بقيمة إجمالية تصل 100 مليون دينار ولأجل عام
الأموال الحكومية تفقد وهجها مصرفيّاً... بنك إسلامي يفوز بـ 3 ودائع اثنتان بفائدة تقلّ عن 5 في المئة
- 11 مصرفاً شاركت في مزايدة عكست منافسة مصرفيّة «باهتة»
- البنك الفائز يهدف غالباً لترتيب أوضاع سيولته مع متطلبات الرقيب
- أحد المنافسين قدّم 4 في المئة فائدة وآخر اهتم بوديعة وتجاهل اثنتين
- بنكان كبيران شطبا من دفاترهما أخيراً السيولة الحكومية الساخنة
- شهية المصارف للودائع قصيرة الأجل انخفضت عموماً بعكس الطويلة
- تباطؤ الائتمان محليّاً خفّض طلب السيولة الإضافية تقليلاً لتكلفة الأموال
- 4 بنوك شاركت لإثبات حضورها وقدّمت تسعيراً متساوياً عند 4.125 في المئة
- توقّعات بعودة المنافسة الحامية على السيولة الحكومية بمجرد تحرك التنمية
يبدو أن شيئاً ما تغيّر في شهية البنوك للمال الحكومي، إلى الحدود التي دفعت مصارف عدة أخيراً لخفض تسعيرها لهذه النوعية من السيولة وبمعدلات ملموسة، فيما اتجه بعضها لوقف استقطاب الودائع الحكومية وعدم تجديد المنتهية، لا سيما قصيرة الأجل لتصل في دفاترها إلى «صفر».
وفي هذا الإطار، علمت «الراي» أن بنكاً يعمل وفقاً للشريعة الإسلامية فاز بـ3 ودائع طرحتها جهة حكومية في مزايدة بقيمة إجمالية تبلغ 100 مليون دينار (وديعة بـ40 مليون دينار وأخرى بـ35 مليوناً وثالثة بـ25 مليوناً)، وذلك لفترة عام.
ولفتت المصادر إلى أنه جاء في المركز الثاني كأعلى سعر بنك تقليدي، حيث عرض أسعاراً للودائع الثلاثة بواقع 4.65 و4.8 و4.88 في المئة.
أعلى سعر
ولعل اللافت في هذا المزاد أن الفائدة الأعلى المقدّمة لإحدى ودائعه كانت 5 في المئة، فيما بلغت للوديعتين الأخريين 4.9 و4.95 في المئة على التوالي، علماً أن أعلى سعر قُدّم لوديعتين مشابهتين في الفترة والقيمة تقريباً تم طرحهما قبل هذا المزاد بنحو شهرين كان 5.85 في المئة، ما يعني أن أعلى تسعير قُدّم في هذا المزاد يقلّ عن أعلى تسعير سابق بـ0.85 في المئة.
وقدّمت 4 بنوك تسعيراً متساوياً عند 4.125 في المئة، فيما قدّمت أخرى 4.2 و4.25 و4.375 في المئة، في حين قرر أحد المشاركين المنافسة على وديعة واحدة بقيمة 4.5 في المئة، وكسر آخر حاجز الأسعار المتدنية بعد أن خالف العرف المصرفي وهبط بالأسعار حتى قياساً بالمقدمة في «الكاونترات المصرفية»، وذلك بتقديم فائدة تقدّر بـ4 في المئة لوديعتين، و4.25 في المئة على الثالثة، ما عكس تنافساً مصرفيّاً بارداً على هذه الأموال.
ولوحظ في هذه المزايدة أن المنافسة المصرفية على الودائع الثلاث كانت «باهتة»، وجاءت في الغالب لترتيب أوضاع سيولة الفائز وفقاً للمتطلبات الرقابية، ليصح القول مع ذلك إنه ربما للمرة الأولى منذ أن قرر بنك الكويت المركزي رفع الفائدة في مارس 2022، تبرد المنافسة المصرفية على الودائع الحكومية لتفقد وهجها المصرفية مقارنة بالسابق، فيما يتوقع البعض أن تكون هذه الحالة عرضية ومدفوعة كما درجت العادة بخمول النشاط الاقتصادي بالسوق المحلي عموماً فترة الصيف، ومن ثم تباطؤ الائتمان.
تراجع المنافسة
وما يزيد المفارقة في هذا الخصوص أكثر أن تراجع حدة المنافسة المصرفية يأتي رغم التوقعات بزيادة بنك الكويت المركزي لأسعار الخصم، وهو الذي تحقق بالفعل بعد فترة من قرار الناظم الرقابي الذي رفع الفائدة ربع نقطة ليصل سعر الخصم إلى 4.25 في المئة، فيما وجّه البنوك لزيادة فائدة الودائع عن آخر تسعير بواقع ثمن نقطة.
إضافة إلى ذلك، لوحظ تراجع عدد البنوك المشاركة في هذا المزاد إلى 11 نزولاً من 13 في المزاد السابق، فيما قدمت 4 بنوك سعراً واحداً عند 4.125 في المئة، وهو معدل يعكس أن مقدّميه أرادوا المشاركة وعدم الغياب فقط وليس المنافسة مصرفياً على هذه الأموال، فيما يُظهر تسعير الفائدة المقدّم في هذه المزايدة أن هناك تفاوتاً واضحاً في أسعار الفائدة المقدّمة من جميع البنوك مقارنة بالسابق.
معين رئيسي
وفي هذا الخصوص، لفت مسؤولون مصرفيون إلى أن معطيات الائتمان بالسوق المحلي وتباطؤه خلال الفترة الماضية خفّضا شهية البنوك على اجتذاب مزيد من السيولة الحكومية، خصوصاً قصيرة الأجل، باعتبار أن أي مستويات جديدة تعني كلفة إضافية على الأموال غير مضطرة البنوك لتحملها، مشيرة إلى أن فترة الصيف عادة ما تشهد هدوءاً بالطلب على الأموال، فيما تتوقع إمكانية عودة اشتعال المنافسة بمجرد نمو طرح المشاريع التنموية أو زيادة طلب القروض.
علاوة على ذلك، أوضحت المصادر أن الودائع قصيرة الأجل لم تعد تشكل معيناً رئيسياً لدى المصارف في ترتيب سلم استحقاقاتها أو نسب السيولة وفقاً لمتطلبات بنك الكويت المركزي، ولذلك لم تعد تهجم على السيولة الحكومية قصيرة الأجل كما كان سابقاً.
وذكرت أن بعض البنوك (يتردد أنهما بنكان) نجحت أخيراً في إغلاق دفاترها نهائياً على الأموال الحكومية قصيرة الأجل، حيث باتت تخلو من أي سيولة لودائع حكومية بهذه الآجال، مبينة أن تلك المصارف تخلصت من هذه السيولة بديبلوماسية من خلال المشاركة في جميع المزادات المطروحة بغرض الحفاظ على العلاقة بالجهة الحكومية، والتي تطلب عدم التغيب عن المشاركة بمزايدات ودائعها، لكن مع تقديم أقل الأسعار التي تضمن عدم فوزها بهذه الأموال.
احتياج سيولة
ولفتت المصادر إلى أن معركة البنوك للسيطرة على الودائع الحكومية لاتزال مفتوحة مصرفياً، لكنها موجهة أكثر للودائع طويلة الأجل، مشيرة إلى أن هذه المعركة لم تعد مشتعلة كثيراً مثل السابق بحكم المتغيرات في اتجاهات إستراتيجيات الجهات الحكومية الرئيسية المموّلة للودائع المصرفية الحكومية، وعلى رأسها الهيئة العامة للاستثمار والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، اللتان اتجهتا منذ فترة إلى تركيز سيولتهما في فترات قصيرة الأجل، وهي سيولة لم تعد مغرية لصانع السياسة الائتمانية كما كان سابقاً.
ومصرفيّاً، تقتصر المنافسة الحامية على الأموال الحكومية عموماً على البنوك التي لديها احتياج سيولة يدفعها لقبول دفع فائدة مرتفعة للفوز بها، وإن قاربت أسعارها أحياناً معدلات تسعيرها لفائدة القروض التي تمنحها لشريحة عملائها النخبة.
أما البنوك التي لا تواجه ضغوطاً في تنظيم سيولتها وفقاً للمتطلبات الرقابية، فتقدّم أسعاراً حسب القيمة العادلة بوجهة نظرها، مدفوعة بمستويات السيولة المرتفعة التي تميّز جميع البنوك المحلية وتنتظر الفرصة التمويلية المناسبة لامتصاصها.
وقالت المصادر إن «سبب السباق المصرفي في السابق على الودائع المستقرة في الكويت ليس لنقص في منسوب السيولة المصرفية، فجميع المؤشرات المالية تؤكد أن البنوك المحلية تتمتع بملاءة مالية ورأسمالية قوية، إلا أن الحاجة لترتيب سلم استحقاقات بعض المصارف يغذي هذه المنافسة، ويدفع إلى طرح أسعار أعلى من المتداولة».
وذكرت المصادر أن درجة طلب الأموال تختلف من بنك لآخر، وهذا ما يؤكده التباين في لائحة الأسعار المقدّمة على الوديعتين الحكوميتين الأخيرتين، مبينة أنه إذا كان غرض السيولة واحداً في جميع المصارف لكان هناك تقارب كبير في التسعير، إلا أن الفجوة بين لائحة أسعار الفائدة المقدّمة تؤكد أن حاجة كل بنك للأموال مختلفة الدرجة، خصوصاً أن الأسعار المقدمة في المزايدة الحكومية الأخيرة تظهر أن تقدير كلفة الأموال على البنوك يختلف من بنك لآخر.
حركة الودائع في النصف الأول بالأرقام
سجل إجمالي الودائع الممنوحة للمقيمين ارتفاعاً بنحو 1.98 في المئة خلال النصف الأول لتبلغ 47.839 مليار دينار في نهاية يونيو الماضي مقارنة بـ46.91 مليار نهاية ديسمبر 2022، فيما بلغ ارتفاعه نحو 1.55 في المئة على أساس سنوي مقارنة بمستواه في نهاية يونيو من العام الماضي، والذي بلغ 47.108 مليار دينار.
ووفقاً للإحصائية الشهرية لبنك الكويت المركزي، سجلت ودائع المؤسسات العامة انخفاضاً خلال النصف الأول بنحو 9.95 في المئة لتبلغ 6.085 مليار دينار مقارنة بـ6.757 مليار نهاية العام الماضي، فيما زادت ودائع الحكومة بنحو 16.05 في المئة لتصل 3.876 مليار مقارنة بـ3.34 مليار نهاية ديسمبر 2022.
وبلغ إجمالي ودائع القطاع الخاص نحو 37.876 مليار دينار نهاية يونيو الماضي مرتفعاً بنحو 2.89 في المئة خلال النصف الأول مقارنة بـ36.812 مليار نهاية العام الماضي، حيث سجلت ودائع القطاع الخاص بالدينار ارتفاعاً بنحو 3.34 في المئة من 35.037 مليار دينار إلى 36.206 مليار، فيما انخفضت ودائع القطاع بالعملات الأجنبية بنحو 5.92 في المئة من 1.774 مليار دينار إلى 1.669 مليار.