خبزٍ خبزتيه يالرفله اكليه


اكتب يا علي، هذا ما تصالح عليه محمد، رسول الله، وسهيل بن عمرو، قال سهيل متعجباً لو علمت أنك رسول الله ما قاتلتك، بل اكتب هذا ما تصالح عليه محمد بن عبدالله وسهيل بن عمرو.
تألم علي بن أبي طالب، من أن يمسح كلمة رسول الله، وأن يتجرّد النبي صلى الله عليه وسلم، من ألقابه تنازلاً وحلماً فمسحها صلى الله عليه وسلم بريقه بعد أن قال له: أين هي يا علي؟، ثم أخذ علي يُكمل ما يُملى عليه من شروط صلح الحديبية بين النبي عليه الصلاة والسلام وسهيل بن عمرو نائباً عن مكة، فكان ذلك الشرط الذي ثارت له غضبة المسلمين من هذا التنازل والانكسار وهو:
أن يرد المسلمون مَنْ يأتيهم من قريش مسلماً بدون إذن وليه، وألا ترد قريش مَنْ يعود إليها من المسلمين.
وما إن انتهى النبي عليه الصلاة والسلام، من الصلح وإذا بذلك الشاب الذي يدخل يصرخ ويستنجد برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أبوجندل بن سهيل بن عمرو، الذي اتفق مع النبي عليه الصلاة والسلام على الصلح، حاول أن يستثنيه النبي من شرط سهيل، فقال سهيل: إنما هذا أول مَنْ يجري عليه الشرط!
فحثه النبي صلى الله عليه وسلم، على التصبّر والثبات، وذلك على مرآى ومسمع من المسلمين الذين تتقطع قلوبهم على صاحبهم وهم لا يستطيعون له نصراً ولا دفع ضر.
فكت قريش وثاق كل الذين قيدوهم لضمان عدم ذهابهم للمسلمين، وماهي إلا فترة قليلة حتى أصبح كل مَنْ يسلم لا يذهب إلى المدينة -بحكم العهد- بل يأوي إلى الجبال فأصبحوا عصبة وشوكة على قوافل قريش، فالشرط الذي ظنوا أنهم به انتصروا لأنفسهم أصبح اليوم وبالاً عليهم، فذهب سهيلٌ إلى المدينة يناشد النبي -صلى الله عليه وسلم- الله والرحم إلا ما تنازل وقبلهم معه، فأرسل لهم النبي عليه الصلاة والسلام وضمهم إلى أهل المدينة.
يتعرّض المسلمون المقيمون في الدول الغربية اليوم لبعض أشكال الاضطهاد العقائدي والفكري وكتم الأفواه وتقييد الأفكار كعدم السماح لتعليم الأطفال عن نوع الجنس البشري (ذكر- أنثى) أثناء نشأتهم بل ترك تلك المهمة للدولة نفسها لتحدّد ماهيتهم! أو تشويه لمفهوم الغريزة الجنسية الطبيعية، كما يتم أيضاً تعليمهم على عدم رفض الشذوذ الجنسي ناهيك عن تقبيحه كسلوك منافٍ للفطرة، على عكس ما تفعله الدولة من ممارسة حريتها الفكرية في استباحة هذه الأفكار وقمع غيرها من ممارسة حرية العبادة أو نشر الثقافة الدينية أو الأخلاقية، والضياع الأول والأخير إنما هو على أبناء مجتمعهم بالدرجة الأولى.
أعتقد أن كل ذلك سوف يعود وبالاً عليهم وعلى ما يرونه «حرية فكرية»، وعلى ترويجهم لأفكار شيطانية دجالية ظناً منهم بتحقيق الانتصار والقوة و بفرض السيطرة الخداعة على مجتمعٍ شاخت قوته كقريش يوم الحديبية، فماهي إلا ليلة وضحاها، فيقولوا: نناشدكم الله والرحم إلا ما نشرتم معتقداتكم السليمة وأنقذتم مجتمعنا من هذا الانحلال والضلال.