أما بعد...

خارطة التشريع... إن صدقت

مع قرب صدور مرسوم الدعوة لدور الانعقاد العادي الثاني للفصل التشريعي الحالي، أصدر عدد من أعضاء مجلس الأمة بياناً حددوا فيه خارطة الطريق التشريعية للمرحلة المقبلة، والتي تشمل 8 اقتراحات في فترة زمنية مدتها شهران، ولا أريد أن أُفصّل في هذه الاقتراحات من حيث أولويتها أو ثانويتها فهذا قد يختلف أو يتفق معي القارئ به، ولكني سأتطرّق إلى ما لا يختلف معي فيه كل مُدرك للوضع السياسي في البلاد.

لاحظنا في هذا البيان الصادر أنه لا يحمل في سطوره أي دلالة على تنسيق نيابي حكومي مسبق، أو حتى موافقة من حيث المبدأ من الجانب الحكومي على بنود البيان... بل كان البيان بمثابة إعلان مفاجئ لهذه الخارطة التشريعية للشعب والحكومة بآن واحد. حيث إنه في هذه الفترة «أعني الاجازة البرلمانية» لم يُعلن عن أي اجتماع تنسيقي بين النوّاب يتدارسون فيه أولويات دور الانعقاد المقبل. وزاد البيان فيما احتواه على تلميح لتفعيل الأدوات الدستورية النيابية والمحاسبة السياسية «والمقصود بها حق الاستجواب» في حال تقاعس وتهاون الحكومة أو حتى ان اخلت الحكومة بالوقت الزمني الذي حدده النواب في البيان، أو تراخت في التعاون لتحقيق هذه الاقتراحات النيابية.

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هناك صداماً نيابياً حكومياً «خلف الكواليس» وخلافاً كبيراً بين الفريقين أدى بالنواب لإصدار مثل هذا البيان لرفع الحرج والمساءلة الشعبية عنهم... وان قال قائل هذا غير صحيح وان هناك انسجاماً نيابياً حكومياً، فالجواب عنه: إن كان هناك انسجام وتوافق فلماذا لم يتم التنسيق المسبق وأخذ الآراء والوصول إلى خارطة تشريعية توافقية؟ ناهيك أن البيان لم يُذيّل بأسماء مُصدِّريه!! فهل يُفهم من ذلك إنه صادر بإجماعٍ نيابي؟

علينا أولاً أن نصحو من غفوة أحلامنا الوردية وأن نسأل سؤال المُتَعجِّب هل من المعقول إقرار 8 اقتراحات نيابية في ظل وجود مؤشرات معارضة حكومية في شهرين! ولماذا جُعل إلغاء الوكيل المحلي آخر الاقتراحات؟ فإن كان بعض التجار كما يزعم كثيرون هم «أسباب الفساد» أليس الأولى أن يكون اقتراح إلغاء الوكيل المحلي في صدارة الأولويات إن صدقوا؟

إن الشعب يا سادة يريد ضماناً مالياً قبل التشريع القانوني؛ ضماناً مالياً في أن يُلزم فيه البرلمان الحكومة بأن تخرج للشعب وبشكل رسمي تطمئن فيه الشعب أن لا ضرائب ستُقر ولا مساس بالاحتياطي العام ولا مَطالب بدينٍ عام. أليس حريٌ بالنواب تثبيت العرش ثم النقش. شبع الشارع وارتوى من إصدار البيانات وكثرة الوعود وها نحن في السنة الثالثة من تصحيح المسار ولم نرَ مساراً ولم نلتمس تصحيحاً بل لم يزد حال البلاد إلا تيهاً وضياعاً... نسأل الله العافية.

ختاماً:

يُروى في كُتب الأدب القول المأثور عن الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود، رضي الله عنه، أنه قال: لا تعجلن بمدح أحدٍ ولا تَذمّهُ، فإنهُ رب من يَسُرّك اليوم يسوءك غداً.

وقال الشاعر قيس بن عمرو الحارثي:

إني امْروٌ قَلَّ ما أُثني على أحدٍ

حتىّ أرى بعض ما يَأتي وما يَذرُ..

ولا تَحمدنَّ امْرِءاً حتى تُجَرِّبَهُ

ولا تَذُمَنَّ من لم يَبْلُهُ الخَبَرُ..

X: @Fahad_aljabri

Email: Al-jbri@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي