«حطّمونا وضربونا بالهرّاوات والعصي... أذلونا وتركونا نتضور جوعاً من دون طعام أو ماء»

«العودة من الموت»... عمال غزة المُرحّلون تعرضوا للتعذيب واحتجزوا بأقفاص في إسرائيل

 عمال غزة المرحّلين من إسرائيل يكشفون ما تعرضوا له من تعذيب (رويترز)
عمال غزة المرحّلين من إسرائيل يكشفون ما تعرضوا له من تعذيب (رويترز)
تصغير
تكبير
اتهم العمال الفلسطينيون الذين رحلوا من إسرائيل إلى قطاع غزة، الأسبوع الماضي، السلطات الإسرائيلية بـ «التعذيب وسوء المعاملة»، كاشفين عن «تجريدهم من ملابسهم، واحتجازهم في أقفاص، وتعرضهم لضرب مبرح»، خلال احتجازهم في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر.
وقال مقبل عبدالله الراضي، وهو أحد العمال لشبكة «سي إن إن»: «لقد حطمونا وضربونا بالهراوات والعصي... لقد أذلونا وتركونا نتضور جوعاً من دون طعام أو ماء».
وطردت إسرائيل، الجمعة، آلاف الفلسطينيين الذين دخلوا أراضيها للعمل قبل السابع من أكتوبر، إلى القطاع الذي يتعرض لقصف مكثف.

وتحدثت «سي إن إن» مع عبدالله الراضي وثمانية رجال آخرين عادوا إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم في جنوب إسرائيل، الجمعة.
وقال الراضي، وهو من قرية بيت لاهيا شمال غزة، إنه كان يعمل في إسرائيل عند بداية الحرب، وهو واحد من آلاف سكان غزة الذين يحملون تصاريح عمل.
وأشارت الشبكة إلى أن معظم العمال يعملون في قطاعي البناء أو الزراعة، ويميلون إلى السكن في إسرائيل قريباً من مقرات عملهم عوضاً عن التنقل اليومي من وإلى القطاع، ولهذا السبب كان الكثير منهم في إسرائيل عندما شنت «حماس» هجومها.
وأضاف الراضي أنه بعد بدء الحرب مباشرة، فرّ مع عمال آخرين إلى رهط، وهي مدينة بدوية ذات غالبية عربية في جنوب إسرائيل، حيث يقول إن «السكان المحليين سلموهم إلى الجيش الإسرائيلي».
وتابع: «أخذ (الجيش) هواتفنا وأموالنا، ولم نتمكن من التواصل مع عائلاتنا، وقدموا لنا الطعام على الأرض في أكياس بلاستيكية».
«ظروف مروعة»
وفي أعقاب هجوم «حماس»، أشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى مخاوف أولية من أن نشطاء حماس كانوا من بين العمال الذين يحملون تصاريح، رغم أن مسؤول أمني إسرائيلي أفاد لاحقاً «سي أن أن» بأن «العمال الموقوفين احتجزوا لوجودهم بشكل غير قانوني بعد انتهاء صلاحية تصاريحهم، وليس للاشتباه في نشاط إرهابي».
وقال إنه في «بعض الحالات، كان احتجازهم أيضاً من أجل حمايتهم، لأنهم كانوا عرضة لخطر العنف من المجتمعات الإسرائيلية».
وقبل اندلاع الحرب الأخيرة، كان نحو 18500 من أهالي غزة يحملون تصاريح عمل إسرائيلية، بحسب «وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق» (كوغات)، وهي هيئة إسرائيلية مسؤولة عن الشؤون المدنية الفلسطينية.
وبعد ثلاثة أيام على هجوم السابع من أكتوبر، ألغت إسرائيل كل التصاريح الممنوحة لفلسطينيين في غزة.
وقدمت ست منظمات لحقوق الإنسان في إسرائيل التماساً إلى المحكمة العليا، باعتبار أن الاعتقالات كانت «من دون أسس قانونية».
وأعلنت «جيشا»، وهي منظمة إسرائيلية غير ربحية تركز على حماية حرية حركة الفلسطينيين وإحدى المجموعات التي تقف وراء الالتماس، في بيان الأسبوع الماضي، أن لديها «سبباً للاعتقاد بأن ظروف الاحتجاز في هذه المرافق(مروعة)، وأن المعتقلين تعرضوا لعنف جسدي وإيذاء نفسي واسع النطاق، فضلاً عن احتجازهم في ظروف غير إنسانية».
ويؤكد العديد من العمال أنه ليست لديهم أي فكرة عن المكان الذي تم نقلهم إليه، ووفقاً لجمعية الأسير الفلسطيني، وهي منظمة لحقوق الإنسان مقرها في الضفة الغربية، احتجز العديد منهم في مركزي اعتقال: أحدهما في عوفر بالقرب من رام الله، والآخر في سالم بالقرب من جنين.
وعما مرّ به خلال فترة احتجازه، يقول محمود أبو دربة، وهو عامل آخر من بيت لاهيا، جرى اعتقاله في اليوم الثاني للحرب:«وضعونا في أقفاص (..) وتعرضنا للضرب والشتم ولم يهتموا لحال المرضى بيننا.. البعض منا تعرضوا لإصابات وجروح، وتعفنت أقدامهم لأنهم لم يتلقوا أي علاج طبي».
وقال أبودربة إن العمال تعرضوا لـ«استجوابات يومية من قبل السلطات الإسرائيلية لسؤالهم عن منازلهم وأفراد أسرهم»، مضيفاً«إذا كان لديك قريب يعمل مع حماس فإنك تتعرض للضرب (...)».
وأشار المتحدث ذاته إلى«موت بعض العمال أثناء الاحتجاز وخلال العبور إلى غزة»، قائلاً«مات بعض الأشخاص في الطريق إلى هنا بسبب تعرضهم للضرب والصعق بالكهرباء».
«إيقافات وعقوبات»
وصرح مسؤول أمني إسرائيلي لـ«سي أن أن»، بأن الجيش كان على علم بحوادث«إساءة معاملة»العمال في غزة على يد جنود.
وأضاف«كانت هناك حالات إساءة معاملة لبعض المعتقلين خارج مرافق الاحتجاز الرسمية»، مشيراً إلى أنه«جرى التعامل مع هذه الحالات بجدية بالغة، وتم إصدار إجراءات تأديبية».
وأعلن المسؤول الأمني، الذي لم تكشف الشبكة عن هويته، عن«إبعاد أربعة جنود من جيش الدفاع، بعد حوادث إساءة معاملة ووضع جنديين آخرين في سجن عسكري».
وعما إذا كان أي من المعتقلين قد توفي نتيجة للتجاوزات، قال إنهم«على علم بوفاة اثنين من العمال»، لكنه أضاف أن«هذه الوفيات كانت نتيجة لمشاكل صحية مزمنة وطويلة الأمد كانا يعانيان منها من قبل، دخول إسرائيل، وليس نتيجة لسوء المعاملة».
وادعى أن «هذه الانتهاكات لم تشمل الصعق الكهربائي».
وأشارت «سي أن أن» إلى أنها راجعت بعض مقاطع الفيديو التي تظهر الانتهاكات، غير أنها لم تتمكن من التحقق منها بشكل مستقل.
وتظهر بعض الفيديوهات المتداولة أشخاصاً مقيدين تحت أشعة الشمس، ويتعرضون للركل والجر.
وفي فيديو آخر، تظهر حافلة مليئة بأشخاص معصوبي الأعين وأيديهم مقيدة.
وقال المسؤول الأمني الذي تحدث لـ«سي أن أن»، إن «الجيش الإسرائيلي يحقق في مقاطع الفيديو المنشورة».
وأكد أن «فيديوهيين منتشرين حقيقيان، أحدهما يظهر جنوداً تابعين لجيش الدفاع يركلون شخصاً محتجزاً والآخر يظهر مجموعة كبيرة من المعتقلين مقيدين ومعصوبي الأعين ويتعرضون للإذلال».
وأضاف المسؤول أن «الجنود المتورطين في المشاهد التي وثقتها مقاطع الفيديو صدرت في حقهم عقوبات من الجيش».
وأشار الجيش في بيان، أرسل عبر البريد الإلكتروني للشبكة إلى أن «سلوكيات القوة التي ظهرت في الفيديوهات مؤسفة ولا تمتثل لأوامر الجيش».
وأضافت أنه «تم توقيف العديد من الجنود وجنود الاحتياط الذين ظهروا في بعض هذه المقاطع».
وقال عامل آخر من حي الزيتون في مدينة غزة للشبكة، إنه ومعتقلين آخرين أُجبروا على الوقوف والجلوس بشكل متكرر، مضيفاً «ضربونا وسرقوا أموالنا، ونزعوا ملابسنا وأبقونا عراة... بقيت أرتدي ملابسي الداخلية فقط لأكثر من 20 يوماً»، مضيفا «كنا نموت».
«قلق أممي»
وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها، من عملية إعادة آلاف العمال إلى غزة.
وأشارت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إليزابيث ثروسيل، إلى عدم وجود منازل على الأرجح ليعود إليها العمال فيما يواجهون مخاطر كبيرة، جرّاء الحرب.
وقالت للصحافيين في جنيف «فهمت أن من بين هؤلاء الأشخاص الذين تتم إعادتهم عمال فلسطينيين ومرضى كانوا في المستشفيات اعتُقلوا في أعقاب السابع من أكتوبر».
وتابعت ثروسيل «نشعر بقلق بالغ من أن 4000 عامل فلسطيني ومريض في المستشفيات اعتقلوا من دون أساس قانوني كاف في منشآت عسكرية بعدما سحبت إسرائيل تصاريحهم».
وأشارت ثروسيل إلى «تقارير مقلقة عن إعادة البعض إلى غزة، رغم خطورة الوضع هناك».
وأضافت «لا نعرف إلى أين على وجه الدقة. على الأرجح لم يتضح إن كان لديهم منازل حتى ليتوجّهوا إليها والوضع صعب وخطير إلى حد كبير».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي