جليل الطباخ / كربلاء أنجبت الوعد الصادق!

تصغير
تكبير

لبيك يا حسين... تكاد كل ذكرى في هذا العالم تمر كلمح البصر او أقرب من ذلك وتنسى ويطويها بعد ذلك سجل الزمن. وتعقبها ذكرى أخرى أو واقعة اخرى إلا واقعة عاشوراء، فهي تظل في الوجدان والضمير خالدة أبداً ما بقي الليل والنهار.

طريقان يشقان هذه الحياة المليئة بالظلم والاستبداد. الأول طريق الحق الذي أمر به الله ورسوله وأهل بيته الطاهرون. والثاني هو طريق الباطل الذي رسمه طغاة بني أمية والعروش المستبدة عبر الزمن، حينما خرج الإمام الحسين (عليه السلام) من المدينة المنورة الي مكة وبعد ذلك إلى كربلاء، لم يخرج ليتربع على كرسي العرش ويكنز الذهب والفضة وتحيط به الجواري كما فعل بعض حكام بني أمية، إنما خرج لطلب الإصلاح في امةجده المصطفى، قال (عليه السلام): «لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مستبدا إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر». وقال قولاً أوقع أثراً: «إن كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني».

لقد أريد للأمة الإسلامية ان تتحول عن أهداف الإمام الحسين في مواجهة الحاكم الظالم. كما أريد لها ان تتوقف عن الانتصار لقيم الحق، تماماً كما أريد لوجود هذه الأمة ان يضمر وينكمش ويضيق لكي تنحصر في طلب لقمة العيش وحفنة من الدنانير يبيع بها المسلم دينه وضميره وحريته وكرامته للحكام الظالمين ويسوق لظلمهم واستبدادهم واستهتارهم بحقوق الله وحقوق العباد وهذا ما تعيشه الأمة هذه الأيام.

نقول للطغاة والفاسدين ان الحسين موجود في كل زمن وفي كل أرض، فكل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء. وستظل ثورتك يا أبا الشهداء ضد الباطل والذين عاثوا فساداً في الأمة تجدد فينا الأمل للوقوف ضد الشرعيات المزيفة التي تنتسب للإسلام زوراً وافكاً. وسيظل دمك الطاهر وقوداً لنا يحرك فينا الوجدان والقوة والعزة ضد القوى الظالمة على مدى الدهر. وها هم الحسينيون يرسمون أروع صور البطولة والفداء في لبنان وفلسطين وما «الوعد الصادق» والنصر الذي حققته المقاومة في لبنان بقيادة السيد حسن نصرالله قائد الأمة، الا وهي استمرار لنهج الحسين (عليه السلام) في مقاومة العدو الأول لله ولرسوله وللأمة «إسرائيل» (لتجدن أشد الناس عداوة للذين أمنوا اليهود) «سورة المائدة اية 82».

لقد كشف الانتصار الإلهي الأقنعة عنها، وكشف تواطؤ بعض القيادات السياسية والأنظمة مع اسرائيل لطمس هذا الانتصار، ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. وتنتقل ثورة الحسين إلى فلسطين، فالمقاومة الفلسطينية تسطر يومياً أروع صور الفداء والعزة ليس عن فلسطين فقط إنما عن الأمة العربية والإسلامية وتتساقط أجساد الشهداء الأبرار للدفاع عن مقدسات الأمة، ولكن للأسف بعض القيادات العربية لا تتحرك لها حتى ذرة ضمير! وستبقى يا سيدي يا أبا عبدالله الحسين، خالداً بهذا العنوان الكبير إلى آماد زمنية تنتهي بوعد تقرير المصير، مصير سائر الإنسانية، بظهور مخلص البشرية الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعد ان ملئت ظلماً وجورا.


جليل الطباخ


محام كويتي

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي