بهرجة رجال الدين وأمور أخرى

عاشرتُ رجال الدين أثناء عملي كمسؤول عن البرامج الثقافية والدينية في الإذاعة، فرأيت الفارق بين رداء المواطن في لبس العباءة المحلاة بالزري والخيوط الذهبية، وكانت في السابق غالية، لأن الخيوط الذهبية تُصنع من ماء الذهب الخالص أي تُطلى من ماء الذهب.
رجال الدين لا يكتسون بالزري المذهب ويظهرون في التلفزيون كما نشاهدهم... يظهر الواحد منهم مبهرجاً كالمعرس الآن، ويرتدي (البشوت) الملونة والشفافة.. كُنتُ برفقة هؤلاء من رجال الدين المشايخ في الإذاعة:
عبدالعزيز حمادة
علي الجسار
عبدالله النوري
أحمد الغنام
يوسف وناصر حسين التركيت
كلهم يلبسون العبي ذات «المكْسر» المخيّط بخيوط البريسم وهو الحرير الصناعي باللون البني.
وليس كما يرتدي بعض رجال الدين الآن من التطريز المذهب والمبهرج.
الآن نرى الشباب المبهرج وهم يتحدثون في شؤون الدين على شاشة التلفزيون.. ويظهرون في المساجد على المنابر ببهرجة لافتة.
ويظهر رجال الدين الأزهريون (بالجبة) الجلباب وهذا من أصل الأزياء التركية.
كان من مشايخ رجال الدين الأزهريين الشيخ علي عبدالمنعم، يخطب في مسجد ثانوية الشويخ ويمتلئ هذا المسجد في خطبة الجمعة، وكنتُ أنقل الصلاة إلى الإذاعة، وخطبة الشيخ علي، مميّزة من صوته ومواضيعه الهادفة.
وكان يفقه اللغة الفرنسية... وعندما أرادت جامعة السوربون الفرنسية أن تتحقق من أبيات من قصيدة قالها امرؤ القيس بن حُجر، إن هي صحيحة أو مختلقة، وشكلت لجنة من جامعة السوربون، ومن الكويت الشيخ علي عبدالمنعم، ومن السعودية العلّامة حمد الجاسر، ووفّرت السفارة الفرنسية لهم سيارات تجتاز الرمال الكثيفة، إن كانت المواقع المذكورة صحيحة أم موضوعة.
قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزل
(بسِقْط اللّوى) بين (الدّخول فحومل)
الاماكن: سقط اللّوى بين الدخول وحومل والمقراة.
(فتوضح فالمقراة لم يعْفُ رسمها
لما نسجتها من جنوب وشمال)
في القصيدة، مأسل: هو جبل في ذلك المكان وتحقق للبعثة الفرنسية العربية أن المواضع والأمكنة وترتيبها صحيح وهي في انحدار من المرتفع، اللوى، ودخول فحومل فتوضح فالمقراة... حدثنا المرحوم الملك عبدالله، في زيارة له عندما كان ولياً للعهد قال لنا إنه من أرض (المقراة) حيث أخواله من هذا المكان... وتبين للبعثة صحة الأماكن والمواقع من تلك الأيام الجاهلية إلى الآن.
هذا ما أرادت جامعة السوربون تحقيقه أن الأماكن المذكورة صحيحة وبالترتيب من المنحدر إلى القاع.