سافر إلى ذاتك

السارقة

تصغير
تكبير

تبلغ من العمر 40 عاماً، اشتهرت بين صديقاتها بـ «السارقة»، ورغم عدم حاجتها للمال، حيث إنها تنحدر من عائلة ثرية، إلا أنها لا تخرج من أي مجلس إلّا وسرقت شيئاً. أحياناً تحدثنا صديقتها وهي شابة تماثلها بالعمر، ومدمنة مشاهدة التلفاز، إنها مستاءة من صديقتها (السارقة)، لأنها زارتها في بيتها ومعها «نقصة»، كما هو متعارف عليه باللهجة الكويتية. ثمينة جداً وهي عبارة عن طقم عطورات تبلغ قيمته فوق 200 دينار كويتي. إلا أنها عندما خرجت من البيت تبين أنها سرقت ريموت التلفزيون.

للوهلة، الأمر مضحك للغاية، فالسؤال المتداول لماذا ريموت وما أهميته. ولماذا سرقته؟ الإجابة بسيطة جداً. لأنها تعاني من هوس «السرقة المرضي» وهو اضطراب مرتبط بعدم القدرة على التحكم بالانفعالات والدوافع. ويسرق فيه صاحبه أشياء لا قيمة لها ولا يحتاجها ولا يريدها في الأصل، يسرق لمجرد السرقة وتلبية لرغبة ملحة داخله لا يرتاح منها سوى عندما ينفذ السرقة، وعند سرقته لشيء. هو لا يخطط ينفذ فقط، ولا يطلب مساعدة من أحد، يسرق بمفرده ويعلم أنه يسرق ولكن لا يستطيع ضبط انفعاله ولا التحكم بدوافعه، كما أنه لا يستخدم ما يسرقه بل يخزنه أو يحاول إعادته لمن سرق منه إن لم يستطع يحاول تعويضه بصورة هدايا أخرى، وأهم معيار للسرقة عنده أن يكون ما يسرقه يحبه الشخص الذي سرقه منه ولا يأبه لنوع ما يسرق. هذا الهوس مرضي، فهو حالة انفعالية تجعلك تقوم بالشيء ثم تشعر بعدها بالذنب والخزي والعار والتعب النفسي، ولا تعرف كيف تتحكم بالانفعال الدافع الذي جعلك تسرق ولا تعرف كيف تعالج الموضوع بعد القيام به.

المعنية بالقصة هنا هي مريضة تحتاج العلاج.

فالسرقة المرضية تعني أنك تعتقد أن من حقك أن تأخذ ما لا يحق لك أخذه.

ويحدث كثيراً بالفنادق في أخذ تلفاز فندق أو أبجوره أو أرواب ومناشف، أي شيء لا يحق للنزيل أخذه. ويحدث في العلاقات كسرقة ولاعة أو سرقة أموال أو سرقة مفتاح سيارة والهوس المرضي منتشر لدى السيدات أكثر من الرجال وعند الأثرياء أكثر من الناس العاديين. ولدى المشاهير أكثر وأشهر سرقة في عالم المشاهير سرقة النجمة الأميركية بريتني سبيرز، صاحبة ثروة تقدر بأكثر من 58 مليون دولار أميركي، ومريضة مثالية بداء السرقة، فهي لا تختلس إلا الأشياء الرخيصة فقط، وهناك واقعة واحدة مؤكدة بوجود شهود عيان دعموا اتهام مالك محطة وقود تابعة لسلسلة «شيفرون»، النجمة الأميركية بريتني سبيرز بسرقة (ولاعة) من متجره التابع للمحطة، وعدم دفع ثمنها البالغ دولاراً واحداً و39 سنتاً!

هل تتصور عزيزي القارئ، إن سرقة ولاعة أمر مثير ويستحق السرقة، بالطبع عند الإنسان الطبيعي لا. لكن مريض «كليبتومانيا» يراه أمراً يستحق، وهذا الفرق بين «السرقة المرضي» و«السرقة العادي».

فالسارق يسرق بخطة وبمساعده ناس وفي أشياء لا يستطيع دفع ثمنها وقد يبيعها بشكل غير قانوني. وقد يكون محتاجاً لها، أما مريض «السرقة المرضي» فهو يستطيع دفع الثمن ولا يحتاج ما سرق ولا يخطط لسرقته ولا يطلب مساعدين في السرقة ويحاول إرجاعها بعد السرقة، لذلك نحتاج حمله توعوية لمرض السرقة المرضي حتى لا تتكرّر حالة الشخصية التي نتحدث عنها، ولا تنفضح برتني سبيرز، ولا يحدث لشخص غالٍ علينا، ولم ننتبه لحاجته للعلاج. السؤال الآن هل تعرف سارقاً مرضياً؟ الشخص الذي فكّرت فيه ساعده. تحياتي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي