البقاء للمصطلح الأصلح... ونقاء اللغة سيدفعها للموت

تصغير
تكبير
| القاهرة- من أحمد شوقي |
قال المترجم السوري بدر الدين عَرَوْدَكي: إن مشكلة المصطلح متعلقة- شئنا أم أبينا- بالوضع السياسي، فالعالم العربي الآن في حالة تجزئة سياسية وتشرذم ثقافي، وبالتالي لابد أن تكون هناك فوضى في المصطلح، جاء ذلك خلال الجلسة البحثية التي أقيمت ضمن فعاليات مؤتمر «الترجمة وتحديات العصر» الذي يقيمه المركز القومي للترجمة بمصر، عن أزمة المصطلح، وشارك فيها كل من المترجمين: بدر الدين عَرَوْدَكي، وعدنان الحموي، وهاشم صالح، وأستاذ الفلسفة الدكتور مجدي عبد الحافظ.
وأضاف «عَرَوْدَكي»: إن هذا التشرذم الثقافي هو ما يجعل بعض دور النشر الكبيرة تترجم كتابا واحدا تختلف فيه تسمية المصطلح الواحد مرات عدة، بل ويحدث أكثر من ذلك، فقد قامت إحدى دور الترجمة ذات مرة بترجمة ندوة ألقيت بالفرنسية وكان المحاضر قد ضمَّنها بعض آيات القرآن مترجمة إلى الفرنسية، ولما جاء المترجم العربي لنقل المحاضرة إلى العربية ترجم آيات القرآن مرة أخرى من الفرنسية إلى العربية، بدلا من نقلها عن العربية.
وتساءل «عَرَوْدَكي»: كيف يعثر المترجم على كلمة توازي الإيحاءات التي يولدها المصطلح الأجنبي في الفنون التخيلية كالقصة والرواية وفي العلوم الفلسفية والإنسانية، وقال: «إذا افترضنا أنه على المترجم أن يحاول إدراك ما يحاول الروائي أن يشير إليه من وراء اختياره للكلمة، فستصبح الترجمة وقتها مستحيلة، فنحن لا يمكننا قراءة الرواية كما يقرأها قارئ لغتها الأصل، فمثلا «كافكا» كان يقص على أصدقائه فصولا من رواياته فتجعلهم يقهقهون لساعات متأخرة من الليل، لكننا لا نرى ذلك في الترجمة الفرنسية الأولى لأعماله، وفي ترجمة العلوم الإنسانية نجد نفس المشكلة».
ومن جانبه، تحدث رئيس تحرير مجلة العلوم الكويتية الدكتور عدنان الحموي، عن الترجمة العلمية ومشاكل المصطلح، مشيرا إلى أنه ما لم تسارع أمتنا بأقصى طاقتها، وفق خطط استراتيجية رصينة إلى نقل العلم إلى لغتنا من أجل توطينه في المجتمع وتعميم نفعه، فلن نتمكن من مواكبة التقدم العلمي في العالم، بل وسنتراجع أكثر فأكثر أمام المد المعرفي المتسارع الذي يتميز به هذا العصر.
وأشار إلى أنه من الطبيعي... أن تواجه الترجمة العلمية مشكلة المصطلحات بدرجات متفاوتة ويرجع ذلك لطبيعة ما تتناوله ومستواه، ولفت إلى أن عدم توحيد المصطلحات العلمية العربية... فإنه لا مناص لهذه الترجمة إلا الاعتماد على المصطلحات التي شاع استعمالها، وإن لم تكن من بين ما يرد في المعاجم التي تعج بها المكتبة العربية، والتي اختلطت فيها المصطلحات وتضاربت، إذ لجأ أغلبها إلى التوسع الفردي لاختيار ما يروق لمؤلفيها من مقابلات لهذه المصطلحات.
وعلق المترجم السوري صالح هاشم، قائلا: «هناك حقيقة خطيرة جدا وهي أن اللغة العربية قد تبدو للبعض غير قادرة على أن تكون لغة علم، وقد يراها البعض مهددة بشكل من الأشكال»، أستاذ الفلسفة الدكتور مجدي عبد الحافظ، قال: «عندما أسمع من يتكلمون عن الخوف على اللغة بهذا الشكل أشعر بأنه لدينا جوهر نقي نخاف أن يَضْمُر، لكن اللغة في الأساس كائن حي، تعيش على المفردات الجديدة، التي تكتسبها من اللغات الأخرى، فهي تعيش عندما تنفتح على اللغات الأخرى، وبالتالي نقاء اللغة- الذي نتشدق به- هو من سيدفع اللغة إلى الموات».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي