من الحياة / رقـص الأفـاعــي

u0645u0646u0649 u0639u0628u062fu0627u0644u0628u0627u0631u064a u062du064au062fu0631
منى عبدالباري حيدر
تصغير
تكبير
|منى عبدالباري حيدر|

ذهـب الوفـاء ذهـاب أمس الذاهـب

والنـاس بـيـن مخاتـل ومـوارب

يـفشـون بينهـم المـودة والصفــا

وقـلـوبهـم محشـوة بـعـقـارب

إن الهواء إذا جاور الزهر طابت ريحه، وإن جاور الجيف خبث، هكذا نحن بنو آدم، إن عامتهم ذئاب وعليهم ثياب، وجوههم وجوه الآدميين، وقلوبهم قلوب الشياطين، فإنهم يصافونك في الرخاء، ويخذلونك في الشدة والبلاء، ما أغرب هذه الدنيا، بل ما أغرب من فيها، حين يجتمعون يجتمعون على المصالح وحين يختلفون يختلفون أيضا على المصالح، فسياسة من له غاية يعمل على ترويض نفسه، للوصول إلى فريسته، هكذا هم الناس، استغرب لمن يكون على صحبة قوية قد تصل إلى أوج قمتها، وحين يتم الاختلاف من أجل مصلحة ما أو قد تكون صراحة ما، فإن نيران الحرب تشتعل، ويبدأ الاتجاه المعاكس، باتخاذ المساكين وصولا لغايته دون الاهتمام لمن يستغلهم ما سيكونون عليه وانما حضوره واسمه هم الأهم للبروز دون المبالاة للغير، أي يتم استخدام هؤلاء المستضعفين إن صح التعبير، ما هم إلا سوى أدوات يتم تحريكها تبعا لأهدافه، وإن كانت هذه الأدوات متوفرة مسبقا، ولكن لم يتم الاهتمام بها، لأنها لم يكن لها أهمية في حينها، لأن القوى العظمى كانت ملبية للطلبات وراضخة للرغبات المطلوبة، لم كل ذلك الانسياق وراء رغبات شخصية دون الاهتمام ما سيحل بالآخرين؟ لم دائما اللغة السائدة بيننا لغة الأنا؟ لم صداقاتنا مبنية على مصالح اجتماعية دون الاكتراث بمشاعرنا؟ لم يتم استغلال الغير وجعلهم أدوات لسيرك هزلي؟ لم يتغير الزمن بل الإنسان هو من تغير! هناك من يحاول بناء مجموعة ووضعها في الخطوط الأمامية لمواجهة الخصم دون القدرة على مواجهته الشخصية بوجه خصمة، وهناك من يحاول أخذ كل ما يريد وعند اختلاف وجهات النظر والآراء تزول الأقنعة، ويبدأ بلبس القناع الآخر وهكذا... أي يرقصون كما ترقص الأفاعي لنغماتها المفضلة، ليس الغريب بالشخص ذو المصلحة إن تمت المعرفة به سابقا، وأصبح ذا سيرة ذاتية مقحمة من الجري وراء مصالحه الشخصية، أي «ملفه أسود»، إن جاز التعبير، لكن الغريب من لا يعي ويأخذ درسا من المواقف التي تحصل أمام عينه، أم مجرد تسلق آخر للأدوات المستخدمة هم الآخرون يريدون الوصول أيضا بطريقة ما دون الاكتراث بالطريقة الصحيحة أم لا، أو إنهم يؤولون إلى ترك استغلالهم بأدنى مسامحة وتسويف، إن من له كرامة ويرغب في إعلاء شأنه هو من يصنع نفسه وليس ممن يلجأ للائحة الاستغلال ويتخذ غيره سلما له للصعود وضرب الآخرين كما يحلو له، هذا طبعا إن رغب في تخليد آثار قيمة لنفسه مستقبلا يا له من زمن غابر تغلفه ضحكة صفراء.

لا أشـتكي زمـنـي هذا فأظلمه

وإنما أشتكـي من أهـل ذا الزمــن

هم الـذئاب التي تحت الثياب فلا

تكن إلى أحـدٍ منهــم بمـؤتـمـن



* كاتبة وفنانة تشكيلية

EMIL: monaart-111@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي