فساد بحلة جديدة

صالح الدويخ
صالح الدويخ
تصغير
تكبير

قصص الفساد متعددة الأشكال، يختلف الهدف منها باختلاف طموح الأشخاص ومستوى الفساد الذي وصلوا إليه لكي يضمنوا مستقبلهم ومستقبل أبنائهم الذين لا يعلمون بمصادر أموال آبائهم التي يعيشون من خلالها. ولفتت نظري قصة، قد تكون قريبة من الواقع، أردت أن تشاركوني قراءتها.
تقول القصة، وهي من وحي الخيال، كان هناك مديراً لمدرسة ما، تزوج شقيقة بواب المدرسة التي يعمل بها، وكان بحكم النسب الذي بينهما يحسن معاملته.

فكان كلما تأخر معلم أو تغيّب عن المدرسة، يطلب مدير المدرسة من نسيبه أن يعطي للطلبة الحصة بدلاً من المعلم الغائب، ويقول له مستهزئاً: «إذا كنت لا ترغب في تعليمهم شيئاً، فيكفيك أن تتعلم أنت فيهم»!
ومرّت الأيام، وقام مدير المدرسة بتعيين نسيبه البواب معلماً بالمدرسة، وانفرجت الدنيا في وجه مدير المدرسة، فعُيّن مديراً للتعليم، وأول ما فعله قام بتعيين نسيبه من معلم إلى مدير للمدرسة، وعندما تم تعيين مدير التعليم وزيراً للتربية والتعليم، قام بتعيين نسيبه مديراً للتعليم، المنصب نفسه الذي كان يشغله.
وفي يوم من الأيام، قرأ نسيبه «شقيق زوجته» قراراً قد صدر منه، وهو إطلاق لجنة من المختصين في الأرجاء لإعادة تقييم شهادات الموظفين بالقطاع التعليمي، فاتصل على زوج شقيقته يرتجف مرعوباً: «وكيف يعقل هذا؟!، أما علمت أنني لا أملك أي شهادات؟!».
فقال له نسيبه وزير التربية والتعليم: «ابتهج يا نسيبي ولا تقلق، فقد عيّنتك مديراً على لجنة التقييم».
قصة أراها تصلح لتكون مسلسلاً من ست حلقات تتضمن خطوطاً كوميدية، وتعرض على شاشة يقودها مسؤولون بحق يخافون الله قبل أن يخافوا أي تغريدة، ونحتاج لعرض مثل هذه الأعمال وفقاً لتوجه الدولة في محاربتها للفساد. فكلما رأينا مسؤولاً فاسداً محاطاً بمن هم على شاكلته، لن يهتم لآراء الآخرين بشخصه، ولا سمعته، طالما هناك من يشبه البواب الذي جيّر نفسه لخدمة والي نعمته ليتقاسم كل منهما المناصب والمنافع، مستفيدين من الوقت قدر المستطاع إلى أن يأتي مسؤول أكبر لم يكن يوماً صديقاً لهما أو جاراً تجمعهم ديوانية أو مجلس واحد.
نهاية المطاف: الفساد يطول عمره كلما انسحب الشرفاء من الميادين وآثروا السلامة... وهم في الحقيقة متخاذلون.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي