طرد لندن لديبلوماسي «الموساد» يثير مزيداً من التساؤلات

استياء بريطاني من نعتهم إسرائيلياً بـ «الكلاب»

تصغير
تكبير
|لندن - من إلياس نصرالله|

أثارت خطوة طرد الديبلوماسي الإسرائيلي من بريطانيا، أول من أمس، ردود فعل متضاربة على الساحة البريطانية، وطرحت أسئلة جديدة أكثر مما قدمته من أجوبة حول طبيعة العلاقات البريطانية الإسرائيلية، إذ تبين أن المطرود الذي لم يكشف عن هويته، هو رجل «الموساد» في بريطانيا، أي أن السلطات البريطانية كانت تعرف ليس فقط هويته، بل طبيعة المهام التي كان مكلفاً بها، وهذا بحد ذاته يعكس وجود تعاون وثيق بين بريطانيا وإسرائيل، أشار إليه وزير الخارجية ديفيد ميليباند في بيانه إلى البرلمان الذي أعلن فيه عن طرد الديبلوماسي.

ووفقاً للكثير من المحللين، فإن الخطوة البريطانية مجرد إجراء شكلي لن تؤثر على العلاقات الجيدة بين البلدين، وكل ما في الأمر أن لندن تريد أن تظهر بمظهر المستقل عن الموقف الأميركي المنحاز تجاه إسرائيلي مستغلة الفرصة التي أتاحتها الانتقادات الأميركية الأخيرة لسياسة الاستيطان الإسرائيلية.

ولاحظت وسائل الإعلام وجود تضارب في نتائج التحقيق التي أعلنتها وزارة الخارجية في ظروف تزوير جوازات السفر البريطانية، إذ ذكر التقرير الذي تحدث عنه وزير الخارجية أن عملية تزوير جوازات السفر جرت في مطار تل أبيب، حيث أخذت هذه الجوازات من أصحابها لمدة 20 دقيقة بحجة التدقيق في هوية حامليها لدى وصولهم إلى إسرائيل أو خروجهم منها وجرى استنساخها. لكن صحيفة «التايمز» ذكرت أمس، أن جميع البريطانيين الذين جرى تزوير جوازات سفرهم يحملون جنسيات مزدوجة بريطانية وإسرائيلية، الأمر الذي لم يتوقف ميليباند عنده. أي أن أصحاب الجوازات المزورة هم من اليهود البريطانيين الذين هاجروا إلى إسرائيل، وبطبيعة الحال هم صهاينة ويؤيدون إسرائيل، الأمر الذي يثير تساؤلات عديدة حول الولاء المزدوج لهؤلاء الأشخاص.

من جهتها، امتعضت صحيفة «الغارديان» من التحذيرات التي أطلقتها وزارة الخارجية إلى البريطانيين بتوخي الحذر لدى زيارة إسرائيل، واعتبرت أنها ستخلق ارتباكاً في أوساط البريطانيين الذين سيزورون إسرائيل في المستقبل، حيث يبلغ عددهم سنوياً نحو 150 ألفا. فالخارجية أصدرت تحذيرات نشرت على موقعها الإلكتروني موجهة إلى المسافرين إلى إسرائيل «ألا يسلموا جوازات سفرهم للمسؤولين الإسرائيليين ما لم يكونوا متأكدين من أن الأمر ضروري».

وفي النقاش الذي دار في مجلس العموم بعد البيان الذي ألقاه وزير الخارجية تبارى النواب في توجيه الانتقادات إلى إسرائيل، ولاحظ وليام هيغ، وزير الخارجية في حكومة الظل المحافظة، أن هذه لم تكن المرة الأولى التي يقوم الإسرائيليون فيها بتزوير جوازات السفر البريطانية، وأن جيفري هاو، وزير الخارجية السابق في عهد رئيسة الوزراء مارغريت ثاتشر، وجه تحذيراً شديد اللهجة للإسرائيليين على استخدامهم جوازات بريطانية مزورة في عقد الثمانينات، لكن إسرائيل لم تأبه بهذه التحذيرات. لذلك جرت في مجلس العموم، مطالبة إسرائيل بتقديم وعد قاطع بأنها لن تعمل على تزوير جوازات بريطانية في المستقبل.

ونقلت «التايمز» عن مصدر ديبلوماسي لم تسمه أنه «حتى تكون هناك مصداقية للوعود الإسرائيلية بهذا الخصوص ينبغي أن تكون علنية وليست في السر».

وفي افتتاحيتها أمس، كتبت أن «الخلاف بين الأصدقاء سيجعل إسرائيل مكشوفة»، ووصفت الإجراء البريطاني بطرد الديبلوماسي بأنه أسوأ صدام بين البلدين منذ سنين. وتابعت أن الأزمة السياسية الحالية الناشئة عن إصرار إسرائيل على الاستمرار في بناء المستوطنات هي السبب في الخطوة البريطانية. وأشارت إلى أن إصدار التحذيرات إلى المواطنين البريطانين الذين ينون السفر إلى إسرائيل هو دليل على أن الإسرائيليين ما زالوا حتى الآن لم يقدموا لبريطانيا تعهداً بعدم تكرار تزوير جوازات السفر البريطانية.

وتساءلت «التايمز» كيف يمكن لإسرائيل أن تقدم تعهداً كهذا إلى الحكومة البريطانية من دون أن تعترف بأنها هي التي ارتكبت جريمة اغتيال محمود المبحوح، أحد قادة «حماس» العسكريين. وعارضت الصحيفة ما قاله محللون كثيرون عن أن طرد الديبلوماسي هو عقاب خفيف على جريمة مثل جريمة تزوير عدد من جوازات السفر البريطانية وقالت «إنهم مخطئون: فالخطوة وبيان ميليباند، سيشكلان ضغطاً على إسرائيل».

وأبرزت الصحف البريطانية ردود الفعل الإسرائيلية على القرار البريطاني، ومن ضمنها التصريحات التي أدلى بها عدد من النواب في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) من الأحزاب المشاركة في الائتلاف الوزاري الحالي برئاسة بنيامين نتنياهو. حيث وصف عدد من النواب الإسرائيليين البريطانيين بأنهم «كلاب ولا يؤتمنوا»، فيما قال آريه إلداد، النائب عن حزب الاتحاد القومي المتطرف المؤيد للمستوطنين، «أعتقد أن البريطانيين يتصرفون بنفاق. فمن كانوا هم لكي يقاضونا في حربنا ضد الإرهاب»؟ وقال نائب آخر من الحزب ذاته هو مخائل بن آري، «البريطانيون كلاب، لكنهم ليسوا مخلصين لنا. إنه تصرف لا سامي تحت غطاء معاداة الصهيونية».



استراليا تنتظر نتائج التحقيقات قبل اتخاذ إجراءات



الديبلوماسي الإسرائيلي المطرود من لندن

كان ممثلا لـ «الموساد» وسيستبدل بمسؤول مماثل




القدس، سيدني - ا ف ب، د ب ا، يو بي اي، رويترز - ذكرت الاذاعة الاسرائيلية، امس، ان الديبلوماسي الذي طردته لندن كان يعمل في السفارة الاسرائيلية لحساب جهاز «الموساد» وسيستبدل بمسؤول اخر في جهاز الاستخبارات.

واعلنت بريطانيا الثلاثاء، طرد اسرائيلي على اعتبار وجود «اسباب مقنعة تدعو للاعتقاد» بمسؤولية اسرائيل في استخدام جوازات سفر بريطانية مزورة في عملية اغتيال محمود المبحوح القائد العسكري في حركة «حماس» في يناير الماضي في دبي.

واعلن مسؤول اسرائيلي، طلب عدم كشف اسمه، ان اسرائيل لن تطرد ديبلوماسيا بريطانيا. وقال: «ليست لدينا اي نية لطرد ديبلوماسي بريطاني ردا على قرار لندن». واضاف ان «تهدئة الوضع تحتل الاولوية بالنسبة لنا».

وذكرت الاذاعة العامة وصحيفة «يديعوت احرونوت» ان «الديبلوماسي المطرود كان ممثلا للموساد في لندن وسيستبدل «قريبا».

واوردت الاذاعة تصريح «مسؤول رفيع المستوى» لم تكشف هويته، انتقد فيه بريطانيا. واضاف ان «قرار الطرد سياسي قبل كل شيء مع اقتراب الانتخابات التشريعية مطلع مايو. ويريد وزير الخارجية ديفيد ميليباند الذي ينتهج منذ زمن سياسة مناهضة لاسرائيل تعبئة اصوات المسلمين».

من ناحية ثانية، اعلنت استراليا، امس، انها تنتظر نتائج التحقيقات التي تقوم بها قبل اتخاذ اجراءات في قضية استخدام اسرائيل جوازات مزورة.

وقال وزير الخارجية ستيفن سميث: «نتعاطى مع هذه المسألة بكثير من الجدية الا ان مقاربتنا لها ستكون منهجية». وتابع: «اننا بالطبع نأخذ في الاعتبار الاجراءات التي اتخذتها دول اخرى، وبريطانيا ليست البلد الوحيد الذي اقحم بهذه المسألة بل للاسف هناك ايضا فرنسا وايرلندا والمانيا».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي