«ادخلوا عليهم البابَ فإذا دخلتموه فإنّكم غالبون وعلى الله فتوكّلوا إن كنتم مؤمنين». المائدة 23.
فوق كونها طوفاناً فإن العملية يمكن اعتبارها زلزالاً. فالزلزال لا يمكن التنبؤ به ويقع بشكل مفاجئ. وهذا ما فوجئ به الصهاينة المحتلون. فاجأت «حماس» السلطات الصهيونية بعمليتها البطولية «طوفان الأقصى» واستطاعت أن تخترق الطوق الأمني الصهيوني وتنفذ إلى المستوطنات الصهيونية المحاذية لقطاع غزة المحاصر، وتأسر العشرات من جنود الصهاينة في معبر «أريز» وهو المنفذ الوحيد لسكان غزة إلى فلسطين المحتلة والذي يشهد يومياً أفظع ما يتصوره المرء من سوء معاملة وإذلال للفلسطينيين على أيدي الجنود الصهاينة المحتلين الذين سقطوا في العملية أسرى أذلاء بأيدي المناضلين الفلسطينيين، كما سقط المئات غيرهم من ضباط وجنود ومدنيين، وتم نقلهم إلى غزة و«الجزاء من جنس العمل».
لكن ما يلفت الانتباه هو تصريح وزير الخارجية الأميركي بلينكن «سنبحث في أسباب إخفاق الاستخبارات في توقّع الهجمات». فعملية طوفان الأقصى ليست مجرد عملية عسكرية، إنها نجاح استخباراتي للمقاومة وانكشاف لضعف جهاز الاستخبارات الصهيوني الذي طالما تشدّق بأنه من أقوى الأجهزة الاستخباراتية في العالم!
البيت الأبيض الأميركي يشعر بمرارة من نجاح تلك العملية في اختراق القلعة الحصينة للصهاينة التي تمتلك ترسانة عسكرية ضخمة من سلاح طيران ودبابات وصواريخ وقطع بحرية لكنها فقدت أهميتها في زلزال تلك العملية المباغتة، ولذلك قامت بمواساة الحكومة الصهيونية واعتبرت العملية إرهاباً كالعادة كما قامت بإرسال حاملة الطائرات «فورد» لترابط في البحر المتوسط، وكأن لسان حالها يقول ان لا فائدة من ترسانتكم العسكرية ومن مساعداتنا لكم ولا بد من دخول المعركة إلى جانبكم، ليكشف البيت الأبيض أنه والصهاينة المحتلين وجهان لعملة واحدة في فرض الاحتلال بالقوة وعلى عكس ما يدعيه من السعي وراء نشر السلام في المنطقة.
فوق الضغوط التي يعاني منها الإرهابي نتنياهو داخل الكيان الصهيوني وأزمته مع محكمته العليا، فإن عملية طوفان الأقصى زادت من همومه، خصوصاً أن المتطرفين من أعضاء حكومته مثل وزير الأمن إيتمار بن غفير، الذي يتهمه القضاء الصهيوني بأنه إرهابي قد قدّم للمناضلين الفلسطينيين مبرّراً لتنفيذ عمليتهم البطولية انتقاماً لما يقوم به هذا الإرهابي من تشجيع المستوطنين على اقتحام ساحة المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين فيه وتدنيسه وتمزيق المصاحف تحت حماية الجنود الصهاينة وتحت مرأى ومسمع الإدارة الأميركية ما يعد جريمة اعتداء فظيعة في حق من يمارس شعائره الدينية.
أفاد كميل فوكس، المختص في استطلاعات الرأي أن مئات الآلاف من يهود الكيان الصهيوني يفكرون في الهجرة إلى الخارج، وأن الكثير من عائلاتهم تسدي النصائح لأولادها بالهجرة بعد تشكيل حكومة الإرهابي نتنياهو اليمينية المتطرفة. بينما تفيد دائرة الإحصاء المركزية الصهيونية أن 900 ألف هاجروا من الكيان آخر العام 2022. المؤكد أنه بعد عملية طوفان الأقصى المباركة، ستزداد نسبة الهجرة المعاكسة من الكيان الصهيوني بسبب فقدان الأمن، وهذا أشد ما يخشاه الكيان الصهيوني على بقائه، ولا ينفع معه التطبيع المرفوض من الشعوب العربية والإسلامية.
الانتقام بقتل سكان غزة المحاصرة بالقصف العشوائي دليل على أن الكيان الصهيوني فقد عقله ويتصرّف بجنون وبتشجيع من الإدارة الأميركية.