غارات ليلية - نهارية على البقاع فكيف سيكسر الحزب هذه المعادلة؟

حرب إسرائيل - «حزب الله» تتمدّد... بعلبك vs الجولان؟

تصغير
تكبير

هل هي معادلة «بعلبك vs الجولان» ترتسم من خلْف دخان الغارات الإسرائيلية الموغلة في العمق اللبناني حتى المقلب الشرقي على بُعد نحو 100 كيلومتر عن الحدود الجنوبية، وغبار صليات صواريخ «حزب الله» ومسيّراته في اتجاه الهضبة السورية المحتلة؟

وهل بدأتْ جبهة لبنان التي أعلن الحزب «توأمَتَها» مع غزة منذ 8 أكتوبر الماضي تنجرف نحو سياقاتٍ أكثر دراماتيكية كتعبيرٍ عن ديناميّتها العسكرية التي باتت منفصلة عن «حرب القطاع» ولها مساراتها الخاصة لـ «اليوم التالي» لسكوت المدافع؟

سؤالان طَبَعا المشهد في بيروت التي «أغمضتْ عينيها» على ثاني هجوم إسرائيلي على منطقة بعلبك (منذ 26 فبراير) منذ «طوفان الأقصى» بغاراتٍ أُعلن في تل أبيب أنها ضدّ «مجمعين يعودان إلى القوة الجوية لحزب الله» وأدت الى مقتل ما لا يقلّ عن شخص وجرْح آخرين، وذلك رداً «على تفعيل قطع جوية للحزب نحو منطقة هضبة الجولان خلال الأيام الأخيرة»، لتستيقظ على أكبر «رمية صاروخية» من الحزب بنحو 100 صاروخ أُطلقت على الجولان ومناطق عدة في الجليل الأعلى، فتردّ إسرائيل بغاراتٍ جديدة على بعلبك في كل من تقاطع السفري - سرعين، حيث استُهدف مبنى سقطت فيه إصابات عدة، بينها ما لا يقلّ عن ضحية، ثم النبي شيت حيث كان الهدفُ مبنى من 3 طبقات قرب مرقد الأمين العام السابق لـ «حزب الله» عباس الموسوي، قبل الإغارة على سهل حوش الرافقة (مقابل سرعين).

وتطايرتْ الأسئلة والمخاوف من قلْب «التقاصف المتبادل» على الرقعة المتمدّدة، في وقت كانت المفاوضات حول هدنة غزة على تعقيداتها الكبرى التي عبّرت عنها الدوحة نفسها بإعلان «لسنا قريبين من اتفاق لوقف إطلاق النار، لكننا متفائلون»، ما عزّز القلقَ من أن يتحوّل الوقت الفاصل عن «إهماد النيران» في القطاع وجنوب لبنان، ولو بعد حين، فسحةً لمزيد من محاولات تل أبيب لتكريس وقائع ميدانية غير قابلة «للنقض» على أي طاولة تفاوض حول الحلول المستدامة.

وجاءت وقائع الشريط اللاهب من الجولان حتى بعلبك مروراً بالجنوب الذي لم يسترِح من الاعتداءات المدمّرة، متدرّجةً بدءاً من بعد ظهر الاثنين حين نفّذ الحزب «هجوماً جوياً بأربع مسيّرات انقضاضية على مقر الدفاع الجوي والصاروخي في ثكنة كيلع (في الجولان المحتل)»، ثم ردّ إسرائيل بغاراتٍ ليل اليوم نفسه على بعلبك وتحديداً على أنصار ومنطقة واقعة بين شمسطار وطاريا.

وفيما أُعلن أن إحدى هذه الغارات كانت على بعد كيلومترين تقريباً من قلعة بعلبك الشهيرة، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بأن اللاعب في فريق «شباب بعلبك» مصطفى غريب «ارتقى شهيداً متأثراً بجروح أصيب بها جراء الغارة التي استهدفت مبنى في بلدة أنصار في جوار دارة صديق له كان يسهر عنده»، مشيرة إلى أن المبنى يوجد فيه مركز لوزارة الصناعة.

وفيما أعلن الجيش الإسرائيلي إن طائراته قصفت ليل الاثنين، مجمّعين تابعين للقوات الجوية للحزب في البقاع بالعمق اللبناني رداً على أطلاق طائرات مسيّرة نحو الجولان في الأيام الأخيرة، نقلت قناة «العربية» عن مصادر «ان إسرائيل استهدفت في بعلبك مخازن مسيرات متطورة لحزب الله وأن الضربات أضرت بقدراته الجوية».

وغداة هذا الاستهداف، أعلن «حزب الله» قبل ظهر أمس، قصفه مواقع عسكرية إسرائيلية في الجولان السوري المحتلّ بأكثر من 100 صاروخ «كاتيوشا».

وأفاد في منشور على حسابه على منصة «تلغرام»، بان عناصره «‌‏قصفوا ‏مقر قيادة الدفاع‏ الجوي والصاروخي في ثكنة كيلع (الجولان على بُعد نحو 15 كيلومتراً على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية)، والقاعدة الصاروخية والمدفعية في يوآف ‏ومرابض المدفعية المنتشرة في محيطها بأكثر من مئة صاروخ كاتيوشا».‏

وأضاف أن القصف جاء «دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسنادا لمقاومته، ورداً على ‌‏الاعتداءات الإسرائيلية على أهلنا وقرانا ومدننا وآخرها في محيط مدينة بعلبك واستشهاد ‏مواطن».

ووصفت إذاعة الجيش الإسرائيلي ما جرى بأنه «قصف عنيف، وتم إطلاق الصواريخ من دون إنذارات، ومن دون وقوع إصابات أو أضرار».

وتَرافق هذا التدافع الأكثر خشونة منذ اندلاع «حرب المشاغلة» التي أطلقها «حزب الله»، مع «تفعيلٍ» أكبر لـ «وحدة الساحات» بدا استباقاً لأي مغامرة إسرائيلية في اتجاه لبنان إنفاذاً لتهديدات تصاعُدية بتصعيد توحي تل أبيب بأنه لم يُعد «إلا مسألة وقت».

وفي حين شكّل إعلان «المقاومة الإسلامية في العراق» الموالية لإيران استهداف مطار بن غوريون بواسطة الطيران المسيّر مساء الاثنين، أحد مؤشرات «رفع التأهب» على امتداد قوس النفوذ الإيراني تحسباً لتجرؤ إسرائيل على الذهاب أبعد في المواجهة مع «حزب الله»، إلى جانب بقاء الحوثيين على «سلاحهم» في البحر الأحمر، لم يكن عابراً ما تداولته وسائل إعلام إسرائيلية عن تنفيذ مناورات في الجولان ووضع خطط للحرب مع تلميحاتٍ إلى أن اندلاع حرب شاملة بين لبنان وإسرائيل لم يعد احتمالاً مستبعداً، وعن سيناريوهاتٍ لعمل ضد مواقع مهمة للحرس الثوري و»حزب الله» في سورية.

وعلى وقع هذه السخونة الزائدة، استقبل الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله وفداً قيادياً من ‏«حماس» برئاسة خليل الحية نائب رئيس الحركة في قطاع غزة، حيث ‏جرى استعراض آخر الأوضاع والتطورات على المستوى الميداني في قطاع غزة ‏والضفة الغربية وجبهات الإسناد المتعدّدة، وكذلك مجريات المفاوضات القائمة من أجل ‏التوصل إلى وقف العدوان على غزة وتحقيق شروط المقاومة التي تخدم القضية ‏الفلسطينية والشعب الفلسطيني".‏

بين تَشاوُر «الاعتدال» وحوار بري... عضُّ الأصابع الرئاسي باقٍ ويشتدّ
| بيروت - «الراي» |

رغم خطورة اللحظة اللبنانية، لم تَبرز أي ملامح لاقتراب «الاحتراب الداخلي» ذات الامتداد الاقليمي حول الأزمة الرئاسية من إحداث خرق إيجابي في الجدار المسدود منذ 16 شهراً ونيف تدور خلالها البلاد في حلقة مفرغة من فراغ متمادٍ في رأس الدولة تصيب تشظياته مختلف أوجه العمل المؤسساتي ويُنْذر بتداعياتٍ أكثر فادحة سواء توسعت الحرب الاسرائيلية أو دقّت ساعة «الفرز والضم» على أنقاض «موْقعة غزة».

ولم يكن أدلّ على هذا الانسداد من وقوع مبادرة «تكتل الاعتدال الوطني» - التي حاولت حفْرَ كوةٍ في المأزق الرئاسي بـ «إبرة التشاور» غير المنظّم أو المحكوم بآلياتٍ «معلّبة» - في فخٍّ تتناوب عبره القوى الوازنة، ولا سيما «الممانعة»، على نصْبه لِما اعتُبر الخرطوشة الأخيرة لـ «لبننة» الاستحقاق وعزْله عن تداعيات حرب غزة و... ونتائجها.

وبعدما أعطى رئيس البرلمان نبيه بري إشارةَ تَشَدُّدٍ بالعودة بمبادرة «الاعتدال» إلى مربّع «الحوار» وآلياته «المُحْكَمة» شكلاً ومضموناً، خرج في حديث تلفزيوني ليعلن ما بدا محاولةً لتبديد الانطباع بأنه المبادِر لإجهاض هذه المبادرة، ولا سيما بعدما أعلنت أطراف في المعارضة وأبرزها حزب «القوات اللبنانية» أن «الأمر اختلط على الرئيس بري فاعتبر ان رئاسته لمجلس النواب تمنحه الحقّ بأن يكون ولي أمر النواب والكتل النيابية، وما يطرحه حول طاولة حوار رسمية تدعو إليها الأمانة العامة للمجلس ويترأسها بري يعني أنّ كل الاستحقاقات الدستورية، بدءًا برئاسة الجمهورية، مروراً بتكليف رئيس حكومة، وصولا إلى تأليفها تمرّ عن طريق طاولة الرئيس بري بالتحديد، وهذا مخالف للدستور، ويتناقض مع ميثاق العيش المشترك، وهذا ما لن يسير به أحد».

فقد كشف بري أن «جو الاتصال الذي أجراه به الموفد الفرنسي المكلف الملف الرئاسي في لبنان جان - إيف لودريان في الساعات الماضية كان جيداً، وأنه أبلغ إليه ان هناك مبادرة لتكتل الاعتدال تحظى بدعمه ودعم اللجنة الخماسية وعندما يستجد جديد نعود للتهاتف».

وعما اذا كانت مبادرة «الاعتدال» قد انتهت، قال بري: «بالعكس، بعدها بعز شبابها»، مشيراً الى أنه «اكد للتكتل في زيارته الاخيرة لعين التينة استعداده للمساعدة والتسهيل».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي