«اليونيفيل» في دائرة الاستهداف وسقوط جريح في صفوفها

ميقاتي في قطر... و«حزب الله» يفتح النار على «النظام العربي»

تميم بن حمد مستقبلاً ميقاتي في الدوحة أمس (رويترز)
تميم بن حمد مستقبلاً ميقاتي في الدوحة أمس (رويترز)
تصغير
تكبير

- إسرائيل تفعّل الاستهداف الأمني بصواريخ موجّهة محددة الهدف
- تَراجُع «حزب الله» عن الحافة الأمامية قلّص خسائره البشرية
- مخاوف من تداعياتٍ ديبلوماسية للحملة الشعواء من «حزب الله» ضد «القادة العرب»
لم يكن عابراً أن تنطلق الجولةُ العربيةُ لرئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي أمس من قطر على وقع تدشين «حزب الله» حملةً مُمَنْهَجَةً ضدّ الدول العربية و«التطبيع الذي يشجّع العدو الإسرائيلي على التمادي بالوحشية وارتكاب المجازر».
وفيما كان ميقاتي يزور الدوحة تحت عنوان «تعزيز موقف لبنان والضغط لوقف الاعتداءات الإسرائيلية عليه ودعم وقف إطلاق النار في غزة»، عاجَلهُ «حزب الله» وللمرة الأولى منذ عملية «طوفان الأقصى» بهجومٍ منسَّق ينذر بارتداداتٍ سياسية وديبلوماسيةٍ على لسان قيادييه من نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم ورئيس كتلة نوابه محمد رعد ونواب وكوادر آخَرين صوّب على «النظام العربي» وبلغةٍ ناريةٍ من باب الدعوة إلى «الضغط باتجاه تحقيق وقف العدوان على غزة».
وجاء فتْحُ «حزب الله» جبهةً سياسيةً - ديبلوماسيةً مع العالم العربي، محمَّلاً بأبعاد عدة اختصرتْها مصادر قريبة من قوى المعارضة بأنها تبدأ بتوجيهِ رسالةٍ بأن لا أحد في لبنان الرسمي «يمون» على إعطاء ضماناتٍ بما سيكون عليه الواقع الميداني وتطوّره ربْطاً بمقتضياتِ التطورات في غزة مع بدء مرحلة جديدة من التوغل البري.

وذكّرت المصادر بأن ميقاتي الذي سبق أن جاهَرَ بأن حكومته لا تملك قرار الحرب، يجد نفسه في ظل اندفاعة «حزب الله» أمس أمام «إثباتٍ لا يرقى إليه الشك» بأن خيار السلم (وأيّ من مستوياته) أيضاً ليس في يد السلطة اللبنانية ولا سيما أن الحزب أكد عبر رعد «حيثُ يجب أن نتحرّك سنتحرّك وحيث يجب أن نكون سنكون وحيث يجب أن نفعل فِعْلَنا الرادع سنفعل ضمن رؤية تساهم في ردع العدوان وضبط غريزته الوحشيّة في الدفاع عن الذين يتعرضون لهمجية لم يرَ التاريخ مثلها»، وأضاف: «ما يفعله إخواننا المقاومون في غزة هو قيامٌ بالواجب على أتمّ وجه ونحن من جهتنا نُلاقيهم بأتمّ واجبٍ في جبهتنا ونتواصل مع بعضنا. نحن حريصون على غزة وعلى لبنان وأيضاً على أن يرتدع العدو عن ظلمه وعدوانه».
واعتبرتْ المصادرُ نفسُها أن الحملةَ الشعواءَ من «حزب الله» على الدول العربية، في الوقت الذي يقف لبنان على حافة الدخول في حربٍ قد يَجرّه إليها سوء تقدير أو قرار إسرائيلي، يعمّق المخاوفَ من مزيدٍ من فكّ «بلاد الأرز» عن حزام الأمان العربي الذي تحتاج إليه وترْكها في «عراء» ديبلوماسي - سياسي فيما يقترب منها زنار النار الذي يحوّل غزة وأهلها رماداً، متسائلة هل وراء هذه الحملة رسالة إيرانية لدولِ الخليج خصوصاً، أم أنها تعكس «حشرةَ» الحزب الذي لا يَرْغب (ومعه طهران) في التورّط بالحرب بما يفتح المزيد من «أبواب جهنّم» إقليمياً والتي يُخشى أن يصيب لهيبُها كل محور الممانعة في لحظة الحضور الأميركي بحاملات الطائرات والمدمرات في المتوسط، ما يجعله تالياً «يهرب الى الأمام» بهجومِ «بدل عن ضائع» على الأنظمة العربية.
وأعربت أوساط مراقبة عن مخاوف من أن يشكل هذا التطور فاتحةً لتظهير الانقسام الداخلي أكثر حيال سلوك «حزب الله» وتحريكه جبهة الجنوب، وإن حتى الساعة في شكل مضبوط، في الوقت الذي يحتاج لبنان إلى تبريد «خطوط التماس» السياسية وتفادي فتْح «مَحاور» داخلية واستدراج «العين الحمراء» العربية أكثر على لبنان الذي يواجه أعتى انهيار مالي ويحبس أنفاسه خشية جرّه إلى أعتى حربٍ تُشنّ على غزة وناسها.
وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني استقبل ميقاتي صباح أمس بحضور رئيس الحكومة وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني.
وتم خلال اللقاء عرض آخِر تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والمنطقة، إضافة إلى مناقشة العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها.
علماً أن الدوحة التي تضطلع بدور محوري في الوساطات المتعلّقة بمساعي وقف النار في غزة وإطلاق الرهائن، تؤدي مهمة في الأزمة الرئاسية اللبنانية التي تدخل غداً سنتها الثانية.
وبعد اللقاء مع الشيخ تميم، عقد ميقاتي اجتماعاً مع نظيره القطري بحضور القائمة بأعمال سفارة لبنان السفيرة فرح بري أعقبتْها خلوة بين الرجلين.
«حرب نفسية»
ولم تحجب هذه الوقائع الأنظارَ عن الميدان الساخن والذي يشهد تباعاً تَبدُّلاً متوازياً في قواعد الاشتباك الآخذة في التمدّد جغرافياً ونوعياً، وسط تفعيل «حزب الله» الحرب النفسية أكثر وفق ما عبّر عنه تداوُل ناشطين أمس بفيديو لنحو 13 ثانية للسيد حسن نصرالله وهو يمرّ أمام علمٍ - لوحة للحزب بشعاره «فإن حزب الله هم الغالبون».
وفي حين مضت دولٌ في تذكيرِ رعاياها بضرورة مغادرة لبنان وفق ما عبّر بيان سفارة الكويت الذي دعا المواطنين «الموجودين حالياً في لبنان للتواصل معها وتسجيل بياناتهم على هاتف السفارة استناداً لبيان الخارجية الكويتية (بتاريخ 17 أكتوبر) والذي يحضّ الكويتيين الراغبين بزيارة لبنان على تأجيل السفر خلال هذه الفترة، والذي يهيب كذلك بالموجودين حالياً العودة الطوعية اذا لم يكن هناك حاجة ملحة لوجودهم»، فإن المواجهات على الجبهة الجنوبية انطبعت أمس بالآتي:
- إطلاق إسرائيل ما بدا عمليات مستهدَفة لم تلجأ إليها منذ تحريك الجبهة اللبنانية، وذلك عبر شنّها غارتين بالطيران المسيّر على منزليْن في عيتا الشعب ومارون الراس بصاروخيْن موجّهيْن، وهو ما اعتُبر تطوراً تواكب فيه تل أبيب الاستهداف العسكري لِما تقول إنه بنية تحتية لحزب الله باستهدافِ أمني موجَّه يرتكز غالباً على معطيات استخباراتية ويكون «محدّد الهدف».
استهداف «اليونيفيل»
- تكرار استهداف «اليونيفيل» العاملة في الجنوب، حيث أكد الناطق الرسمي باسم القوة الدولية أندريا تيننتي أمس، أن «قذيفتي هاون سقطتا السبت قرابة العاشرة مساءً على قاعدة لليونيفيل قرب بلدة حولا، ما أدى لإصابة أحد جنود حفظ السلام بجروح طفيفة، وتم نقله إلى المستشفى في المقرّ العام لليونيفيل في الناقورة، وحاله مستقرة حالياً».
وتابع تيننتي: «السبت، تعرّضت مراكز اليونيفيل للقصف مرتين: في فترة ما بعد الظهر بقذيفة أصابت مقرّنا العام في الناقورة، ومساء في محيط حولا. ونعرب عن قلقنا البالغ إزاء هذين الهجومين على جنودنا الذين يعملون بلا كلل على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع لاستعادة الاستقرار في جنوب لبنان وتهدئة الوضع الخطير».
وختم «نحضّ بقوة جميع الأطراف المشاركين في النزاع على وقف إطلاق النار فوراً. إن مهاجمة حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة جريمة وانتهاك للقانون الدولي ويجب إدانتها. وقد بدأتْ التحقيقات في كلا الحادثين».
- خرق إسرائيل قاعدة استهداف بلدات في عمق 5 كيلومترات حيث إن قصف مسيّرة موقعاً في جبل صافي يوم السبت، جاء شمال نهر الليطاني، وبعمق نحو 20 كلم خط نار عن الشريط الحدودي.
إعادة تموضع
وفي موازاة ذلك، قالت مصادر في محور المقاومة لـ «الراي» إن إعادة التموضع التي نفّذها حزب الله بالتراجع 3 كيلومترات عن الحافة الأمامية للحدود أثبتت جدواها في اليومين الماضيين عبر تراجع الخسائر البشرية في صفوفه.
وأشارت المصادر إلى «ان يقظة وحدة المراقبة في حزب الله وعيْنها المفتوحة مكّنته من تسديد ضربة موجعة لدبابة إسرائيلية تم اصطيادها لحظة خروجها من مخبئها».
وقد أعلن «حزب الله» أمس أنّ المقاومين هاجموا ثُكنة زرعيت الإسرائيليّة بالأسلحة المناسبة، وحققوا فيها إصابات مُباشرة، قبل أن يؤكد في بيانٍ ثانٍ استهداف «موقع مسكاف عام بالأسلحة المناسبة وتدمير قسم من تجهيزاته الفنية والتقنية»‏.
في المقابل مضى الجيش الإسرائيلي بقصفٍ عنيف يركّز على إشعال الأحراج في البلدات الحدودية، حيث جرى التداول بصور للقذائف الضوئية التي ألقاها في أجواء المناطق الحرجية في مرتفعات حلتا وكفرشوبا و بسطرة بهدف حرق أحراج السنديان الكثيفة، كما ظهرت لقطاتٌ لمظلات القذائف الضوئية على أغصان الأشجار بعد انتهاء «صلاحية» اشتعالها وفشلها في إضرام النيران في أحد أحراج السنديان شرق بلدة الخيام.
كما شمل القصفُ أمس سهل المجيدية ووادي خنسا والأحراج المحيطة ببلدتيْ الناقورة وعلما الشعب.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي