15 مليار دولار استثمرت في رأسمال 300 شركة ناشئة
أكثر من 100 مليار دولار حجم اقتصاد صناعة المحتوى
- 1.4 في المئة فقط من صنّاع المحتوى يكسبون أكثر من مليون دولار سنوياً
يُعرف اقتصاد صناعة المحتوى (Creator Economy) باسم اقتصاد المبدعين، وهو مصطلح يصف العملية المالية التي يكسب من خلالها صنّاع المحتوى وروّاد العمل الإلكتروني المال مقابل عرض إبداعاتهم وبيعها عبر الإنترنت.
وتشمل هذه الأعمال الإبداعية مقاطع فيديو اليوتيوب والبودكاست، وإنشاء وبيع الدورات عبر الإنترنت، والتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والمدونات الإلكترونية.
وقد يعتمد اقتصاد المحتوى على شركاتٍ تدعم هؤلاء المبدعين، مثل: المنصات الإلكترونية لعرض الدورات التدريبية والفيديوهات والإعلانات الإلكترونية.
باختصار يُعرف اقتصاد المحتوى بأنه صناعة متنامية بمليارات الدولارات، ويعتمد عليه الكثير من مشاهير العالم. وغالباً ما يعتمد نجاحه على الشُهرة والانتشار في العالم الافتراضي، لذلك اتجهت العلامات التجارية والشركات العالمية إلى إتقانه.
إن الصعود الأكثر حداثة للمبدعين عبر الإنترنت واقتصاد صناعة المحتوى هو المظهر الرقمي لظهور الإبداع كعنصر أساسي في اقتصادنا ومجتمعنا وحياتنا اليومية.
ويشكل ما يقرب من 60 مليون أميركي قوام طبقة صنّاع المحتوى، ما يعني أنهم يعملون مباشرة بذكائهم وإبداعهم، في مجالات تشمل الفنون والثقافة والعلوم والابتكار والمهن القائمة على المعرفة.
إن حجم ونطاق الاقتصاد الإبداعي كبير وقابل للنمو. تشير التقديرات إلى أن أكثر من 85 مليون أميركي وأكثر من 300 مليون شخص في تسع دول كبيرة قد نشروا محتواهم الإبداعي عبر الإنترنت في عام 2022. وهناك ما يقرب من 17 مليون صانع محتوى يكسبون بالفعل إيرادات على 9 منصات رقمية رئيسية اعتباراً من 2017.
وقد قُدّر الحجم الإجمالي لاقتصاد صناعة المحتوى بأكثر من 100 مليار دولار، وتم استثمار ما يقرب من 15 مليار دولار في رأس المال الاستثماري في نحو 300 شركة ناشئة في اقتصاد صناعة المحتوى منذ عام 2021.
مقرات رئيسية
وتتركز المقرات الرئيسية للمنصات الرقمية الرائدة بشكل كبير في منطقة خليج سان فرانسيسكو. وتتمركز المجموعات الأصغر في مناطق أخرى، بما في ذلك مقرات سناب شات والتيك توك، في لوس أنجلوس.
وعلى الرغم من أن الشركات الناشئة في اقتصاد صناعة المحتوى موجودة في 65 مدينة عالمية، فإن 3 مدن فقط - وهي سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس ونيويورك - تمثل ما يقرب من ثلثي إجمالي استثمارات رأس المال الاستثماري العالمي فيها.
ونفس المناطق الثلاث التي تقود الاستثمار في رأس المال الاستثماري لديها أيضاً أكبر عدد من الشركات الناشئة. في حين أن المبدعين أنفسهم موزعون على نطاق أوسع بكثير من المنصات والشركات الناشئة التي تدعم عملهم.
عدم المساواة
وفي الواقع، فإن توزيع المكافآت الاقتصادية في اقتصاد صناعة المحتوى غير متساوٍ كما هي الحال في الاقتصاد التقليدي. حيث تكسب نسبة صغيرة من النجوم عشرات الملايين سنوياً، مثل التيك توكر السنغالي خابي لام (عامل المصنع الذي فقد وظيفته أثناء الوباء ثم اشتهر بمقاطعه الكوميدية القصيرة)، لكنها استثناءات تثبت القاعدة.
ووفقاً لإحدى الدراسات، فإن 1.4 في المئة فقط من صنّاع المحتوى يكسبون أكثر من مليون دولار سنوياً ويكسب 1.5 في المئة ما بين 500 ألف دولار ومليون دولار، في حين يكسب ثلثا المبدعين أقل من ربع مليون دولار سنوياً، وأكثر من ربعهم يكسبون أقل من ألف دولار.
وفي عالم يعاني فيه الكثيرون من العزلة الاجتماعية والعاطفية، يستمتع صنّاع المحتوى بالاندماج في مجتمعاتهم، حيث يرغب جميعهم تقريباً في متابعة شغفهم والعمل على الأفكار والأنشطة والمشاريع التي تمنحهم إحساساً بالهدف والتواصل مع الآخرين ذوي التفكير المماثل والتحكم في جداولهم الزمنية، فضلاً عن أن هناك عدداً متزايداً من الناشطين الاجتماعيين والسياسيين، الذين يحفزهم أساساً الرغبة في خدمة قضايا أكبر من أنفسهم ولها تأثير اجتماعي وسياسي.
وعندما سئلوا عن أهم دوافعهم في استطلاع عام 2022، صُنفت استجابات صنّاع المحتوى كالآتي: التعبير عن الذات (48 في المئة)، والمرح (43 في المئة)، والعاطفة (40 في المئة)، والتحدي (34 في المئة)، وكسب المال (26 في المئة).
ومن الآن فصاعداً، يتمثّل التحدي الرئيسي لاقتصاد صناعة المحتوى في إنشاء «طبقة متوسطة» أكبر وأكثر استدامة من المبدعين. بدعم من المنصات والحكومة، يمكن للعديد من المبدعين كسب أموال من إنتاجهم الإبداعي أكثر مما يكسبونه اليوم.
وصفة ناجعة
ويمكن للمنصات الرقمية الترويج لمنشئي المحتوى الأقل رسوخاً من خلال تعديل خوارزمياتهم لعرض المزيد من الترشيحات للمستخدمين. وتوفير موارد وتدريب إضافيين لمساعدة أولئك المبدعين على تحسين مشاركتهم وتحقيق الدخل وتوفير فرص النمو، ومنح صنّاع المحتوى مزيداً من التعرض للبيانات ومساعدتهم على فهم كيفية استخدام التحليلات بشكل أفضل لتحسين أداء مشاركاتهم، وتحديد مجتمعات الأقران التي يمكنها مشاركة تجاربهم وتحديد أفضل الممارسات، وإنشاء مدارس المبدعين حيث يمكن للمبدعين التعلم من بعضهم بعضاً، ومضاعفة الجهود لحماية المبدعين، خصوصاً النساء والأشخاص الملونين، بشكل أفضل من المضايقات.