مولاي إبراهيم... مأساة قرية جبلية فجعت بالزلزال المدمر في المغرب
تخيم مأساة الحسن الذي فقد زوجته وأبناءهما الأربعة، على قرية مولاي إبراهيم الجبلية جنوب وسط المغرب، غداة أعنف زلزال يضرب المملكة، مخلفاً أكثر من ألفي قتيل حتى الآن، معظمهم في مناطق جبلية نائية.
وتحت هول الصدمة، كان الحسن يجلس مطأطئاً رأسه من دون أن ينطق بكلمة في أحد أركان المستوصف الصغير لهذه القرية المعزولة، الواقعة على بعد أكثر من ساعة جنوب مراكش.
وبالكاد يستطيع الرجل التعبير عن ألمه، قائلاً بصوت خافت «فقدت كل شيء».
وفي هذا الوقت، لم يكن رجال الإنقاذ دفنوا بعد جثمان زوجته وأحد أبنائه. ويضيف «لا حول لي الآن، لا أريد سوى الابتعاد عن العالم لأحزن في صمت».
وتقع القرية، التي كانت تشتهر حتى الآن بأنها مقصد سياحي جبلي، في إقليم الحوز الذي سقط فيه عدد كبير من الضحايا، كون بؤرة الزلزال المدمر تقع فيه.
يشار إلى أن غالبية أجزاء هذا الإقليم عبارة عن بلدات صغيرة وقرى متناثرة في قلب جبال الأطلس الكبير، وهي بمعظمها قرى يصعب الوصول إليها، بالإضافة إلى أن غالبية المباني فيها لا تلبي شروط مقاومة الزلازل.
وبينما كانت فرق الإنقاذ تبحث عن ناجين محتملين أو جثامين ضحايا وسط أنقاض البيوت المهدمة، مستعينة برافعات وآليات حفر، كان بعض السكان يحفرون قبورا لدفن الموتى على إحدى التلال.
ويُعد هذا الزلزال الأعنف الذي يضرب المغرب، إذ بلغت ذروته 7 درجات على مقياس ريختر، بحسب ما ذكر المركز الوطني للبحث العلمي والتقني.
«ألم لا يوصف»
خلّف هول الزلزال صدمة ورعباً امتدا إلى مدن عدة، لكن الصدمة أقوى في نفوس سكان المناطق المنكوبة قريبا من بؤرته، كما هو حال حسناء، التي تقف عند مدخل بيت متواضع في قرية مولاي إبراهيم، رغم أن أسرتها نجت.
وتقول المرأة الأربعينية لـ «فرانس برس»، «إنها مصيبة رهيبة، نحن محطمون بسبب هذه المأساة».
وتضيف «رغم أن أسرتي لم يمسها سوء، لكن القرية برمتها تبكي أبناءها. كثيرون من جيراني فقدوا أقرباء لهم، إنه ألم لا يوصف».
وعلى جانب مرتفع من القرية، تكفف بشرى دموعها بوشاح يغطي شعرها، فيما تتابع مشهد رجال يحفرون القبور.
وتستعيد لحظات الفاجعة كما عاشتها، قائلة «إحدى قريباتي فقدت أطفالها الصغار».
وتضيف بصوت متوتر «شاهدت مباشرة مخلفات الزلزال، ما زلت أرتعد حتى الآن. إنه أشبه بكرة نار تحرق كل ما في طريقها. لم أعد أتحمل».
وتتابع: «الجميع هنا فقد أحد أقاربه، سواء في قريتنا أو في قرى أخرى بالمنطقة».
ومن بين هؤلاء المفجوعين، فقد الحسن آيت تاكاديرت، طفلين من أقاربه لا يتجاوز عمرهما 6 و3 أعوام، كانا يعيشان في قرية مجاورة.
ويواسي الرجل نفسه مردداً «هذه إرادة الله»، معرباً في الوقت نفسه عن أسفه للعزلة التي تعانيها المنطقة.
ويضيف، مرتديا جلباباً على عادة القرويين في المغرب «لا نملك شيئاً هنا، هذه المناطق الجبلية وعرة للغاية».
وتحمد امرأة أخرى من سكان القرية الله على أن أحد أعمامها «نجا من الموت بأعجوبة». وتقول مفضلة عدم ذكر اسمها «هوى سقف البيت فوقه بينما كان يصلي، لكنهم نجحوا في إنقاذه بمعجزة، رغم انهيار المنزل».