«المركزي» وجّهها لتحليل حساسية محافظها فور انهيار «سيليكون فالي»

الهارون: مصدّات بنوك الكويت... مرتفعة


باسل الهارون
باسل الهارون
تصغير
تكبير

قال محافظ بنك الكويت المركزي، باسل الهارون، إن بنك سيليكون فالي أثار مخاوف المجتمع المالي والأسواق العالمية من امتداد تداعيات هذا الانهيار لتطول الاقتصاد الأميركي ككل، وانتقال العدوى إلى القطاع المصرفي العالمي، الأمر الذي جعل «المركزي» يبادر فور وقوع هذه التطورات إلى توجيه جميع البنوك الكويتية لإجراء تحليل الحساسية لمحافظها الاستثمارية، بافتراض إعادة تسعير كل الاستثمارات بقيمتها السوقية العادلة الحالية، بما في ذلك الاستثمارات المصنفة (محتفظ بها حتى الاستحقاق)، فضلاً عن إجراء اختبارات ضغط للعمليات المتبادلة بين البنوك.

وأكد الهارون، في كلمته خلال الاجتماع الـ42 للمجلس الأعلى لمجلس الخدمات المالية الإسلامية الذي عُقد في الرياض، أن «البنوك الكويتية أثبتت أنها تتمتع بمصدات رأسمالية مرتفعة ونسب سيولة قوية حتى في ظل سيناريو يفترض صدمات شديدة لمنحنى العائد، وارتفاعاً حاداً في معدل الخسارة عند التعثر، الأمر الذي جعلنا نطمئن إلى سلامة الإطار التنظيمي المطبق لدينا ورسوخه، وصواب التدابير الإشرافية الاستباقية وحصافتها».

إخفاقات مصرفية

وسلط الهارون الضوء على الدروس المستفادة من الإخفاقات المصرفية الأخيرة في أميركا وسويسرا، واستجابة بنك الكويت المركزي لها، والنتائج التي توصل إليها.

وأوضح أنه على صعيد الإطار الرقابي التنظيمي، كان «المركزي» في مقدمة البنوك المركزية التي سارعت إلى تطبيق معايير رأس المال والسيولة الصادرة عن لجنة بازل للرقابة المصرفية بعد الأزمة المالية العالمية، مضيفاً: «لدى قيامنا بذلك، حرصنا على أن توافر التعليمات الرقابية الموجهة للبنوك الإسلامية أرضية للمنافسة العادلة. وللتعويض عن عدم وجود أصول سائلة عالية الجودة مدرّة للربح تتوافق مع أحكام الشريعة».

وأفاد بأن «المركزي» وضع إطاراً تنظيمياً شاملاً للسيولة يحتوي على 5 نسب رئيسية هي: نسبة تغطية السيولة، نسبة صافي التمويل المستقر، نسبة السيولة الرقابية، نسب السيولة وفق سلم الاستحقاقات، والحد الأقصى المتاح للإقراض، والذي يماثل إلى حد ما نسبة القروض إلى الودائع، منوهاً إلى «المركزي» يطبق هذه النسب على البنوك المحلية، التقليدية والإسلامية، بهدف تحصينها ضد الصدمات والحد من عدم مواءمة استحقاقات الأصول والمطلوبات وتوفير مصادر أموال مستقرة.

وبيّن أنه في حين قد تذهب بعض الآراء إلى الاعتقاد بأن تطبيق 5 نسب مختلفة للسيولة يفرض مزيداً من الأعباء على مستوى الرقابة والالتزام، إلا أن تقييم «المركزي» المتواصل لإطار العمل يثبت فاعليته باستمرار، فتلك النسب تتكامل في ما بينها، فيغطي بعضها آفاقاً قصيرة الأجل، وتخدم الأخرى آفاقاً أطول، كما أنها تختلف في طريقة حسابها، فمنها ما يفترض أوضاعاً ضاغطة، ومنها ما يُحتسب مباشرة دون أي فرضيات.

البنوك الإسلامية

وذكر الهارون أن البنوك الإسلامية المحلية أثبتت قدرتها على الالتزام بمتطلبات النسب المذكورة، مع وجود مصدات مريحة، لافتاً إلى أن الأرقام تثبت كفاءة البنوك الإسلامية في الكويت وتلبيتها لمتطلبات السيولة إلى جانب نظيرتها التقليدية، حيث بلغت نسبة تغطية السيولة لديها كما في 31 مارس الماضي 159 في المئة مقابل 157 للبنوك التقليدية، ووصلت نسبة صافي التمويل المستقر في البنوك الإسلامية إلى 116 في المئة مقابل 111 في المئة للتقليدية، وبلغت نسبة السيولة الرقابية للمصارف الإسلامية 23 في المئة مقابل 24 في المئة للتقليدية، في حين بلغت نسبة القروض إلى المصادر المتاحة للأموال 83 في المئة بالبنوك الإسلامية مقابل 79 في المئة بالتقليدية.

ونوه إلى أن وفرة السيولة الفعلية لدى البنوك الإسلامية لم تأت على حساب الربحية، حيث تظهر الأرقام أن 80 في المئة من الأصول السائلة عالية الجودة مدرّة للربح.

مواطن ضعف كشفتها الانهيارات المصرفية

لفت الهارون إلى أن الانهيارات المصرفية التي شهدها العالم بواكير العام الجاري كشفت عن العديد من مواطن الضعف التي ينبغي معالجتها لتحسين أوضاع القطاع المصرفي، تتمثل في التالي:

أولاً: يجب أن نولي مزيداً من الاهتمام لتركّز المودعين، سواءً كان تركزاً على مستوى القطاع أم على مستوى العميل، حيث ثبت أن مجرد وجود نظام تأمين للودائع لم يكن كافياً لبث الطمأنينة لدى المودعين والحيلولة دون تسابقهم لىسحب ودائعهم لدى البنوك.

ثانياً: برزت مخاطر آجال الاستحقاق، والمعالجات الخاصة بالتصنيفات المحاسبية وموثوقيتها، كأسباب جوهرية للمشكلة. ففي أوقات العسر، لجأت البنوك إلى تصفية الأدوات التي كان من المزمع الاحتفاظ بها حتى تاريخ الاستحقاق، ما أدى إلى تحقيق خسائر غير مأخوذة في الحسبان. كما رأينا أنه على الرغم من تقديم البنوك الإسلامية لأدوات مالية من دون فوائد، إلا أنها لا تزال تدخل في استثمارات مختلفة وتواجه مخاطر السوق، بما في ذلك مخاطر آجال الاستحقاق التي يمكن أن تؤثر بشدة على مركزها المالي.

ثالثاً: هل تكفي نسبة تغطية السيولة ونسبة صافي التمويل المستقر فقط لمواجهة مختلف جوانب مخاطر السيولة؟ وفي هذا الإطار، لفت الهارون إلى أن «تجربتنا في الكويت تظهر أن تطبيق 5 نسب مختلفة للسيولة أمر يستحق عناء الأعباء الإضافية المصاحبة لذلك، إذ إن من الضرورة بمكان وجود منظومة وقائية يُكمل بعضها بعضاً».

رابعاً: يجب ألا يأتي تطبيق مبدأ تناسب التعليمات الرقابية مع حجم الكيان على حساب الاستقرار المالي. فباستثناء بنك كريدي سويس، كانت معظم البنوك التي انهارت في عام 2023 صغيرة الحجم نسبياً، لذلك استثنتها الجهات الرقابية من بعض متطلباتها، فجاءت النتائج كما شهدنا جميعاً.

خامساً: التدخل في الوقت المناسب. ويُقصد بالتدخل تلك الإجراءات التي يمكن للسلطات اتخاذها لتحقيق الاستقرار وإعادة هيكلة نظام مصرفي ما أثناء الأزمة، وهي تختلف عن الوقاية التي تشمل أنشطة مستقبلية مثل تحسين الرقابة والإشراف، وتحسين شفافية المعلومات.

كما في 31 مارس 2023:

159 في المئة تغطية السيولة لدى البنوك الإسلامية في الكويت و157 في المئة لـ«التقليدية»

116 في المئة صافي التمويل المستقر لـ «الإسلامية» و111 في المئة لـ «التقليدية»

23 في المئة السيولة الرقابية لـ «الإسلامية» و24 في المئة لـ«التقليدية»

83 في المئة القروض إلى المصادر المتاحة للأموال في «الإسلامية» و79 في المئة بـ «التقليدية»

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي