اشتهر عندنا اليوم المصلحون الاجتماعيون والاخصائيون النفسانيون وظهرت الدراسات النفسية، وانتشرت مراكز الاستشارات الاجتماعية!
وخُصصت برامج لبحث مشكلات المجتمع، فأصبحنا نسمع بالعُقد النفسية في تعليل كل مشكلة من مشكلاتنا الخاصة والعامة! وكلما ذَكر الذّاكرون بدعة في سلوك المواطنين أو بعض الأفراد المقيمين وجدنا مَن يبادر ليقول هذه عقدة نفسية! بسبب الكبت! بل هذه حالة من حالات الوسواس القهري التي يعالجها الأطباء النفسانيون؟
وليس الأمر دائماً على هذه الصورة التي يصفونها فإن مشكلة ضعف التربية الوطنية تحديداً كثيراً ما ترجع إلى أسباب لا علاقة لها على الإطلاق بالعُقد النفسية، سواءً كانت هذه العُقد في الأمم أو الأفراد والجماعات السياسية والحزبية.
وبالتالي، من الواجب أن نواجه مشكلاتنا ونصلح من أمورنا من داخل الميدان التربوي ولا نستورده من الخارج؟ بحسب الكتب المترجمة من ثقافة – العم سام –... فمثلاً، تربية الشباب التربية العصرية التي تناوشتها وسائل التواصل الاجتماعي التي أثرت في كثير من المفاهيم فسوغت للشباب غايات الدعوات الهادمة ومذاهب الفوضى والانقلابات!
فمن الواضح أن فورة الشباب وأجواء الحريات المزعومة تدفع ببعض الشباب إلى الإصغاء لهذه الدعوات بغير بحث عن مصادرها ولا عن حقيقتها، ولكن من الواضح أيضاً أن مشكلة الشاب العصري – المودرن – لا ترجع إلى العقد النفسية المزعومة بل ترجع أساساً إلى أحوال تتعلق بالنظام التعليمي أو بثورة المعلومات أو بالفضاء المفتوح والعلاقات العالمية واشتراك بني الإنسان جميعاً في ظروف متشابهة، وكل آثارها السلبية لا شأن له بالأمراض النفسية ولا بالأطباء النفسانيين، وقد يكون الشأن فيه لوزارة التربية وللمصلحين من رجال التربية والسياسة قبل غيرهم من الاخصائيين الاجتماعيين.
فمن المتاعب التي تصادف الشاب العصري هي بقاؤه أسيراً في المدارس إلى نحو العشرين من عمره إلى حين الدخول في الجامعة. في حين أن هذه المشكلة لم تكن معهودة في الرعيل الأول الذي يكتفي بمعرفة القراءة والكتابة ومبادئ الحساب وقراءة القرآن الكريم وشيء من المعارف العامة، ولم يبلغ الخامسة عشرة حتى يكون أخذ أهبته في العلم والمعرفة اللازمة لحياته ويستكمل الباقي من خلال الحياة العملية العامة في مجتمع – الكويت داخل السور – ثم يتزوج فتزداد المسؤولية وهو في باكورة صباه ولا يتسع وقته لغير شواغله الخاصة.
أما الشاب العصري اليوم فلا تتيسر له المعيشة الزوجية قبل إتمام تعليمه ومع خلوه من المسؤوليات ونعمة الفراغ والجِدَة وتنوع الوجبات السريعة وهذه فرصة سانحه لتبلّد الذهن – وكل شيء إيزي – مع نشاط أصحاب دعوات الهدم والفوضى والشهوات – ضعفت التربية الوطنية – وللحقيقة نقول ليست هذه الدنيا مستشفى يُعلل كل حادث فيه بالعلل ونحول كل شبابنا إلى غرف الإسعاف... والمهم أن نعرف ما نشكوه على الحقيقة لأننا لا نعالج ضعف التربية الوطنية ونحن نجهل أسبابها الموضوعية ومن عرف ماذا يشكو عرف كيف يطلب السلامة وممن؟