أضواء

شبح جنوب أفريقيا العنصري يطارد الصهاينة المحتلين

تصغير
تكبير

في العام 1948، ومع بداية إعلان قيام الكيان الصهيوني المحتل في فلسطين، وصل الحزب اليميني الأبيض إلى الحكم في جنوب أفريقيا، ليعلن استمرار حكم الأقلية البيضاء للأكثرية السوداء في جنوب أفريقيا وفق سياسة الفصل العنصري التي تقوم على الاضطهاد والتمييز ضد الأكثرية من خلال فصل مؤسسات الدولة من تعليم وصحة وخدمات مختلفة أدى إلى تدني خدمات مؤسسات الأكثرية وتردي مستوى المعيشة وتفشي الفقر وحالة البؤس بين الأكثرية، ناهيك عن المعاملة السيئة الخالية من المشاعر الإنسانية التي تتبعها سلطات الفصل العنصري تجاه الأكثرية، وهي سياسة لا تختلف عن سياسة الفصل العنصري التي كانت تتبعها الولايات المتحدة تجاه السود والتي كانت تمثل صفحات سوداء في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، حيث لا تزال آثارها باقية حتى وقتنا الحاضر.
وكما اضطر الرئيس الأميركي جون كيندي، إلى إرسال قوات فيديرالية في الستينات لإنهاء سياسة الفصل العنصري في ولاية آلاباما، فقد اضطر رئيس حكومة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا فردريك دي كلارك، في العام 1990، إلى إنهاء حالة الفصل العنصري «الأبرتهايد» وأعلن للعالم أنها فشلت، والفضل في ذلك يعود إلى فضح انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم القمع المفرط لإسكات الأكثرية أمام العالم، ما أدى إلى امتعاض عالمي من تلك السياسة الطائشة غير المسؤولة، والاحتجاج الرسمي عليها، ثم مقاطعتها، وعزلها عن المجتمع الدولي ومعاملتها كدولة منبوذة.

شبح انهيار نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا لا يزال يشكّل كابوساً للكيان الصهيوني. فمنذ سبعة عقود والصهاينة المحتلون يمارسون نظام الفصل العنصري في فلسطين المحتلة، ويحاولون بشتى الحيل والأكاذيب إخفاء آثار سياساتهم العنصرية في فلسطين والتي تعدّت بكثير وحشية نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وقد فضحتها ما تتعرّض له غزة هذه الأيام من قصف مستمر جواً وبحراً وبراً على المباني السكنية والمستشفيات وآخرها المستشفى الأهلي الأنجليكاني الذي تم تدميره بالكامل وإزهاق أرواح المرضى والأطقم الطبية والمدنيين الذين تحصنوا في فنائه وهم بالمئات بينهم العشرات من الأطفال، وقطع الماء والكهرباء والوقود ما يعد جرائم حرب فظيعة تعدّت مفهوم انتهاك حقوق الإنسان وتستوجب رفعها إلى محكمة الجنايات الدولية من قبل جامعة الدول العربية.
لن تنفع محاولات الإعلام الغربي التعتيم على جرائم الصهاينة هذه المرّة، وقد انتشرت مشاهد الدمار وجثث القتلى وشاهدها سكان العالم من خلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، كما انتشرت وصلات إعلامية لشخصيات سياسية ونيابية عالمية ونشطاء سياسيين غربيين تفضح جرائم الصهاينة في غزة، وتثير مسألة الفصل العنصري الذي يمارسه الصهاينة المحتلون، وتؤكد على ضعف موقف الكيان الصهيوني في ادعائه الدفاع عن نفسه بهذه الطريقة الجنونية المتوحشة غير المتكافئة، مع تنامي مشاعر السخط بين الأميركيين والأوروبيين ومطالبتهم بوقف الاعتداءات الصهيونية على غزة، وقد أبدى 52 في المئة من الأميركيين معارضتهم إرسال أسلحة إلى الصهاينة المجرمين.
أما الإرهابي نتنياهو، فإن جرائم حربه على غزة أفشلت مشروعه التطبيعي الذي يريد به إنهاء مسألة الحل مع الفلسطينيين ليتخلص من إدانة كيانه بتهمة الفصل العنصري التي تلاحقه.
على الشرذمة الصهيونية أن تتعظ من درس جنوب أفريقيا، وأن يتخلوّا عن التفكير في ابتلاع فلسطين والتعايش بسلام مع محيط عربي ذي أكثرية مسلمة كثافته 430 مليون عربي متمسك بفلسطين، هذا عدا مليار مسلم قلوبهم تهفو إلى المسجد الأقصى.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي