«ثقوب» في «المظلة الخُماسية» في ضوء تَبايُن السقوف لدولها

واشنطن «زجرت» باريس... والمبادرة الفرنسية حول لبنان تترنّح

ميقاتي عقد لقاء ثلاثياً مع أردوغان وعباس تم خلاله البحث في القضايا ذات الاهتمام المشترك
ميقاتي عقد لقاء ثلاثياً مع أردوغان وعباس تم خلاله البحث في القضايا ذات الاهتمام المشترك
تصغير
تكبير

- ميقاتي التقى في نيويورك أردوغان وعباس والسوداني
- «التيار الحر» يرفض حواراً برئاسة بري ويصوّب ضمناً على قائد الجيش
رغم الإشارة السلبية التي شكّلها خروجُ اجتماعِ مجموعة الخمس حول لبنان في نيويورك من دون أي بيانٍ وما تَكَشّفتْ عنه مضامينُ لقاء الـ 30 دقيقة بين ممثّليها على مستوى ديبلوماسيين كبار وموظّفين من تبايناتٍ بين بعض أطرافها، فإنّ هذا الأمر لم يبلغ حدّ نعي المسار الخارجي الرامي إلى محاولة توفير «بوليصة تأمين» للبنان من«الآتي الأعظم» بحال استمرّ الإمعان في تعطيل الانتخابات الرئاسية فيما البلادُ مازالت في مرمى العاصفة المالية الأعتى وإن خًفَتَ عصْفُها.
ومع تَواتُر المعلومات عن المناخ المحتدم الذي طَبَع اجتماع «الخماسية» ولا سيما على «الجبهة» الأميركية – الفرنسية في ضوء استمرار جان - إيف لودريان المبعوث الشخصي للرئيس إيمانويل ماكرون بالدوران في «حلقةٍ مفرغةٍ» في إطار مَهمته التي أنهى الأسبوعَ الماضي الجولةَ الثالثة منها بلا طائل، فإنّ مَصادر سياسية رأت أن تفاوُت السقوف بين شركاء المجموعة حيال إمكانات وآليات الدفع بالمسار الرئاسي وما عبّر عنه لقاء ممثّليها يوم الثلاثاء من تعرُّض «الخيمة» الخارجية الراعية للواقع اللبناني لـ «ثقوب» لا يُستهان بها، فإن هذا الأمر لا يُسْقِط إمكانَ استمرار الحِراك الخارجي ولو عبر مَسارب «بالمفرّق» مدعومة من دول ثقل (في المجموعة) على قاعدة أن «كل الطرق يتعيّن أن تؤدي إلى انتخاب رئيس».
ومع أنّ المصادر تقرّ بأن وقوفَ أعضاء مجموعة الخمس كـ «رَجُل واحد» في مقاربة الأزمة اللبنانية كان من شأنه أن يشكّل عامل ضغط أكبر، ولا سيما بعدما كان لقاء أعضائها في الدوحة قبل نحو شهرين لوّح بإجراءات بحق المُمْعِنين في عرقلة هذا الاستحقاق، فإنها رأتْ أن دورَ فرنسا كان انتهى واقعياً قبل أن «تزجرَه» في نيويورك ممثلة الولايات المتحدة باربرا ليف التي بدا وكأنّها ضغطتْ على زرّ «انتهى وقت السماح» الذي مُنح لها، وذلك عبر طلبها وضع وقت محدّد لمبادرة لودريان قبل الانتقال إلى خطوات بحق المعطّلين، وتالياً جاء لقاء أول من أمس ليفرّغ أكثر محاولات باريس التي لم تُمْنَ في الملف اللبناني إلا بخسائر أقلّه منذ 2020 ومساعي ماكرون لقيام حكومةِ اختصاصيين «دفنتْها» تعقيدات الوضع في «بلاد الأرز» وتعدُّد اللاعبين الاقليميين والدوليين وافتقار فرنسا لأدوات التأثير.

ورأت المصادر نفسها أنه منذ أن أسقطت المعارضة النسخةَ الأولى من المبادرة الفرنسية حول الرئاسة والتي قامت على مقايضة بين مرشح قوى الممانعة سليمان فرنجية ورئيسِ حكومةٍ قريب مما كان يُعرف بـ 14 مارس (نواف سلام)، بدا أن باريس باتت أسيرة دورٍ لا تحتمل إعلان فشله، ولا سيما بعد الانتكاسات المتلاحقة التي تعرّضت لها في القارة الأفريقية، وهو ما جعل فرنسا «تعضّ على الجِراح» في مسعاها اللبناني وتمْضي بنسخة ثانية ارتكزتْ على استدراج الجميع الى حوارٍ حول الرئاسة من خارج مقررات بيان الدوحة الذي أكد وجوب إجراء الانتخابات وفق الدستور وفي البرلمان، قبل أن يتراجع لودريان ساعياً لتسويق الحوار «تحت قِناع» النقاش، طارحاً نفسه مرّةً بمثابة «موفد» لرئيس البرلمان نبيه بري عبر دعم مبادرة الأخير لحوار الأيام السبعة التمهيدي لجلساتِ انتخابٍ مفتوحة، قبل أن يُعْطي إشاراتٍ حول بدء مرحلة البحث عن «الخيار الثالث».
وإذ يشكّل إصرارُ لودريان على العودة إلى بيروت خلال نحو أسبوعين - حيث يُفترض أن يعاود دعوة الأطراف إلى لقاءٍ يُنتظر ألا يكتمل نصابه بحال اتخذ أياً من أشكال الصورة الجامعة - مؤشراً إلى أن باريس صارتْ في «ورطة» في مَهمتها اللبنانية، فإن المصادر السياسية نفسها ترى أن «التنفيسَ» الأميركي للمهمة الفرنسية لا يُسْقِطُ الرهان على الدور القطري المرتقب الذي يُفترض أنه مدعوم من واشنطن وخليجياً ويبقى نجاحُه مرتبطاً بمدى قدرة الدوحة على رعاية تسويةٍ لا تغيب عنها طهران، صاحبة أقلّه «الفيتو» في الملف الرئاسي ربْطاً بالتوازنات الحالية في البرلمان، وقد يكون دخول واشنطن شبه «الصِدامي» مع فرنسا مؤشراً إلى انتقال المسار الرئاسي إلى مرحلة «الأصيلين (دولياً) وليس الوكلاء».
وفيما أفادت معلومات أن مداخلة المندوب السعودي في لقاء نيويورك أكدت ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية كي تنطلق عمليات المساعدات نحو لبنان، وسط تقارير نقلت عن أوساط ديبلوماسية (صحيفة نداء الوطن) أن دعوة ليف الى «حوار لبناني - لبناني في شأن الانتخابات الرئاسية» ليست تأييداً لحوار بري بل تأكيد على المواقف المبدئية الأميركية التي تحض على أن «يحسم اللبنانيون أمرهم بالعودة الى دستورهم وقوانينهم»، استوقف المصادر السياسية تَعَمُّد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني التطرق أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة إلى الأزمة الرئاسية في لبنان، قائلاً إن «الخطر أصبح محدقاً بمؤسسات الدولة في لبنان، ونؤكد ضرورة إيجاد حل مستدام للفراغ السياسي في لبنان وإيجاد الآليات لعدم تكراره وتشكيل حكومة قادرة على تلبية تطلعات الشعب اللبناني والنهوض به من أزماته الاقتصادية والتنموية».
واعتُبر موقف أمير قطر بمثابة «جرس إنذار» قوي وتمهيد ضمني من على أعلى مستوى لدور بلاده في الملف اللبناني، من دون أن يُعرف هل سينجح هذا الدور متى بدأ أم سيَعْلَق في شِباك التعقيدات الداخلية والإقليمية ما لم تكن توافرت كل الظروف والتقاطعات الكفيلة تعبيد الطريق أمام انتخاب رئيس، والتي لن يكون ممكناً فصْلها عن مآلات عناوين تتحرّك بقوة في الإقليم وليس أقلّها الملف اليمني.
لقاءات ميقاتي
في موازاة ذلك، وقبل إلقائه كلمة لبنان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، استكمل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اجتماعاته في نيويورك وكان أبرزها أمس لقاء ثلاثي مشترك مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الفلسطيني محمود عباس، تم خلاله البحث في القضايا ذات الاهتمام المشترك.
كذلك عقد ميقاتي اجتماعاً ثنائياً مع عباس جرى خلاله البحث في الوضع الفلسطيني ولا سيما الأحداث الأخيرة في مخيم عين الحلوة.
وقد أكد عباس أنه أعطى توجيهاته لإنهاء هذه الأحداث ووقف الاقتتال والالتزام بالقانون اللبناني والتنسيق مع الدولة اللبنانية.
بدوره شدد رئيس الحكومة على «أولوية وقف الأعمال العسكرية والتعاون مع الأجهزة الأمنية اللبنانية لمعالجة التوترات القائمة»، مؤكداً «أن ما يحصل لا يخدم على الإطلاق القضية الفلسطينية ويشكل إساءة بالغة الى الدولة اللبنانية بشكل عام وإلى مدينة صيدا خصوصاً التي تحتضن الإخوة الفلسطينيين، والمطلوب في المقابل أن يتعاطوا مع الدولة اللبنانية وفق قوانينها وأنظمتها والحفاظ على سلامة مواطنيها».
كما اجتمع ميقاتي مع رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني وجدد له الشكر على وقوف العراق الدائم الى جانب لبنان في كل المجالات، ومتابعته الدؤوبة للشؤون اللبنانية.
«التيار الوطني الحر»
وفي سياق متصل بالأزمة الرئاسية، برز أمس موقف لـ «التيار الوطني الحر» بعد اجتماعه برئاسة رئيسه النائب جبران باسيل واعتُبر تصويباً جديداً على قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي يتقدّم اسمه كـ «خيار ثالث»، إذ أعلن «أن ضغط النازحين السوريين على لبنان بلغ أعلى درجات الخطورة»، محمّلاً «المسؤولية للحكومة بتخاذلها وللأجهزة العسكرية والأمنية التي تتقاعس في كثير من الأحيان عن ضبط الحدود على المعابر المعروفة والتي لا يجري ضبطها عمداً».
ولفت باسيل في غمز من قناة رأس المؤسسة العسكرية، إلى «أن التذرع بالحاجة الى مزيد من الجنود لضبط المعابر هو حجة ساقطة وستترتب عليها نتائج خطيرة خصوصاً أنه يُستَشَف منها توجيه رسائل لأهداف سياسية».
ولم يقلّ دلالة تكرار التيار الرفض الضمني لحوارٍ وفق ما يطرحه رئيس البرلمان وبرئاسته، إذ أكد «ترحيبه بالحوار من أجل الوصول الى انتخاب رئيس، على ان يتم حصره بموضوع الانتخابات وبرنامج العهد ومواصفات الرئيس وبفترة زمنية ومكان محدديْن وان يكون غير تقليدي ومن دون رئيس ومرؤوس بل بإدارة محايدة ويتخذ شكل مشاورات وتَباحُثا ثنائيا وثلاثيا ومتعدّد الطرف، بين رؤساء الأحزاب أصحاب القرار، على ان يلي ختام الحوار عقد جلسة انتخابية مفتوحة بمحضر واحد يتم فيها إما انتخاب الشخص المتّفَق عليه وما التنافس ديموقراطياً بين المرشحين المطروحين».
كما أكد في ما خص الحوار المفتوح بين التيار وحزب الله «حول برنامج العهد أي الأولويات الرئاسية إضافةً الى قانوني الصندوق الائتماني واللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة» على «مطالب(التيار)بإقرار هذين القانونين مسبقاً قبل الانتخابات الرئاسية في حال اعتماد خيار تسهيل الاسم (أي السير بفرنجية) أو الاتفاق على مرشح جديد (غير فرنجية) مع برنامج للعهد على أن يشكل هذان القانونان أولوية لإقرارهما في العهد الجديد».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي