مجلس الأمن يُمدد مهمة حفظ السلام لعام... وهوكشتاين عايَنَ «الخط الأزرق» واستطلع «جدوى» الوساطة البرية
عبداللهيان في بيروت يستحضر «ثلاثية الممانعة» ويُعلن «الرئاسة شأن لبناني»
- هكذا نفّذ هوكشتاين «إنزالاً سياحياً» في قلب «جمهورية حزب الله»
... تَزاحُماً أميركياً - إيرانياً أو تَزامُناً، فالنتيجة واحدة أن المشهد في بيروت ازدحم بحركة ديبلوماسية بارزة «تَعايَشَ معها» لساعاتٍ تحت سماء واحدة، وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الذي بدأ زيارة تستمر حتى اليوم، والمنسّق الرئاسي الأميركي لأمن الطاقة والبنى التحتية الدولية آموس هوكشتاين الذي أنهى مساء أمس محطةً مهمة في لبنان على يومين.
وفيما كانت عيون بيروت شاخصةً على جلسة «ربع الساعة الأخير» التي عقدها مجلس الأمن عصر أمس، للتجديد لقوة «اليونيفيل»، لمدة عام آخر، بعد التوصل إلى حل وسط بين فرنسا والولايات المتحدة في شأن صياغة تتعلق بحرية حركة قوات الأمم المتحدة، بعدما حالت تبايناتٌ دولية دون إمرار قرار التمديد، أول من أمس، لاسيما في ما خص صيغة «المساكنة» التي كانت تضمّنتْها المسودة الفرنسية التي صيغت بالحبر الأزرق بين حرية حركة «اليونيفيل» في منطقة عملياتها جنوب لبنان «من دون إذن مسبق» وبين «استمرارها في التنسيق مع الحكومة اللبنانية»، إضافة الى الفقرة المتّصلة بضرورة انسحاب إسرائيل من الشطر الشمالي لبلدة الغجر والمنطقة المحاذية لها «في خراج بلدة الماري»، جاء «التلاقي» الإيراني والأميركي فوق المَسرح اللبناني، وإن من دون «التقاء»، ليؤشّر إلى «سِباق ديبلوماسي» موصولٍ بالأزمة اللبنانية المستعصية انطلاقاً من المأزق الرئاسي وتشظياته المتعددة الاتجاه، كما بفتائل المنطقة التي ترتسم فيها وعلى جبهاتها لوحةٌ معقّدة من... «ماء ونار».
«الزحمة الديبلوماسية»
وبدأ نهار «الزحمة الديبلوماسية» مع مواصلة هوكشتاين جدول زيارته الذي بدا أقرب إلى «السياحة البرّ - مائية»، حيث جال أمس على الحدود الجنوبية مع اسرائيل وتفقّد الخط الأزرق والتقى قائد «اليونيفيل»، غداة محطة سياحية لم تَخْلُ من الأبعاد السياسية البارزة شكّلها «إنزالٌ أميركي» في قلب قلعة بعلبك، أي في المنطقة التي يُصطلح على تسميتها بـ «جمهورية حزب الله» التي وصلها الموفد الأميركي (عصر الاربعاء) على متن مروحية وجال في معالمها والتقط صوراً مع أعمدتها، هو الذي كان حرص على أن تنطلق زيارته من على بحر بيروت مع المنقوشة وفنجان القهوة قبالة صخرة الروشة.
وإلى «الوجه السياحي» لزيارة هوكاشتاين، فإن جوهرها الذي عبّر عنه لقاؤه أمس مع وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب، حَمَلَ هدفَ «مباركة» بدء ترجمة اتفاق الترسيم البحري الذي تولى رعايته بين لبنان واسرائيل عبر انطلاق أعمال الحفر في البلوك رقم 9 (اللبناني)، واستطلاع إمكان و«جدوى» الاضطلاع بوساطة حالياً في ملف الخلاف حول النقاط البرية العالقة على الخط الأزرق والتي تريد بيروت بتّها بهدف إنهاء إظهار الحدود الدولية وتثبيتها، وذلك على وقع توتّر مستمر منذ أسابيع على تخوم مزارع شبعا المحتلة بعدما قضمتْ تل ابيب الجزء اللبناني (غير المحتل) من بلدة الغجر وردّ «حزب الله» بزرْع خيمةٍ في المزارع صارت أشبه بلافتة «إحْذر حقل ألغام» لم تتجرأ اسرائيل حتى الساعة على الدوس فيه.
وبحسب المكتب الإعلامي لبوحبيب فقد تطرّق البحث مع الموفد الأميركي إلى مشروع القرار حول تمديد ولاية «اليونيفيل»، «حيث أكّد هوكشتاين حرص إدارة بلاده على الاستقرار في الجنوب»، كما قال في ما يتعلق بتثبيت الحدود الجنوبية البرية إنه «وبعد نجاح الوساطة التي قام بها لإنجاز الحدود البحرية، هو في صدد تقييم مدى استعداد الأطراف المعنية لإطلاق هذا المسار، ودرس جدوى إجراء هذه الوساطة في الوقت الراهن، توصّلاً لحلّ النقاط الخلافية الحدودية المتبقية في الجنوب».
وفيما أكد بوحبيب «جهوزية لبنان لإطلاق هذا المسار، بما يتناسب مع حفظ الحقوق اللبنانية»، أعلن هوكشتاين في ما خص بدء أعمال الحفر في البلوك 9 «تطلّعه لمواصلة المسار المتعلق بالتنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، مشيراً إلى وجود اهتمام عالمي بالتنقيب المذكور»، معرباً «عن تفاؤله بأنّ هذا الزخم، إن رافقته الإصلاحات الضرورية وإنجاز الاستحقاقات الدستورية اللازمة، سيضع لبنان على السكة المؤدية إلى النهوض الاقتصادي وتعزيز الاستقرار».
«عشاء عمل مثمر»
وكان هوكشتاين التقى مساء الأربعاء قائد الجيش العماد جوزف عون، المطروح اسمه في كواليس الاستحقاق الرئاسي، على «عشاء عمل مثمر» أظهرت الصور التي تم نشرها عنه أنه اتّخذ طابعاً ودياً للغاية وبعيداً عن «الرسميات» وسط تأكيد السفارة الأميركية «أن تفاني الجنود اللبنانيين الذين يتحلون باحترافية عالية أساسي لأمن لبنان واستقراره، وواشنطن ملتزمة بالشراكة الأمنية الأميركية - اللبنانية».
عبداللهيان يُحدّد أهداف زيارته
ولم يكن هوكشتاين غادر بيروت بعد مؤتمر صحافي، حين حطّ وزير الخارجية الإيراني بتأخير بضع ساعات نتيجة زيارته لدمشق.
ومن المطار حدّد عبداللهيان أهداف زيارته، وهي الثانية له لبيروت في 4 أشهر، إذ أشار إلى أنّه «خلال المباحثات الّتي سنجريها في لبنان، سنحضّ مختلف الأفرقاء على التّوصّل إلى تفاهمات تؤدّي إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة»، مؤكّدًا أنّ «قادة لبنان هم مَنْ يجب أن يقرّروا في شأن انتخاب رئيس للجمهوريّة».
ولفت الى أنّ «المتوقَّع من مختلف الجهات الإقليميّة والدّوليّة، هو دعم لبنان اقتصاديّاً وتجاريّاً، لتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد»، مشدداً على «أنّنا واثقون من قدرة القادة اللّبنانيّين والشّعب على اتّخاذ القرار السّياسي الصّحيح لانتخاب رئيس للجمهوريّة».
وركّز على «أنّنا نسأل الله دائماً الخير للبنان حكومةً وشعباً وجيشاً ومقاومةً»، كاشفاً أنّه «خلال المباحثات الّتي أجريناها مع المسؤولين السّعوديّين، سمعنا منهم تصريحات إيجابيّة وبنّاءة في شأن دعم لبنان»، داعياً جميع الدّول إلى «التّعاون مع لبنان ودعمه، وإيران ستستمرّ في دعمها القوي لهذا البلد».
وعكستْ هذه المواقف لعبداللهيان فحوى مداولاته التي تركّز على الانتخابات الرئاسية، كما اعتُبرت رداً ضمنياً على تصويب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قبل أيام على دور طهران السلبي في ما خص الاستحقاق الرئاسي اللبناني وهو ما فُسِّر من معارضين لـ «حزب الله» في لبنان انتقاداً غير مباشر لإصرار الحزب على التمترس خلف ترشيح سليمان فرنجية الذي يحاول جذْب التيار الوطني الحر إليه قبل عودة الموفد الفرنسي جان – ايف لودريان إلى بيروت في سبتمبر الجاري.
وثمة مَن تعاطى مع تركيز وزير الخارجية الايراني في «افتتاح» كلامه على الملف الرئاسي واستحضار معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» على أنه رسالة لـ «مَن يعنيهم الأمر» في الخارج بأن طهران لم تغادر موقفها الذي «يسلّم إدارة» الشأن اللبناني لـ «حزب الله» وفق «ما يراه مناسباً ويتلاءم مع مقتضيات المشروع الاستراتيجي لمحور الممانعة»، وأن إيران التي تواجه «عودة أميركية» إلى المنطقة ليست في وارد التراجع في «قوس النفوذ» الذي شقّت طريقه براً عبر العراق وسورية إلى لبنان وصولاً إلى جنوبه، رغم ملامح انفراجات «موْضعية» في ملفات «بالمفرّق» مع الولايات المتحدة، وذلك في ضوء ازدياد مؤشرات قرار أميركي بقطع «هلال النفوذ» الإيراني في حلقته التي تشكلها الحدود العراقية - السورية.
ولم يكن عابراً في هذا السياق أن يسبق وصول عبداللهيان الى بيروت إطلاقه مواقف من دمشق أعلن فيها «أن الولايات المتحدة وبغية تشديد الحصار، تُحاول قطع الطرق بين دولنا ومسارات الترانزيت بيننا، وقد فعلت ذلك سابقاً»، معتبراً «ان حدود العراق مع جيرانه، لاسيّما سورية هي حدود الصداقة، وننصح الجنود الأميركيين بالعودة إلى وطنهم»، ومطلاً على «الحرب الخفية» بين بلاده واسرائيل في سورية بإدانته أن العدوان الإسرائيلي على مطار حلب، مؤكداً «لن يبقى أيّ اعتداء إسرائيلي من دون ردّ».
«سيادة القائد يتحمّل عبئاً لا يستطيع أن يتحمّله إنسان»
ميقاتي: لولا وجود الجيش لا أحد يعلم كيف كان سيكون وضع لبنان
أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي «ان الجيش نموذج للشباب اللبناني الذي لا علاقة له بالطائفية والمناطقية ويمثل النسيج الوطني بكل أطيافه، وبوجوده لا خوف على الوطن».
وكان رئيس الحكومة زار قاعدة بيروت الجوية بحضور قائد الجيش العماد جوزف عون، وقدّم التعازي بالنقيب الطيّار جوزيف حنا والملازم أول الطيّار ريشار صعب اللذَين استشهدا على أثر تحطّم طوافة للجيش في منطقة حمانا.
وقال رئيس الحكومة: «زيارتنا الى القاعدة الجوية للتعبير لكم عن حزننا العميق.
جيشنا اليوم بقوم بمهمات كثيرة وصعبة والاتكال عليه. انتم حماة الوطن، ومن دونكم لا وطن ولا حضور فعليا للدولة. المؤامرات على هذا الوطن كبيرة، ونحتار من اين تأتي، وهي تستهدف وحدة هذا الوطن وسيادته وحدوده. لولا الجيش وقيادته الحكيمة، ماذا كان حلّ بالبلد؟».
وأضاف: «في هذه المناسبة اتوجه بكلمة الى سيادة القائد لأقول: القائد يتحمّل اليوم عبئاً لا يستطيع ان يتحمّله انسان، خصوصاً في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها البلد مالياً واقتصادياً، وهو ويجاهد كي يبقى هذا الجيش واقفاً على قدميه وحامي سيادة الوطن. فالجيش يمثل نسيج هذا الوطن بكل أطيافه».
وخلال لقائه ضباط القاعدة الجوية قال رئيس الحكومة: «لبنان محمي اليوم بقوة عظيمة هي العناية الالهية وندعو الله ان يحمي جيشنا الباسل. نحن نمر بظروف صعبة جداً، في ظل شغور منصب رئيس الجمهورية وتولي الحكومة تصريف الأعمال، وعدم انعقاد جلسات مجلس النواب والتشنجات السياسية المستمرة. ولولا وجود الجيش لا أحد يعلم كيف كان سيكون وضع البلد.
والحمدلله أن البلد لايزال واقفاً ومحمياً»، مضيفاً: «لم أكن على معرفة مسبقة بقائد الجيش، ولكن في خلال السنتين الاخيرتين، لمست لديه مناقبية وحرفية ومتابعة دائمة لكل أمر يخص الجيش خارجياً وداخليا. صحيح أن المؤامرات كبيرة ومن كل الاتجاهات، ولكن بوجود جيشنا، فلا خوف على البلد».
من جهته، شكر عون رئيس الحكومة على تقديمه العزاء ووقوفه الدائم إلى جانب المؤسسة العسكرية.
وقال: «نشعر بالحزن جراء خسارتنا للضابطين الشهيدين، لكن عسكريينا متسلحون بإرادتهم الصلبة وإيمانهم بلبنان وبرسالتهم ومؤسستهم، ومستمرون في أداء مهماتهم. لن ينال شيئاً من عزيمتهم، وسوف يحافظون على المؤسسة التي ستحافظ بدورها على الوطن».