التقدم

السلام الموزع (العولمة المحلية) هو الاستمرار الطبيعي لبناء السلام وهو يتعامل مباشرة مع اتجاه الانتقال إلى السلام التعاوني. إن ديموقراطية السلام، أي إشراك أكبر عدد ممكن من الممثلين المؤيدين والذي يشاركون في المسيرة السلمية، تقيم لنا المنطقة المفترضة الأساسية القائمة في العولمة المحلية كجزء من عقد السلام العصري.هناك ضرورة في كل مسيرة إلى ميناء ينطلق منه التقدم، وفي حالة العولمة المحلية، فإن المدينة تتحول إلى ذلك الميناء الذي يمكن فيه إسقاط خطوط الفصل وخلق التعاون الذي يصبح فيه المواطنون هم من يحصد ثمار السلام. ونظراً لأن الوضع على هذا النحو، يجب أن يكون التعاون بين البلديات متفاعلاً في عقد السلام العصري: ويجب التأكيد في العقد على العلاقة بين عشر مدن على الأقل على جانبي حدود النزاع، ويجب أن يتم تحديد النشاطات التي ستجري فيها بشكل جيد في العقد: تشكيل لجنة تنسيق تتم إدارتها على أيدي رؤساء المدن على جانبي حدود النزاع بغية تجنيد عمال من السلطات المحلية للعمل المشترك.

اختيار عشرين مدينة على جانبي الحدود وفقاً لمعايير مختلفة، بما فيها الحجم، القرب الجغرافي، المقدرة الاقتصادية، طابع رئيس البلدية، ومعايير أخرى، على سبيل المثال إذا كانت المدينة تقوم على ساحل البحر أو ميناء.

اختيار عشر مدن أخرى خارج منطقة النزاع ذات معالم خاصة: ثرية، وفيها رئاسة بلدية جدية، وبيئة سلام. بلورة عشرة مثلثات بلديات بغية إبرام اتفاقيات ثلاثية الأطراف يتم التركيز فيها على التطوير والسلام وبناء مقدرة بلدية، وبواسطة هذا المثلث ستتبادل المدن فيما بينها أساليب العمل الجيدة، وستبلور برامج توصية مشتركة وذات علاقة بالقضايا البلدية المختلفة.

تطوير مشترك لسلطة محوسبة عبر إقامة برامج على الإنترنت لتحسين الخدمات للمواطنين بما فيها هيئة مشتركة تساعد المدن في إقامة الصلة فيما بينها. مد خطوط هاتف أحمر بين رؤساء البلديات كي يتمكنوا من الاتصال ببعضهم البعض، وللإشراف على البرامج ومعالجة الأزمات المحتملة. إقامة علاقات بين الغرف التجارية في مثلث المدن للمساعدة في التفاعلات الحادثة في القطاعات التشغيلية. إقامة صلة بين المراكز الطبية بغية إتاحة الفرصة لتبادل المعلومات المهنية بين الخبراء. إعداد برامج لتبادل الشبيبة في المدارس الثانوية والبلدية لمثلث المدن الثلاثة لتشجيع الحوار والمشروعات المشتركة وتطوير تفاهم أفضل بينهم. تشكيل مجالس شبيبة قادرة على التأثير على جداول الأعمال البلدية في قضايا الشبيبة ولتحسين العمل في المشروعات المشتركة بين المدن. تبادل الطلبة بين المؤسسات الأكاديمية لأغراض الأبحاث المشتركة. تبادل ثقافي في مجالات الفنون المختلفة، بما فيها المسرح والسينما والموسيقى. تبادل بين النوادي الرياضية في المدن الثلاثة، مع التشديد على توجيه الأولاد والشبيبة. تطوير مشروعات نصف بلدية في ضواحي مدينتين خارج إطار منطقة النزاع بمساعدة مدينة ثالثة، ويجب أن تكون مثل هذه المخططات بمثابة محفز لخدمات العمالة والخدمات الاجتماعية الخاصة بتحسين الترابط بين القرية والمدينة. إن قائمة الاقتراحات آنفة الذكر في بند العولمة المحلية من عقد السلام ليست قائمة كاملة، ورغم ذلك من المهم أن يكون هذا البند مفصلاً وموسعاً بغية إتاحة الفرصة للتطبيق والدمج حيث ينبغي أن نرى في تسويات التعاون المفصل بين جهات مختلفة في المجتمع المدني، بمثابة عامل مركزي في (إحلال السلام) إلى جانب العامل الآخر، الأمن. وإذا ما أردنا أن يظل السلام دائماً يجب تخطيط وتنفيذ سلام تعاوني بصورة جدية، أضف إلى ذلك أن توزيع السلام هو بمثابة مسألة إلزامية في هذا العهد الذي يتسم بالتحول إلى بلديات بسرعة كبيرة، وهدف هذا التوزيع ضمان تغلغل السلام في جميع مناحي المجتمع وليس فقط خدمة النخبة.

 

التخلص من سموم الحرب

على عكس البنود الأخرى في عقد السلام العصري التي تهتم بالترميم المادي للمناطق المحيطة بالنزاع، فإن هذا البند يعمل من أجل خلق بيئة السلام وبالترميم الاجتماعي للجماهير، كما يتعامل مع التغيير الذي يطرأ على علاقات المدنيين الواحد بالآخر وتخلصهم من السموم التي حقنتها فيهم الحرب الواحد تجاه الآخر. ويميل النزاع للتغلغل في المزاج العام ولذاكرة المواطن ويتيح الفرصة لأحاسيس الشكوكية والعداء والضياع والألم والكراهية والصدمة للسيطرة عليهم لأجيال طويلة.

وإذا لم يطرأ تحول على المزاج السائد في حالات ما بعد النزاع فلن يحل السلام الدائم أبداً. يجب على هذا الجزء من عقد السلام العصري أن يشمل العوامل المعدة لتسريع الانقلاب، ونورد فيما يلي تلك العوامل: القيام بحملة علاقات عامة مشتركة بقيادة ممثلين متخصصين في مجال العلاقات العامة من الجانبين، وتقوم هذه الحملة بتسويق لغة إعلامية مشتركة جديدة والتي ستؤكد على الجدوى القائمة في السلام، وتثير مشاعر ثقة وشراكة دائمة مع العدو السابق. الإعراب عن الالتزام من جانب القيادة لتحديد لغة حوار بناءة، بما فيها المقابلات الدورية مع وسائل الإعلام للطرف الآخر. إجراء تغييرات في البرامج التعليمية التابعة لوزارة المعارف لتشجع تثقيف التعايش المشترك بسلام، مع القضاء على الدلالات السلبية للعدو السابق. ويجب منح الشرعية للعدو السابق في المؤسسات التعليمية والعمل على اجتثاث العنف من البرامج التعليمية اجتثاثاً تاماً. إعداد برامج تبادل ثقافي بغية تشجيع التفاهم والاحترام المتبادل، بما فيها التعابير الفنية المتنوعة في قضايا عدة، ويجب أيضاً دعم المشروعات الثقافية المشتركة عبر بناء صندوق ثقافي مشترك والعمل على تحسين الأخذ بنظرية الثقافات المتعددة. التأكيد على المشروعات المشتركة المختلفة من قبل وسائل الإعلام. تشغيل الشبيبة كعامل مسرع لإحداث التغيير ولخلق جداول أعمال سلام مثلما أشرنا سابقا.








... الراحل يلقي كلمته أمام الكنيست الإسرائيلي



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي