المعارضة تعلنها «حرباً سياسية»: لن نسلّم الرئاسات الثلاث لـ «حزب الله»

لبنان من قعر أزماته يتطلّع إلى «أملٍ نفطي» في قعر البحر

تصغير
تكبير

- وصول منصة الحفر في البلوك 9... تبدأ عملها أواخر أغسطس ونتائج الاستكشاف بعد نحو 3 أشهر
- المعارضة ترفض طاولة لودريان وانتقاداتٌ لرسالة السؤاليْن «سابقة وتتعارض مع أبسط القواعد ومع مبدأ السيادة الوطنية»

بين وصول منصة Transocean Barents التي ستتولى حفر البئر الاستكشافية في البلوك رقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة في الجنوب، وبين مؤشرات تَعَمُّق الحفرة السياسية - المالية التي رمتْ لبنان في قعر سحيق، بدت بيروت أمس وكأنها ترصد مَساريْن متعاكسيْن يتعايشان تحت سقفٍ واحد تنخره ثقوبُ أزمةٍ عاتية يُخشى أن تتحوّل... بلا سقوف.

وفيما كانت «احتفاليةُ» وصول المنصة التي تعاقدت معها شركة «توتال إنيرجيز» إلى نقطة الحفر (سيبدأ أواخر أغسطس الجاري) على بُعد نحو120 كيلومتراً من بيروت في المياه اللبنانيّة إلى جانب هبوط أوّل طائرة هليكوبتر في مطار رفيق الحريري الدولي (مهمتها نقل الفرق إلى المنصة) تنطبع بأبعاد موضوعية تُلاقي أهميةَ هذه الخطوة التي يُنتظر أن تضع لبنان على خريطة الدول النفطية بحال صحّت التقديرات حول ثروة دفينة في هذه الرقعة التي تبعد كيلومترات معدودة عن حقل كاريش الإسرائيلي وهو ما سيتبيّن في غضون شهرين أو ثلاثة (بعد بدء الحفر)، فإن مخاوف سادتْ من مظاهر على طريقة «بيع جلد الدب قبل اصطياده» عبّر عنها:

* «التحرُّق» من قوى سياسية لإمرار الصندوق السيادي لإدارة عائدات النفط والغاز (في الجلسة التشريعية للبرلمان اليوم)، من ضمن أجنداتٍ يُخشى ألّا تغيبَ عنها الرغبةُ في إخضاعه للعبة تَقاسُم الحصص المعهودة (على مستوى إدارته وتشكيله).

* إشاحة النظر عن خاصرة رخوة يشكّلها انتهاء ولاية اللجنة الإدارية في هيئة إدارة قطاع البترول في العام 2018 «وقد خسرت الوكالة منذ ذلك الحين معظم موظفيها، بما في ذلك عضوان من أصل ستة في اللجنة الإدارية. كذلك، فشلت الحكومة في تعيين لجنة إدارية جديدة بسبب الخلافات السياسية المستمرة، ويتولّى الأعضاء الأربعة المتبقون تصريف الأعمال.

وعلى وقع هذا الشغور الجَماعي، لم يبقَ إلا عدد ضئيل من الموظفين في القطاع العام لمراقبة عمليات التنقيب والسيطرة عليها بطريقة مسؤولة وقانونية»، وفق ما كان جاء في تقرير لـ «فورين بوليسي» قبل أشهر قليلة.

وفي موازاة القلق «المبرَّر» من آلياتِ إدارة أي ثروة نفطية بحال وُجدتْ وتبديد مفعولها كـ «حبل نجاة» للبنان من واقعه المالي ولو بعد حين وكمنصةٍ لانطلاق مرحلة من الازدهار والنمو، وهو ما يتطلب معالجةَ الثقب الأسود الذي يشكله الفساد المستشري وتعزيز معايير الشفافية وإخراج البلاد سياسياً من «الأعاصير» المتوالية كي لا يتكرر مع الوطن الصغير نموذج دول عدة غنية بالنفط ولكن شعوبها فقيرة نتيجة «الفساد التقني أو السياسي»، فإن مفارقة بارزة شكّلها حلول هذه «البارقة» على وقع أمرين:

* الأول انتقال الوضع السياسي إلى وضعية رفْع بيارق مواجهاتٍ على تخوم المأزق الرئاسي المستعصي، وذلك على وهج توترات الأرض التي تم احتواؤها ولكن جمْرَها يبقى تحت الرماد (من أحداث عين الحلوة، إلى اغتيال المسؤول القواتي الياس الحصروني في عين ابل والصدام الدموي في الكحالة حول شحنة ذخائر حزب الله)، وقبل نحو شهر من عودةِ الموفد الفرنسي جان – ايف لودريان لبيروت في محطةٍ مهّد لها بـ «امتحان خطيّ» للنواب الذين دعاهم في رسالة (وُجّهت إلى 38 نائباً هم رؤساء الكتل والنواب التغييريين والمستقلين) للإجابة عن سؤالين قبل 31 أغسطس هما:

«ما المشاريع ذات الأولوية المتعلقة بولاية رئيس الجمهورية خلال السنوات الستة المقبلة؟ وما الصفات والكفاءات التي يجدر برئيس الجمهورية المستقبلي التحلي بها من أجل الاضطلاع بهذه المشاريع؟»، وذلك تمهيداً للقاء يرمي إلى «بلورة توافق حول التحديات التي على الرئيس المستقبلي مواجهتها والمشاريع ذات الأولوية التي يتعيّن عليه الاضطلاع بها» تمهيداً لاجتماعِ البرلمان «لإجراء انتخابات مفتوحة تتيح الخروج من الأزمة سريعاً» وعلى أن تسبق هذا اللقاء اجتماعات ثنائية مع الأطراف اللبنانية.

* والثاني عودة الأزمة المالية لتطلّ بـ «أنيابها» منذرةً بانطفاء الكهرباء في لبنان (مع ما لذلك من تداعيات مباشرة على المياه وضخها وقطاعات حيوية أخرى) مع إعلان الشركة المشغّلة لمعمليْ دير عمار والزهراني تسليم «مفاتيحهما» ابتداء من الخامسة من عصر أمس لمؤسسة كهرباء لبنان احتجاجاً على عدم سداد مستحقاتٍ لها بالدولار، فيما يقترب حاكم مصرف لبنان بالوكالة وسيم منصوري من خيارات كأنها «بين المُر والأمرّ»:

سواء في كيفية توفير الدولارات لاستبدال ما جبتْه مؤسسة كهرباء لبنان بالليرة (وفق اتفاق سابق مع سلفه رياض سلامة) لزوم شراء فيول ودفع مستحقات وهل يكون الحلّ ببقايا أموال الـ sdr (حقوق السحب الخاصة بلبنان من صندوق النقد الدولي وكانت بنحو 1.1 مليار دولار)، أو لجهة آلية دفع رواتب القطاع العام نهاية الشهر بالليرة أو بالدولار (وهو ما كان رَفَضَ القيام به دون غطاء قانوني يتيح استخدام الاحتياطي الباقي)، وكلاهما قد يعنيان زيادة الكتلة النقدية بالعملة الوطنية وتالياً احتمال الضغط على الدولار الأسود ليعاود ارتفاعه.

وفيما كان مجلس الوزراء ينجز في جلسته أمس مشروع قانون موازنة 2023 عشية جلسة تشريعية يجري رصْدُ إذا كان نصابها سيتوافر وعلى جدول أعمالها بنود عدة أبرزها الصندوق السيادي واقتراح قانون الكابيتال كونترول الذي يلقى اعتراضات عالية من مودعين دعوا للتحرك ميدانياً اليوم لمنع إقراره «لأن بنوده كلّها جائرة وظالمة للمودعين وهي لحماية المصارف من الدعاوى ضدها وتشريع لسرقة الودائع»، احتدم المشهد السياسي مع بيان موحّد «لقوى المعارضة في مجلس النواب» (31 نائباً من كتل «القوات اللبنانية» والكتائب و«تجدد» ومتسقلين وتغييريين) أعلنت فيه «وضع الإطار السياسي للمواجهة في المرحلة الراهنة» تحت عنوان «آن أوان الحسم ولم يعد هناك اي مجال لإضاعة الوقت، أو إلى ترتيب تسويات ظرفية تعيد إنتاج سيطرة حزب الله على الرئاسات الثلاث والبلد».

«أول جواب»

وفي «أول جواب» عن رسالة لودريان وتحديداً الشق المتعلق بلقاء حواري موسّع، أعلنت قوى المعارضة «الترحيب بالمساعي التوفيقية التي يقوم بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، وتقدير أي مسعى يأتي من أصدقاء لبنان، لكن أصبح جلياً، عدم جدوى أي صيغةِ تحاورٍ مع حزب الله وحلفائه فاعتماده على الأمر الواقع خارج المؤسسات لإلغاء دورها حين يشاء، والعودة إليها عندما يضمن نتائج الآليات الديموقراطية بوسائله غير الديموقراطية فرضاً وترهيباً وترغيباً وإلغاء، كي يستخدمها لحساب مشروع هيمنته على لبنان، يدفعنا إلى التحذير من فرض رئيس للجمهورية يشكل امتدادا لسلطة حزب الله، محتفظين بحقنا وواجبنا في مواجهة أي مسار يؤدي إلى استمرار خطفه الدولة».

وأكدت «أن شكل التفاوض الوحيد المقبول، وضمن مهلة زمنية محدودة، هو الذي يجريه رئيس الجمهورية المقبل، بُعيد انتخابه، ويتمحور حول مصير السلاح غير الشرعي وحصر حفظ الأمنَيْن الخارجي والداخلي للدولة بالجيش والأجهزة الأمنية، ما يفسح في المجال لتنفيذ كافة مندرجات وثيقة الوفاق الوطني في الطائف لا سيما بند اللامركزية الموسعة بوجهيها الإداري والمالي، وتطبيق الدستور وقرارات الشرعية الدولية وسلة الإصلاحات الإدارية والقضائية والاقتصادية، والمالية والاجتماعية».

وشددت على «التأكيد على مضمون بيان الدوحة الصادر عن مجموعة الدول الخمس، فرنسا ومصر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية وقطر، في تحديد المواصفات المطلوب توافرها في شخص الرئيس العتيد والمتوافقة ومطالب المعارضة»، لافتة إلى «أن مواجهتنا الديموقراطية والسلمية ستكون ضمن المسار المؤسساتي وخارجه حيث يجب، مستندين إلى وعي الناس وتمسكهم بالسيادة الوطنية الناجزة والنظام الديموقراطي».

وإذ أعلنت «استمرارها في مقاطعة أي جلسة تشريعية لعدم دستورية هكذا جلسات قبل انتخاب رئيس الجمهورية وتعتبر كل ما يصدر عنها باطل دستورياً»، دعت «المجتمع الدولي بأسره، وفي مقدمه منظمة الأمم المتحدة، إلى العمل الفوري على تطبيق القرارات الصادرة عن مجلس الأمن لا سيما القرارات 1559 و1680 و1701».

وفي موازاة ذلك، جاء الردّ على شكل الرسالة التي وجّهها لودريان بلسان رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان (وهو نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية») الذي قال على منصة «إكس»: «وصلتْني اليوم بواسطة الأمانة العامة لمجلس النواب رسالة من المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان يطلب فيها بشكل رسمي وخطيا الإجابة قبل نهاية الشهر الجاري عن سؤالين يتعلقان بانتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية.

وقد أثارت هذه الرسالة استغرابي، ففرنسا بلد صديق تربطه بلبنان علاقات تاريخية، وهي دولة عريقة بممارساتها الدستورية وباحترامها للقواعد الديبلوماسية ولأصول التعاطي».

وأضاف: «لكن هذه الرسالة تشكل اليوم سابقة من نوعها وتتعارض مع أبسط القواعد على مختلف الصعد، وتتعارض مع مبدأ السيادة الوطنية، التي كانت وستبقى حجر الزاوية في تعاطينا مع الدول الصديقة، ومن ضمنها فرنسا، كما مع الدول غير الصديقة».

وفي سياق متصل، علمتْ «الراي» من مَصادر في المعارضة أن الأخيرة، التي لن تَعقد إلا تداوُلاً ثنائياً مع لودريان «ولا سير بأي حوار موسّع»، تعدّ لردّ موحّد يلاقي العودة المرتقبة للودريان ويحاكي مضمون السؤالين اللذين طرحهما، ويتبنى بالحرف ما ورد في بيان مجموعة الخمس حول لبنان في اجتماعها بالدوحة في 17 يوليو الماضي لجهة مهمات الرئيس العتيد ومواصفاته.

لبنان أطلق«الخط 96» لمسار مروحية الخدمات لمنصة الحفر

وزير الطاقة: «توتال» متفائلة بوجود بلوك نفطي في حقل قانا ونحن على بُعد خطوات قليلة من الاستكشاف

كشف وزير الأشغال والنقل اللبناني علي حمية «اننا اسمّينا الخط الذي تم اعتماده لإقلاع وهبوط طائرة الهليكوبتر المُخصّصة لتقديمِ الخدمات لمنصة الحفر (خط 96) تخليداً لشهداء مجرزة قانا 1996 (ارتكبتها إسرائيل في 18 ابريل 1996 ابان عدوان عناقيد الغضب) والذي نعتبره تاريخاً مفصلياً وتأسيسياً للانتصار، وعلى أمل أن تكون هذه المحطة اليوم بارقة الأمل وبداية النهوض للوطن ككل».

وجاء كلام حمية خلال تفقده مع وزير الطاقة علي فياض القاعدة اللوجستية التي تم اعتمادها في مطار رفيق الحريري الدولي لإقلاع وهبوط المروحية المخصصة لتقديم الخدمات من وإلى منصة الحفر للتنقيب عن النفط والغاز في البلوك الرقم 9.

وقال فياض: «نحن على موعد بعد شهرين أو 3 أشهر لمعرفة نتائج الحفر والتنقيب في البلوك رقم 9.

ومن خلال الترسيم البحري (مع إسرائيل الذي أُبرم في أكتوبر 2022 بوساطة أميركية ورعاية أممية) حافظ لبنان على حقوقه من الموارد. والتحضيرات اكتملت لبدء الحفر في البلوك 9. ونأمل أن يُصبح لبنان بلداً نفطياً ويكون هذا الأمرُ بارقة أملٍ للبنانيين جميعاً».

وأكد ان «توتال متفائلة بوجود بلوك نفطي في حقل قانا ونحن على بعد خطوات قليلة من الاستكشاف».

يُذكر أن «توتال إنيرجيز» للاستكشاف والإنتاج تعمل في لبنان منذ 2018، وهو العام الذي تمّ فيه توقيع اتفاقيتيْ الاستكشاف والإنتاج للرّقعتيْن 9 و 4.

وبصفتها المشغّل لهاتيْن الرّقعتيْن أنهت توتال أوّل بئر استكشافيّة تمّ حفرها على الإطلاق في المياه اللبنانيّة العميقة، في البلوك رقم 4 في أوائل 2020 وفقًا لالتزاماتها التعاقديّة (تبين أن لا كميات تجارية فيه)، وهي ستبدأ الحفر في الرّقعة 9 مع شريكتيْها «إيني وقطر للطاقة» التي حلت في بداية السنة محل الشريك الروسي «نوفاتيك» الذي انسحب من العملية، واعتُبرت مشاركتُها مساهمةً خليجية في ملف النفط اللبناني.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي