تل أبيب تستعد لاستغلال فترة الرئيس الجمهوري لتعزيز هيمنتها الإقليمية... «لا نصر مطلقاً»

«اليوم التالي لترامب»... استغلال الدعم لفرض واقع جديد

فلسطينية تحمل طفلها بين أنقاض مخيم النصيرات للاجئين (أ ف ب)
فلسطينية تحمل طفلها بين أنقاض مخيم النصيرات للاجئين (أ ف ب)
تصغير
تكبير

- المشهد السياسي الأميركي: تراجع الدعم التقليدي لإسرائيل خصوصاً بين الشباب والإنجيليين
- «رسم الخطوط العريضة لكيان فلسطيني مستقل» بمواصفات تخدم المصالح الإسرائيلية
- «دفع إيران إلى الموافقة على اتفاق نووي أفضل» أو تغيير النظام قبل نهاية ولاية ترامب
- نزع سلاح «حزب الله»بتدخل أميركي مباشر... والنصر المطلق غير ممكن

كشف معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي، عن وثيقة سياسات تحمل رؤية إستراتيجية للدولة العبرية خلال ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تحت عنوان «اليوم التالي لترامب: كيف ينبغي لإسرائيل أن تستعد للهزة المرتقبة»؟ وتُظهر قلقاً عميقاً من التغيرات الديموغرافية والاجتماعية في الولايات المتحدة، وتدعو إلى استغلال «الفرصة الفريدة» التي يمثلها الرئيس الجمهوري لتعزيز الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة.

ووفق الوثيقة، هناك خطة مفصلة عكف على إعدادها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والفريق الإستراتيجي للعمل في الولايات المتحدة، من أهم مفاصلها:

1 - الاستنفار ضد التغيرات الأميركية

تُظهر الوثيقة وعياً حاداً بالتحولات في المشهد السياسي الأميركي، حيث تُشير إلى تراجع الدعم التقليدي لإسرائيل، خصوصاً بين الشباب والإنجيليين.

وتُحذر من صعود «الصوت التقدمي الراديكالي» في اليسار الأميركي الذي ينظر إلى إسرائيل كرمز «للرجل الأبيض القوي والمستغل».

وتُبدي قلقاً من تيارات في اليمين الأميركي ترى إسرائيل كدولة «استغلالية» تُضعف الولايات المتحدة في منافستها مع الصين.

2 - مخطط الهيمنة الإقليمي

أ - الفلسطينيون: تدعو الوثيقة إلى «رسم الخطوط العريضة السياسية للفصل بين دولة إسرائيل وكيان فلسطيني مستقل» بمواصفات تخدم المصالح الإسرائيلية. تُشجع على الربط بمبادرة ترامب 2020 (صفقة القرن) لـ«تمهيد الطريق لحل الصراع» وفق الرؤية الإسرائيلية.

ب - إيران: تطرح إستراتيجية ثنائية المستوى تجمع بين «الضغط الاقتصادي الأقصى» و«التهديد العسكري الحقيقي».

تهدف إلى «دفع إيران إلى الموافقة على اتفاق نووي أفضل» أو تغيير النظام، مع الاستعجال في تنفيذ ذلك قبل نهاية ولاية ترامب.

ج - سوريا ولبنان: تطمح لـ«قيادة مسؤولة لسوريا نحو نظام معتدل» يتناسب مع المصالح الإسرائيلية.

تدعو إلى «نزع سلاح حزب الله» بتدخل أميركي مباشر، وتسليط الضغط العسكري الإسرائيلي المستمر.

3 - تعزيز التحالف الأميركي - الإسرائيلي

تُطالب الوثيقة بـ«مذكرة تفاهم جديدة» تنتقل بإسرائيل من وضع «الدولة المدعومة» إلى «الشريك الإستراتيجي».

وتُؤكد ضرورة اندماج إسرائيل في برامج البحث والتطوير الأميركية، خصوصاً في مجال التكنولوجيا العميقة.

كما تطمح لانضمام إسرائيل إلى تحالف «العيون الخمس» الاستخباري لتعزيز مكانتها الدولية.

السياق الزمني والاستعجال

تُظهر الوثيقة إحساساً بالاستعجال، حيث تشير إلى أن إسرائيل لديها «فرصة عظيمة» ما دام ترامب في البيت الأبيض... «الوقت قصير جداً أمام الانتخابات المقبلة والتغيرات المحتملة».

وتؤكد أنه يجب التحرك فوراً لـ«ترسيخ الإنجازات العملياتية لإسرائيل» قبل فوات الأوان.

وتكشف عن رؤية إستراتيجية إسرائيلية تهدف إلى استغلال الفترة الحالية لتحقيق مكاسب إقليمية كبيرة، مع إدراك أن نافذة الفرص هذه قد تغلق مع تغير الإدارة الحالية. وتُظهر وعياً عميقاً بالتحولات في الرأي العام الأميركي، ورغبة في الاستفادة القصوى من العلاقة الخاصة مع إدارة ترامب قبل أي تغيير محتمل.

وفي السياق، يدعو ميخائيل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان - جامعة تل أبيب، إلى إعادة تقييم الأوهام التي رافقت الحرب على حركة «حماس» واعتماد إستراتيجية أكثر واقعية وذات أهداف قابلة للتحقق عند احتمال اندلاع معركة جديدة في لبنان ضد «حزب الله».

ويرى المحلل العسكري وأحد كبار ضباط الحكم العسكري في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة أن إسرائيل نجحت عسكرياً في غزة لكنها فشلت إستراتيجياً في هذه السلسلة من النزاعات، ما يستدعي تصميم حملة محدودة في لبنان تستند إلى أهداف واقعية وزمنية، وحرص على التنسيق الدولي كي لا تتكرر ضغوط غزة.

ويُحذِّر من تحميل «حزب الله» تفوقاً إستراتيجياً مستمراً، مع استمرار تهريب الأسلحة وإعادة تنظيم القيادة والتجنيد. وهذا يستدعي «حملة واسعة» في لبنان لتعزيز الردع وعدم تكرار أحداث 7 أكتوبر 2023، بحسب رأيه.

ويربط ميلشتاين بين اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان والتوازن القائم في غزة: «القضاء على التهديدات داخل لبنان بالقوة هو خيار سياسي - عسكري مقبول داخلياً وخارجياً، لكن الواقع اللبناني المعقد يفرض تحديات حقيقية أمام نزع سلاح الحزب».

المقاربات الإستراتيجية المقترحة

ويرى أنه يجب التمسك بسياسة ما بعد 7 أكتوبر وعدم تقليد نهج غزة. «ينبغي أن تكون هناك حدود زمنية ومكانية محددة، مع هدف واقعي هو تطهير جنوب نهر الليطاني من التهديدات الأمنية، مع احتمال مناورات برية جنوب لبنان وهجمات في مناطق أخرى بما فيها بيروت».

- الدعوات إلى «تدمير حزب الله» تُطرح كخطاب سياسي أكثر منها هدفاً عملياً.

ضرورة الحفاظ على تنسيق دولي واسع لتجنب ضغوط خارجية تشبه ما حدث في غزة.

- نزع سلاح الحزب بالكامل يبقى هدفاً مبرراً، لكنه يتطلب تقييماً عميقا لإمكانية تحقيقه، إذ لن تتحقق المطالب القصوى إلا بتواجد طويل الأمد في مناطق إستراتيجية واسعة.

خيارات واقعية للمَصالح الأمنية

لـ «حماس»: منع تصعيد عبر إشراف فعال على محور فيلاديا ومعبر رفح واتباع نموذج لبناني يَرُدّ التهديدات باستمرار حتى قرار إسرائيلي بمواجهة أوسع مستقبلاً.

لـ «حزب الله»: ضمان هامش حرية عمل، وتطهير الجنوب من التهديدات، مع زيادة الضغط الدولي على الحكومة اللبنانية للتحرك، مع تبني نهج حازم ولكن غير مبالغ فيه في هذه المرحلة.

وختم ميلشتاين بالقول «يجب تجنب الأوهام المصاحبة للحرب في غزة، وتحليل إخفاقات الماضي كي لا تُكرر الاستعانة بالأوهام كأداة إستراتيجية. النصر المطلق غير ممكن، والاستثمار في بنية عسكرية قوية وتحالفات إقليمية وتحليل مستمر للمآلات هو الطريق الأكثر واقعية للحفاظ على الأمن على المدى الطويل».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي