"المشكلة لم تكن في إطلاق التحذير في الوقت المناسب بل في حقيقة عدم القدرة على التعامل مع مثل هذا الوضع"
الأمم المتحدة ترى أنه "كان من الممكن" تفادي سقوط "معظم" قتلى فيضانات ليبيا
أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، أمس، أنه "كان من الممكن تفادي سقوط معظم الضحايا" جراء الفيضانات المدمرة التي خلفت آلاف القتلى والمفقودين في شرق ليبيا.
وقال الأمين العام للمنظمة بيتيري تالاس خلال مؤتمر صحافي في جنيف، إنه "كان بالإمكان إصدار إنذارات، لكانت هيئات إدارة الحالات الطارئة تمكنت من إجلاء السكان، ولكننا تفادينا معظم الخسائر البشرية"، مشيراً إلى قلة التنظيم في ظل الفوضى المخيمة في هذا البلد منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي.
وأتت تصريحات المسؤول الأممي بعد أيام من ضرب الإعصاء "دانيال" منطقة شرق ليبيا، والتي نجم عنها أمطار غزيرة جداً تسببت بانهيار سدّين قريبين من درنة، فاجتاحت المياه المدينة جارفة الأبنية والناس.
وأحصت سلطات الشرق إلى الآن نحو أربعة آلاف قتيل، وأشارت إلى أن بين الضحايا 400 أجنبي على الأقل غالبيتهم من السودانيين والمصريين.
وأرجع تالاس حجم الكارثة بشكل كبير إلى الافتقار إلى أدوات التنبؤ بالطقس واتخاذ إجراءات في شأن الإنذارات المبكرة.
كما ألقى باللوم على الصراع الداخلي المستمر منذ سنوات والذي قسّم البلاد، إذ أدى إلى "تدمير كبير لشبكة مراقبة الأرصاد الجوية وتدمير أنظمة تكنولوجيا المعلومات".
وأوضح تالاس أن "الفيضانات وقعت ولم تتم عملية إخلاء نتيجة عدم وجود أنظمة إنذار مبكر مناسبة"، مشيراً إلى أن الإخلاء كان سيحدّ كثيراً من عدد الضحايا.
وأضاف "بالطبع لا يمكننا تجنب الخسائر الاقتصادية بشكل كامل، لكن كان بإمكاننا أيضا تقليلها من خلال توفير الخدمات المناسبة".
وأصدر المركز الوطني للأرصاد الجوية في ليبيا (NMC) تحذيرات مبكرة في شأن الطقس القاسي القادم قبل 72 ساعة، وأخطر السلطات الحكومية عبر البريد الإلكتروني، داعياً لاتخاذ تدابير وقائية.
لكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أكدت أنه "ليس من الواضح ما إذا كانت (التحذيرات) قد تم تعميمها بشكل فعال".
وأشارت إلى أنه لم يعد هناك تعاون وثيق بين خدمات الأرصاد الجوية وإدارة الكوارث في البلاد كما كان في السابق.
وأوضح المكتب الإقليمي للمنظمة في البحرين، أن "المشكلة لم تكن في إطلاق التحذير" في الوقت المناسب، بل في حقيقة "عدم القدرة على التعامل مع مثل هذا الوضع"، خصوصا وأن انهيار السدين أدى إلى وضع "غير مسبوق".
وتابع "لقد انهارت بالفعل إدارة الكوارث في ليبيا".
ونتيجة لأحوال الطقس، تم الإعلان عن حظر للتجول وإغلاق المدارس.
ووصفت الناطقة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس الوضع في ليبيا بأنه "كارثة مأسوية".
- السودان وأوكرانيا
وحذر تالاس من تعرض البلدان المتضررة من الصراعات لظروف مماثلة في ما يتعلق بنظم الإنذار المبكر، مشيرا إلى السودان الذي يشهد حربا بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ خمسة أشهر.
وقال إنه تم إبلاغه من رئيس هيئة الأرصاد الجوية في السودان بأن معظم الموظفين بهذه الجهة "هربوا من الخرطوم ولم يعودوا قادرين على التنبؤ بهذا النوع من الأحداث الجوية شديدة التأثير بعد الآن".
كما سلط الضوء على الوضع في أوكرانيا بعد مرور عام ونصف العام على الغزو الروسي. واضاف "بحسب معلوماتنا، تم تدمير نحو ثلث محطات الأرصاد الجوية ولم تعد قادرة على تشغيل أنظمتها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع".
وأشار إلى "أنهم (العاملون بالأرصاد) لا يستطيعون الوصول إلا إلى نحو 20 في المئة من البيانات التي كانت لديهم قبل الحرب"، ما يؤثر بشكل كبير على الخدمات.