عجز الميزانية المتوقع بالعامين المقبلين أقل من المقدّر
«هيرميس»: مركز الكويت سيبقى متيناً مالياً... على المدى المتوسط
- «المالية» حوّلت 1 في المئة فقط من الفائض إلى «الأجيال القادمة» يُعادل 64 مليون دينار
- العجز المتوقّع للسنة المالية 2024 لن يعكس مشكلة بفضل الفوائض الضخمة
- توقعات بأن تسجل السنة المالية 2023 فائضاً يبلغ 23 في المئة من إجمالي الناتج المحلي
- 7.4 في المئة و6.4 في المئة من الناتج المحلي عجزاً بميزانية العامين المقبلين على التوالي
- منحى الاستهلاك الخاص سيبقى جيداً بشكل عام لكنه سيتباطأ عن قاعدته المرتفعة
ذكرت شركة «إي إف جي هيرميس» في تقرير صدر عنها حديثاً أن المركز المالي للكويت سيبقى متيناً في المدى المتوسط، خصوصاً مع إضافة دخل الاستثمار، بفضل أسعار النفط المرتفعة والعائدات القوية من صندوق الثروة السيادي.
وتوقعت «هيرميس» أن تتمتّع الكويت في السنة المالية 2023 بفائض يبلغ 23 في المئة من إجمالي الناتج المحلي وأن يستمر الفائض في السنتين الماليتين 2024 و2025 وإن يكن بمستويات أكثر اعتدالاً بمعدل 5.4 في المئة و6.6 في المئة على التوالي نتيجة انخفاض أسعار النفط.
وبعد مراجعة عرض الميزانية الذي قدمته وزارة المالية، والذي يستبعد دخل الاستثمار، توقعت «هيرميس» حدوث عجز في الميزانية في العامين المقبلين يبلغ 7.4 في المئة و6.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي بعد الفائض الكبير الذي سجلته الكويت في العام الماضي بنسبة 12 في المئة.
وأشارت «هيرميس» إلى أن العجز الذي تتوقعه أصغر من العجز الذي قدرته ميزانية الحكومة والذي كان يرتكز إلى سعر معتدل لبرميل النفط هو 70 دولاراً، معربة عن اعتقادها بأن العجز المتوقع للسنة المالية 2024 لن يُشكّل على الأرجح مشكلة كبيرة من حيث التمويل لأن صندوق الاحتياطي العام تعزّز في العام الماضي بفائض بلغ 6.4 مليار دينار.
ولكن تبقى هنالك أولوية رئيسة لزيادة سيولة الصندوق من خلال الإصلاحات المالية بالدرجة الأولى ولإصدار قانون الدين لإحداث منحى مالي أكثر استدامة في المدى المتوسط.
عودة الاستهلاك
وتوقّعت «إي إف جي هيرميس» حدوث انكماش بـ2023 بنسبة 0.8 في المئة في نمو اجمالي الناتج المحلي ونمو بنسبة 2.6 في المئة عام 2024 مقارنة بنمو بنسبة 8.2 في المئة عام 2022.
وأرجعت أسبابه الى تراجع الإنتاج النفطي وتباطؤ نمو الاستهلاك الخاص. ولفتت إلى أن الكويت تقيدت بالتزامات «أوبك بلس» بخفض الإنتاج بحيث إنه انخفض في المتوسط هذا العام بواقع 3.5 في المئة إلى 2.61 مليون برميل يومياً.
أما الاستهلاك الخاص الذي كان المحرك الأقوى للنمو الاقتصادي خلال العامين الماضيين فمن المرجح أن يواصل التباطؤ انطلاقاً من قاعدة مرتفعة. كما رجّحت أن تعود الدخول المتاحة إلى مستويات طبيعية مع تباطؤ معدلات الادخار المرتفعة.
ولكن «هيرميس» ترى أن منحى الاستهلاك الخاص سيبقى جيداً بشكل عام ولكنه سيتباطأ من قاعدته المرتفعة، مضيفة أنه لذلك يتوقع للنمو غير النفطي أن يتباطأ في 2024 إلى 3.5 في المئة من مستوى مقدّر بـ 3.8 في المئة عام 2022.
نمو الاستثمارات
وأشارت «هيرميس» إلى أن المحرك الإضافي للنمو المعتدل المتوقع في اجمالي الناتج المحلي النمو المعتدل في الاستثمارات. فميزانية السنة المالية 2024 تتوقع تراجعاً في الإنفاق الاستثماري بنسبة 21 في المئة، وذلك لاعتبارات منها إحداث توازن مع مستوى الانفاق الجاري المرتفع قليلاً، وذلك بفضل الترسيات الضخمة في قطاع الطاقة.
ويدل هذا المستوى المرتفع من ترسيات المشاريع على نمو ضعيف بعض الشيء للنمو الائتماني للشركات في العام الماضي، ولذلك من المرجح ان يستمر خصوصا في ظروف أسعار الفائدة المرتفعة.
من جانب آخر، قالت «هيرميس» إن مجلس الأمة أقرّ أخيراً المسودة النهائية لميزانية السنة المالية 2023/2024 إضافة الى الحسابات النهائية لميزانية السنة المالية 2022/2023، وتظهر الحسابات النهائية فائضاً يعزّز الاحتياطيات المالية للبلاد. وأكدت ان كل الحالات تشير إلى أن الكويت تواصل التمتع بمركز مالي مريح حيث يولد النظام المالي أصولاً خارجية يرجح أنها تجاوزت مستوى 800 مليار دولار أو 500 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
حسابات ختامية
وأدى الارتفاع الحاد في أسعار النفط عام 2022 مقترناً بارتفاع كبير في انتاج النفط إلى إحداث زيادة كبيرة في الإيرادات النفطية (التي سجلت خلال العام أعلى مستوى لها خلال 8 سنوات) ما أحدث بدوره فائضاً كبيراً في الميزانية المالية بلغ 6.4 مليار دينار.
ولكن الإيرادات غير النفطية تراجعت بنسبة 13 في المئة على أساس سنوي لأسباب أهمها انتهاء تعويضات حرب الخليج.
وكانت هذه الأخيرة قد طغت على نمو قوي نوعاً ما بنسبة 26 في المئة في الإيرادات الضريبية مع تعافي الاقتصاد بقوة من آثار الجائحة.
بالإضافة إلى الارتفاع القوي الذي شهدته إيرادات النفط، فقد تلقى الفائض المالي دعماً هامشياً أيضاً من خلال انخفاض إجمالي النفقات بنسبة 3 في المئة تقريبا، مع انخفاض النفقات الجارية والرأسمالية. وانخفضت الأجور بنسبة هامشية بلغت 1.2 في المئة عن القاعدة المرتفعة للعام الماضي، في حين انخفضت المزايا الاجتماعية بنسبة أكبر بلغت 61 في المئة على أساس سنوي مع انخفاض النفقات على الرعاية الصحية.
وبشكل عام، بلغ إجمالي النفقات 95 في المئة من الميزانية، ما يتماشى إلى حد كبير مع الاتجاهات التاريخية.
ولاحظت «هيرميس» أنه تماشياً مع التغييرات التشريعية الأخيرة، ورغم الفائض الكبير، لم تكن وزارة المالية ملزمة بتقديم أيّ تحويلات كبيرة إلى صندوق الأجيال القادمة.
ولم تحوّل الحكومة سوى 1 في المئة من الفائض، أي 64 مليون دينار فقط؛ بالتالي، ما يحفظ الفائض لتعزيز صندوق الاحتياطي العام. تاريخياً، ألزم القانون الحكومة بتحويل 10 في المئة من إيراداتها إلى صندوق الأجيال القادمة.
وعلى المستوى المالي الأوسع، أي عند إضافة دخل الاستثمار إلى الميزانية، وفقا لمنهجية صندوق النقد الدولي الموحدة، يتضخم الفائض المالي فعلياً إلى 12.5 مليار دينار، ما يُعادل 23 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في إشارة واضحة إلى المركز المالي الأساسي القوي للحكومة.
إنفاق قياسي
ورجّحت «هيرميس» تراجع الأداء المالي الرئيسي هذا العام مقارنة بالمستويات الاستثنائية التي شهدها العام الماضي، وتعود الأسباب الرئيسة لذلك إلى ما يلي:
1 - عودة أسعار النفط لمستويات عادية من 100 دولار تقريباً للبرميل في العام الماضي.
2 - بنود النفقات لمرة واحدة. وبالتالي، تتوقع الحكومة عجزاً في الميزانية قدره 6.8 مليار دينار، ما تعتقد «هيرميس» أنه متحفظ للغاية.
خطط لزيادة ملحوظة بالإنفاق
أشارت «هيرمس» إلى أنه في مشروع الميزانية الذي وافق عليه مجلس الأمة في 2 أغسطس، توقعت الحكومة انخفاضاً بنسبة 20 في المئة في عائدات النفط، بفضل انخفاض الأسعار وإنتاج النفط. وبيّنت أنه بشكل تحفظي، رصدت الحكومة 70 دولاراً للبرميل في ميزانيتها، وهو أقل من 80 دولاراً للبرميل المفترض في ميزانية العام الماضي وأقل بنسبة 28 في المئة تقريباً من سعر السوق الحالي. بالتوازي، وتفترض الحكومة أن إنتاج النفط سينخفض بنسبة 2 في المئة على أساس سنوي إلى 2.68 مليون برميل يومياً.
إضافة إلى ذلك، أوضحت «هيرمس» أن الحكومة تخطط لزيادة ملحوظة في الإنفاق(+12 في المئة على أساس سنوي)، وسيكون الإنفاق مدفوعاً بالكامل بالنفقات الجارية، والتي من المقرر أن ترتفع بنسبة 15 في المئة، وفي الوقت نفسه، يتوقع انخفاض النفقات الرأسمالية بنسبة 21 في المئة، وتلاحظ «هيرميس» أن الارتفاع الملحوظ في النفقات الجارية يرجع جزئياً إلى بنود لمرة واحدة.
وقالت الحكومة إن الموازنة تتضمن 1.55 مليار دينار من المتأخرات والتسويات، معظمها واضح في مكونات الأجور والدعوم.
وباستثناء هذه الحالات غير المتكررة، فإن إجمالي النفقات كان ليرتفع بنسبة أكثر اعتدالا تبلغ 5 في المئة.
العجز المالي سيصل مستوى أكثر اعتدالاً
توقعت «هيرميس» أن يصل العجز المالي إلى مستوى أكثر اعتدالاً نسبياً يبلغ 3.7 مليار دينار، حيث ترجح وصول أسعار النفط إلى 80 دولاراً للبرميل، كما تتوقع أيضاً إنفاقاً أقل قليلاً من الميزانية المرصودة.
وقالت إنه ينبغي تمويل العجز بسهولة من خلال احتياطيات الحكومة. على المستوى المالي الأوسع، أي عند النظر في إضافة دخل الاستثمار، وفقاً للعرض المالي لصندوق النقد الدولي، تقدّر «هيرميس» أن الميزانية ستُسجل فائضاً مالياً إجمالياً قدره 2.2 مليار دينار (4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، ما يظهر مرة أخرى المركز المالي الأساسي المريح الذي تتمتع به الكويت.