د. وائل الحساوي / نسمات / المتدينون... طوفة هبيطة!!

تصغير
تكبير
قص علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة جريج العابد الذي تفرغ للعبادة وهجر الناس، وعندما نادته أمه وهو يصلي، قال لنفسه: ربي، أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، وتكرر ذلك منه ثلاثة أيام فدعت عليه أمه ألا يموت حتى ينظر في وجوه المومسات.

وكان في المدينة امرأة مومس مشهورة بجمالها فعاهدت مَنْ معها على ان تغوي جريج وتمكنه منها، فراودته مرات لكنه اقبل على صلاته ولم يلتفت اليها، ثم رأت راعيا للغنم فراودته حتى وقع عليها، فلما ولدت قالت للناس: هذا ابن جريج، فذهب الناس الى صومعة جريج فهدموها ثم جروه جرا الى محكمتهم ليقيموا عليه الحد، فدعا بالطفل الرضيع، فنغز في بطنه وقال له: مَنْ أبوك؟ فأجاب الطفل: راعي الغنم، وهكذا علم الناس ببراءة جريج.

هذه القصة المعجزة التي ذكرها خطيب الجمعة ليبين للمصلين بأن المؤمن مبتلى وأن الناس لا تتورع عن وصم المتدينين بشتى الصفات القبيحة لتشوه صورتهم امام الناس، وقد برز في عصرنا هذا كتّاب وأصحاب فكر هدام يتفننون في ايذاء اصحاب المبادئ والملتزمين بالدين ويصفونهم بأقبح الصفات، بل اصبح الطعن بالمتدينين هو اسهل وسيلة للوصول الى الشهرة وكسب محبة الناس وما درى هؤلاء بأن ما يفعلونه هو اعظم جريمة يقومون بها ضد الانسانية مصداقا لقوله تعالى: «إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون، وإذا مروا بهم يتغامزون»، فانظر كيف أطلق الله تعالى عليهم صفة المجرمين، لأنهم في الحقيقة إنما يحاربون دين الله تعالى ويقفون ضد الفضيلة وينشرون الفساد في الارض.

وبالطبع ستكون مقدمات كتاباتهم بأنهم ليسوا ضد الدين ولا التدين بل هم محبون له لكنهم ينتقدون الانحراف باسم الدين، ثم ينطلقون في نفث سمومهم، فالتيار الديني - بزعمهم - ما إن غرس انيابه في المجتمع حتى رأينا تصاعد الفساد في جميع مناحي الحياة ومنها التطرف والمخدرات والرذيلة ونهب اموال الدولة وتدمير البيئة وانهيار التعليم.

ثم يقف هؤلاء ليتباكوا على مجتمعنا المثالي الذي دمره وأفسده اصحاب الدين، وأتمنى ان افهم كيف استطاع المتدينون ان ينشروا المخدرات في المجتمع، هل هو عن طريق الفتوى بإباحتها أم زراعة الحشيش الاسلامي، أم القراءة على مزارع الافيون لتصبح حلالا؟!

وأتمنى ان افهم كيف دمّر المتدينون البيئة، هل هو بتحويل الاشجار اليانعة الى اعواد للسواك، أم بتحويل المزارع الى ساحات للصلاة فقط، أم بأمر الناس بإلقاء القمامة في طريق الناس وحرق ممتلكاتهم؟! بل كيف تسببوا في انهيار التعليم، ودعوتهم لا تقوم الا على الفضيلة ومحاربة الفساد الاخلاقي؟!

وهل يصدق عاقل مثل هذه الترهات والخزعبلات؟! وهل جزاء من يأمر بالمعروف ويدعو الناس الى الخير ويسخر وقته وجهده في إطعام الجوعى وكسوة العريانين وتوزيع الصدقات وبناء المساجد ويحث على مكارم الاخلاق، هل جزاؤه مثل تلك الاوصاف التي لا تنطبق الا على قائلها؟!

إنني أدعو كل صاحب عقيدة صحيحة وغيرة على دينه ووطنه ان يتصدى لهؤلاء المرجفين بجميع الطرق المشروعة وتحويل كتاباتهم الى المحاكم لتحكم عليهم بما يستحقونه.

لقد آلم هؤلاء المرجفين كسب نواب المجلس للقضايا ضدهم وتغريمهم بما لا يستطيعونه، فلم يجدوا غير «الطوفة الهبيطة» ألا وهي قضايا الدين يستهزئون بها ويكسبون الشهرة من ورائها، فلا حول ولا قوة إلا بالله.





د. وائل الحساوي

wael_al_hasawi@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي