التيار الصدري يقاطع الانتخابات الأولى من نوعها منذ 2013
اقتراع محلي في العراق الإثنين لتعزيز موقع الأحزاب الحاكمة
- الانتخابات تجري على امتداد 15 محافظة ولا تشمل إقليم كردستان
- 1600 مُرشّحة يمثلن نسبة 25 في المئة المحدّدة لهن
يتوجه العراقيون في 18 ديسمبر الجاري، إلى صناديق الاقتراع لاختيار مجالس المحافظات للمرة الأولى منذ عقد، لكن في بلد غني بالنفط ويعاني من الفساد، يرى محللون أن الاقتراع سيكون وسيلة لأحزاب السلطة والفصائل المتحالفة مع إيران لتعزيز حضورها.
خلال الأسابيع الماضية، امتلأت شوارع بغداد والمدن الكبرى باللافتات الانتخابية وصور المرشحين، بعضها تمّ تمزيقه أو إسقاطه أرضاً، في انعكاس للشعور العام بالاستياء وخيبة الأمل في أوساط الناخبين.
وتجرى الانتخابات من دون التيار الصدري، أحد أبرز التيارات السياسية في العراق بزعامة رجل الدين الشيعي السيد مقتدى الصدر الذي أعلن مقاطعة الانتخابات، ليترك الساحة مشرعة تماماً لخصومه في الإطار التنسيقي.
حالياً، يهيمن الإطار التنسيقي على مجلس النواب وهو تحالف أحزاب شيعية وتيارات تمثّل فصائل في الحشد الشعبي.
ويرى المحلل السياسي العراقي علي البيدر أنه «قد تكون مجالس المحافظات خطوة نحو البرلمان» بالنسبة لتلك الأحزاب، إذ إن الانتخابات البرلمانية المقبلة متوقعة في العام 2025.
ويضيف أن انتخابات المحافظات التي يفترض أن تجري كلّ أربع سنوات، تعدّ كذلك «مغنماً للكثير من الجهات الحزبية والسياسية التي تحاول غرس جذورها عميقاً داخل منظومة السلطة في الإدارات المحلية وتسخير إمكانات الدولة لصالحها».
وتأسست مجالس المحافظات بعد الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 والإطاحة بنظام صدام حسين، وتتمتع بصلاحيات مهمة، بينها انتخاب المحافظ ووضع ميزانيات القطاعات الصحية والنقل والتعليم من خلال الأموال المخصصة من قبل الحكومة المركزية والإيرادات المحلية للمحافظة.
لكن، يرى معارضو هذه المجالس بأنها أوكار للفساد وتخدم مصالح خاصة، الأمر الذي دفع البرلمان إلى حلها في خريف العام 2019 إثر ضغط شعبي وسط تظاهرات غير مسبوقة شهدتها البلاد حينها، لكن حكومة رئيس الوزراء الحالي محمد السوداني أمرت بإعادتها.
ـ خدمات للشعب
وقال هادي العامري، أحد أبرز القياديين في الحشد الشعبي، في بيان أخيراً إن «مجالس المحافظات تحظى بأهمية كبيرة جدا لتقديم الخدمات للمواطنين».
بدوره، صرح النائب بهاء النوري، عضو ائتلاف دولة القانون المنضوي في الإطار التنسيقي لـ «فرانس برس» بشأن الدور الرقابي للمجالس، بأنها «تتابع عمل المحافظين وهي من يضع المشاريع في المحافظات ومن يحاسب مدراء الدوائر».
وتعدّ الانتخابات المقررة الاثنين، الأولى من نوعها منذ العام 2013، لكنّها تجري وسط سياق عام متوتر في المنطقة على خلفية الحرب في قطاع غزة.
وتجري على امتداد 15 محافظة في البلد البالغ عدد سكانه 43 مليون نسمة، ولا تشمل محافظات إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي والواقع في شمال العراق.
ويتوجه نحو 17 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع في 7166 مركزاً، للاختيار من بين 6000 مرشح يتنافسون على 285 مقعداً في جميع المحافظات، أكبرها عدداً مجلس محافظة بغداد الذي يضم 49 عضواً، يليه مجلس محافظة البصرة ويضم 22 مقعداً.
ومن بين المرشحين 1600 امرأة، يمثلن نسبة 25 في المئة المحددة لهن. وخصصت أيضاً 10 مقاعد للأقليات المسيحية والإيزيدية والصابئة في بلد متعدد الاثنيات والطوائف.
وتوقع المحلل السياسي سجاد جياد في مقال على موقع مركز الأبحاث الإقليمية والدولية (ايريس) التابع للجامعة الأميركية في السليمانية بأن «تحتفظ الأحزاب والائتلافات الكبيرة بالنسبة الأعلى» في نتائج الانتخابات.
وتابع «من بين 15 محافظة، فإنّ المحافظات التسع الجنوبية وبغداد، ستكون من نصيب أحزاب الاطار التنسيقي أو حلفائها».
ـ «أنتخب؟ لماذا؟»
في المحافظات السنية، يُتوقّع أن يتراجع تحالف «تقدّم»، عقب قرار المحكمة الاتحادية العليا في نوفمبر بإقالة زعيمه محمد الحلبوسي من منصبه كرئيس لمجلس النواب.
ولا يستبعد جياد حدوث «توترات طائفية عرقية»، خصوصا في محافظة كركوك الغنية بالنفط والواقعة في شمال البلاد والتي «لها تاريخ في التوترات المجتمعية بين العرب والأكراد والتركمان».
ويتوقع جياد أن «تبلغ نسبة المشاركة فيها 25 في المئة» من إجمالي الناخبين.
وينظر الكثير من العراقيين بعدم ثقة للوعود التي يقدّمها المرشحون للانتخابات.
ويقول رشاد صاحب متجر في بغداد ويبلغ من العمر 45 عاماً، بسخرية، «أنتخب؟ لماذا»؟
ويضيف «المرشحون هم من الأحزاب نفسها التي فازت من قبل، لماذا أنتخبهم»؟ معتبراً أن «جميعهم يبحثون عن منافع، ولا يهمهم الناس وما يحتاجون إليه».
الى ذلك، قاطعت أحزاب معارضة صغيرة منبثقة من تظاهرات العام 2019، الانتخابات. لكن أحزاباً أخرى مماثلة آثرت خوض المغامرة على أمل بناء قاعدة شعبية.
وقال خالد وليد، الناطق باسم حركة «نازل آخذ حقي» حديثة العهد، إن «الطبقة السياسية التي جاءت بعد عام 2003 فشلت في إدارة البلد».
مع ذلك، ما زالت هذه الحركة تراهن على تغيير أوضاع البلاد، لأن «المواطن اليوم، في الغالب الأعم، كاره للعمل السياسي ويكره أي صفة لأي سياسي والسبب وجود فشل»، وفق وليد، مضيفاً «نحاول أن نعكس تجربة ثانية».
وقال إنّ حزبه «يعد الجمهور بممارسة رقابة حقيقية داخل المجالس، لوقف هدر المال العام».