من وحي الشارع / حــبـل الـمـحـرّمـات

ثريا البقصمي





| ثريا البقصمي* |
أنا طفلة الخمسينات، ومراهقة الستينات، وشابة السبعينات، ذقت طعم الدراسة في مدارس الحكومة بكل مراحلها، وكنت بالطبع أعشق حصة الرسم، وكذلك الموسيقى، ولكني كنت أكره الرياضة، لأن الأبلة كانت تصر على أن أطبق تمرين الوقوف على الرأس في حصة الجمباز، ولأني لست من جماعة الجمبزة، وأكره أن أرى العالم بالمقلوب، فكنت أخفق في عملية الشقلبة وأنال أدنى الدرجات، ولم أكن أعلم بما يخبئه القدر، وكيف ستظهر في المستقبل جماعة تحارب الرياضة النسائية، وتحرمها لأنها تحرض على الفسق والفجور والشقلبة والجمبزة، وتخيلت عالمنا الإسلامي والعربي يطوف به قطار من المحرمات، يجلس على سقفه مجموعة من المتطرفين، بيد يمسدون اللحى الشعثاء وباليد الأخرى يلوحون بالعصي والخيازرين يرغون غضبا، لأن هناك من يحتج ويعارض لتنفيذ رغبتهم في شنق كل مظاهر الحضارة بحبل المحرمات.
وإليكم هذه الصورة السوداوية، بعد أن ألغيت في بعض مدارس التربية حصص الرسم والموسيقى والهدف المقبل الرياضة في مدارس البنات، النتيجة طلبة يعانون من الجفاف الروحي، واختفاء المواهب في مجالات الفنون، أما بالنسبة للرياضة البنوتية، فلنتخيل تلميذة في يدها شطيرة همبرغر وفي اليد الأخرى قطعة بيتزا والتحلية لوح شوكولاتة، وهناك من أقنعها بأن الرياضة «كخ» ومن فعل الشيطان.
بالحتم هذه الضحية ستتحول إلى دبدوبة وتحتل جسدها الدكات والبلكونات ومجموعة لا بأس بها من أمراض العصر.
وأتمنى أن نحمل بأيدينا المقصات نقصص بها حبل المحرمات، الذي كلما ازداد طولا والتف حول رقبة تقدمنا وتطورنا، كلما اختنقنا بالتطرف الأحمق.
* كاتبة وفنانة تشكيلية
g_gallery1@hotmail.com
أنا طفلة الخمسينات، ومراهقة الستينات، وشابة السبعينات، ذقت طعم الدراسة في مدارس الحكومة بكل مراحلها، وكنت بالطبع أعشق حصة الرسم، وكذلك الموسيقى، ولكني كنت أكره الرياضة، لأن الأبلة كانت تصر على أن أطبق تمرين الوقوف على الرأس في حصة الجمباز، ولأني لست من جماعة الجمبزة، وأكره أن أرى العالم بالمقلوب، فكنت أخفق في عملية الشقلبة وأنال أدنى الدرجات، ولم أكن أعلم بما يخبئه القدر، وكيف ستظهر في المستقبل جماعة تحارب الرياضة النسائية، وتحرمها لأنها تحرض على الفسق والفجور والشقلبة والجمبزة، وتخيلت عالمنا الإسلامي والعربي يطوف به قطار من المحرمات، يجلس على سقفه مجموعة من المتطرفين، بيد يمسدون اللحى الشعثاء وباليد الأخرى يلوحون بالعصي والخيازرين يرغون غضبا، لأن هناك من يحتج ويعارض لتنفيذ رغبتهم في شنق كل مظاهر الحضارة بحبل المحرمات.
وإليكم هذه الصورة السوداوية، بعد أن ألغيت في بعض مدارس التربية حصص الرسم والموسيقى والهدف المقبل الرياضة في مدارس البنات، النتيجة طلبة يعانون من الجفاف الروحي، واختفاء المواهب في مجالات الفنون، أما بالنسبة للرياضة البنوتية، فلنتخيل تلميذة في يدها شطيرة همبرغر وفي اليد الأخرى قطعة بيتزا والتحلية لوح شوكولاتة، وهناك من أقنعها بأن الرياضة «كخ» ومن فعل الشيطان.
بالحتم هذه الضحية ستتحول إلى دبدوبة وتحتل جسدها الدكات والبلكونات ومجموعة لا بأس بها من أمراض العصر.
وأتمنى أن نحمل بأيدينا المقصات نقصص بها حبل المحرمات، الذي كلما ازداد طولا والتف حول رقبة تقدمنا وتطورنا، كلما اختنقنا بالتطرف الأحمق.
* كاتبة وفنانة تشكيلية
g_gallery1@hotmail.com