رؤية ورأي

«طوفان الأقصى» وشهداء المسجد

تصغير
تكبير

«لقد أظهرت القوات الإسرائيلية، في نيتها المعلنة استخدام الوسائل كافة لتدمير(حماس)، ازدراءً صادماً لأرواح المدنيين. لقد دمّرت شارعاً تلو الآخر من المباني السكنية، ما أسفر عن مقتل المدنيين على نطاق واسع وتدمير البنية التحتية الأساسية، بينما تؤدي القيود الجديدة التي فرضتها إلى النفاد السريع للمياه والأدوية والوقود والكهرباء في غزة».
... المقطع السابق مقتطف من تصريح منسوب للدكتورة/ أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، ورد ضمن تقرير تفصيلي صادر من منظمة العفو الدولية في 20 أكتوبر الجاري، عنوانه «أدلّة دامغة على ارتكاب جرائم حرب في هجمات إسرائيلية قضت على أسر بأكملها في غزة».

وجاء أيضاً في هذا التقرير القيّم أنه «تحدثت المنظمة إلى ناجين وشهود عيان، وحللت صور الأقمار الاصطناعية وتحققت من الصور ومقاطع الفيديو للتحقيق في عمليات القصف الجوي التي نفذتها القوات الإسرائيلية في الفترة من 7 إلى 12 أكتوبر، والتي أدّت إلى دمار مروّع، وفي بعض الحالات، قضت على عائلات بأكملها. وتُقدم المنظمة هنا تحليلاً مستفيضاً للنتائج التي توصلت إليها في خمس من هذه الهجمات غير القانونية. وفي كل من هذه الحالات، انتهكت الهجمات الإسرائيلية القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك عن طريق عدم توخي الاحتياطات الممكنة لدرء الخطر عن المدنيين أو من خلال شن هجمات عشوائية أخفقت في التمييز بين المدنيين والأهداف العسكرية، أو من خلال تنفيذ هجمات ربما كانت موجهة مباشرة ضد الأعيان المدنية».
كما صدرت من منظمات حقوقية أخرى تقارير مماثلة، تدين جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي، من بينها تقرير صادر من منظمة «هيومن رايتس ووتش» الذي تضمّن تأكيداً وإدانة لاستخدام الفوسفور الأبيض من قبل إسرائيل في العمليات العسكرية في غزّة ولبنان في اليومين 10 و11 أكتوبر، أي بعد «طوفان الأقصى» بثلاثة أيّام.
المراد أن المنظمات الدولية قامت بدورها – إلى حد ما – تجاه جرائم قوّات الاحتلال، ولكن هذه المنظمات دانت أيضاً بعض ممارسات مقاتلي المقاومة الفلسطينية، الذين شاركوا في عملية «طوفان الأقصى»، استناداً على مقاطع فيديو صورتها كاميرات المركبات وكاميرات المراقبة في المناطق التي اقتحمها مقاتلو المقاومة. وهذه المقاطع والإدانات ومثيلاتها – الحقيقية والمفبركة – هي وقود الماكينات الإعلامية الجبّارة الإسرائيلية – والأطراف المساندة لها – التي محور أنشطتها تلطيخ صورة التنظيمات المقاومة للاحتلال الإسرائيلي.
في المقابل، يتنامى سعي التنظيمات الفلسطينية المقاومة إلى إنكار ونفي الاتهامات الإسرائيلية، من خلال إظهار التزامها بالقانون الإنساني الدولي (قانون النزاعات المسلحة).
ومن بين مظاهر هذا الالتزام التراجع عن تنفيذ التهديد بإعدام رهينة إسرائيلية مدنية مقابل كل قصف لبيوت الفلسطينيين من دون إنذار. هذا التراجع مستحق لأنه حسب القانون الإنساني الدولي، الانتهاكات والتجاوزات التي يرتكبها أحد أطراف النزاع لا تبرّر الانتهاكات من قبل الطرف الآخر. وأما المظهر الأحدث للالتزام الفلسطيني، فهو مفعم بالإنسانية، وهو مشهد إطلاق سراح الرهينتين المسنّتين الإسرائيليتين، الذي أظهر عودة إحداهما لمصافحة ووداع أحد معتقليها. هذه المساعي أكثر من رائعة، ولكنها غير كافية أمام الماكينات الإعلامية المعادية، وتباعاً غير رادعة لجرائم الماكينة العسكرية الإسرائيلية.
فالماكينة العسكرية الإسرائيلية ما كانت لتتمادى لهذه الدرجة في ارتكاب جرائم حرب، لولا تمكّن ماكيناتها الإعلامية من إلصاق تهمة الإرهاب بالتنظيمات الفلسطينية المقاومة. والتصدّي الناجع لهذه الماكينات الإعلامية يتطلب طفرة في نهج ومساعي هذه التنظيمات لإظهار حرصها على سلامة المدنيين في الصراعات، مهما كانت انتماءاتهم ومواطنهم.
طفرة تمنع تكرار الخطأ الإستراتيجي بعدم استنكار التفجير الإرهابي الذي استهدف مدنيين بمسجد بأفغانستان في أوّل جُمعة بعد «طوفان الأقصى». فطريق ترميم صورتها في المجتمع الدولي طويل والزاد قليل...
اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه.
abdnakhi@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي