«المركزي»: صندوق النقد الدولي أكد تعافي الاقتصاد الكويتي من جائحة كورونا

تصغير
تكبير

أعلن بنك الكويت المركزي انتهاء مهمة بعثة خبراء صندوق النقد الدولي في البلاد بتأكيدها أن الاقتصاد الكويتي تعافى من جائحة كورونا ونمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 8.2 في المئة في عام 2022 موزعة بنسبة 11.6 في المئة للقطاع النفطي و4 في المئة للقطاعات غير النفطية.

وأصدر البنك بيانا صحفيا بمناسبة انتهاء مهمة بعثة خبراء صندوق النقد الدولي للبلاد خلال الفترة 16-30 مايو 2023 في إطار المشاورات الدورية السنوية لعام 2023، بموجب المادة الرابعة لاتفاقية إنشاء الصندوق، حيث تولى بنك الكويت المركزي بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي والجهات المحلية المعنية إنجاز الترتيبات الخاصة بتلك الزيارة بما في ذلك تجميع المعلومات والبيانات وترتيب الاجتماعات مع كبار المسؤولين في الجهات الحكومية وغير الحكومية لمناقشة الأوضاع الاقتصادية والسياسة المالية والنقدية ومتانة القطاع المصرفي والمالي. وفيما يلي عرض موجز لمحتويات البيان.

وعلى صعيد أداء الاقتصاد المحلي، أشار خبراء صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد الكويتي قد تعافى إلى حد كبير من جائحة كورونا، ومن المقدّر أن يُسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموًا بنحو 8.2% (نمو القطاع النفطي بنسبة 11.6%، ونمو القطاعات غير النفطية بنسبة 4%) في عام 2022، مقارنة بنمو بنسبة 1.3% (انكماش القطاع النفطي بنسبة 0.3%، ونمو القطاعات غير النفطية بنسبة 3.4%) في عام 2021. وجاء النمو في عام 2022 مدفوعًا بشكل أساسي بارتفاع أسعار النفط وكميات انتاجه. ومن المتوقع تراجع النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى ما نسبته 0.1% (انكماش القطاع النفطي بنسبة 2.7%، ونمو القطاعات غير النفطية بنسبة 3.8%) في عام 2023، وعزا الخبراء التراجع في توقعات النمو إلى قرار «أوبك+» بشأن تخفيض إنتاج النفط وتباطؤ النمو في الطلب الخارجي.

وفيما يتعلّق بمستويات الأسعار المحلية، أشار الخبراء إلى أن الكويت استطاعت احتواء التضخم وذلك من خلال الاستفادة من التشديد النقدي لبنك الكويت المركزي، والتمرير المحدود للارتفاعات في الأسعار العالمية للغذاء والطاقة بفضل الدعوم الحكومية والأسعار المدارة. وشهد معدل التضخم السنوي لدولة الكويت تراجعًا ليصل إلى 3.7% في أبريل 2023، وذلك بعد أن وصل إلى أعلى مستوياته عند 4.7% في أبريل 2022. كما يتوقع خبراء الصندوق استمرار احتواء التضخم مع تباطؤ الانتعاش الاقتصادي، مدعومًا بانخفاض الأسعار العالمية للغذاء والطاقة.

وعلى صعيد الموازين الداخلية والخارجية لدولة الكويت، أشار خبراء الصندوق إلى أن هذه الموازين تعززت خلال العام الماضي نتيجة ارتفاع الإيرادات النفطية. ومن المقدّر أن تسجل الموازنة العامة للسنة المالية 22/2023 (بحساب دخل الاستثمارات الحكومية وبدون تحويل مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة) فائضًا بنسبة 22.5% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022، مقارنةً بفائض في الموازنة العامة خلال السنة المالية الماضية نسبته 6.4% من إجمالي الناتج المحلي لعام 2021. وتماشيًا مع ذلك، تشير التقديرات إلى أن الحساب الجاري لميزان المدفوعات قد سجل فائضا بنسبة 33% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، مقارنة بفائض نسبته 26.6% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021. علاوة على ذلك، زادت الأصول الاحتياطية الرسمية إلى 48.2 مليار دولار أمريكي (بمعدل تغطية يُعادل 10.3 شهرًا من الواردات المتوقعة) في نهاية عام 2022، وهذه الاحتياطيات تغطي بشكلٍ كافٍ مخاطر تمويل ميزان المدفوعات. ومن المتوقع أيضًا انخفاض إجمالي فوائض المالية العامة والحساب الجاري لميزان المدفوعات في عام 2023، مما يعكس التوسع المالي وانخفاض الإيرادات النفطية.

وفيما يتعلّق بمؤشرات السلامة المالية للبنوك الكويتية، أشار خبراء الصندوق إلى أن بنك الكويت المركزي استطاع المحافظة على الاستقرار المالي، وأشاروا إلى أن البنوك الكويتية لا تزال تتمتع برؤوس أموال وسيولة جيدة - تتجاوز بشكل مريح المتطلبات التنظيمية الاحترازية - بينما تظل نسبة القروض غير المنتظمة منخفضة، كما لا يزال النمو في الائتمان الممنوح للقطاع الخاص قويًا، على الرغم من قيام بنك الكويت المركزي برفع أسعار الفائدة بواقع 250 نقطة أساس منذ أن بدأت دورة تشديد السياسة النقدية منذ العام الماضي. وأشار الخبراء أيضًا إلى أن تأثير اضطراب القطاع المصرفي العالمي على البنوك الكويتية كان محدودًا، مما يعكس نماذج الأعمال الموجهة محليًا وإقليميًا وقوة الرقابة الاحترازية من قبل بنك الكويت المركزي.

المخاطر

وعلى صعيد المخاطر، أشار الخبراء إلى أن هناك مخاطر مرتفعة تحيط بالتوقعات الاقتصادية، وأشاروا إلى أن التقلبات في أسعار النفط وإنتاجه الناجمة عن عوامل عالمية تشكل مخاطر من جانبي النمو الاقتصادي والتضخم، كذلك تنعكس آثارها على أرصدة المالية العامة والميزان الخارجي. ومن شأن تباطؤ النمو العالمي الأعمق - الذي قد يكون ناجمًا عن المزيد من تشديد السياسة النقدية أو ضغوط القطاع المصرفي في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية - أن يؤثر سلبًا على الاقتصاد الكويتي. أما بالنسبة للمخاطر المحلية، فإن التأخير في الإصلاحات المالية والهيكلية اللازمة يمكن أن يؤدي إلى سياسة مالية مسايرة للدورات الاقتصادية وتقويض ثقة المستثمرين، مع إعاقة التقدم نحو تنويع الاقتصاد وتعزيز قدرته التنافسية.

وفيما يتعلّق بالاستقرار النقدي، أشار خبراء الصندوق إلى بقاء نظام سعر صرف الدينار الكويتي المربوط بسلة «غير معلنة» من العملات ركيزة ملائمة للسياسة النقدية، وأشاروا إلى أن نظام سعر الصرف يُساهم في بقاء التضخم منخفضًا ومستقرًا لسنوات عديدة، كذلك يمنح بنك الكويت المركزي بعض الاستقلالية في السياسة النقدية. ويُعد الاستمرار في المحافظة على استقلالية البنك المركزي أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق أهداف السياسة النقدية. ودعا خبراء الصندوق إلى ضبط أوضاع المالية العامة لدعم المساواة بين الأجيال، كما شجع القيام بالإصلاحات الهيكلية لتنويع الاقتصاد لتقوية الوضع الخارجي ودعم نظام سعر الصرف. وأشار خبراء الصندوق إلى أن الإجراءات الرقابية الحصيفة المتبعة من قبل بنك الكويت المركزي ساهمت في الحفاظ على الاستقرار المالي للنظام المصرفي الكويتي.

وعلى صعيد السياسة المالية لدولة الكويت، أشار خبراء الصندوق إلى أن السياسة المالية تساهم في دعم التعافي وتعزيز الاستدامة المالية، وهناك حاجة ملحة إلى ضبط أوضاع المالية العامة، كما أشاروا إلى أن مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 23/2024 يتضمن توسعًا ماليًا كبيرًا في الإنفاق العام، يتركز في زيادة الإنفاق الجاري على فاتورة أجور القطاع العام، فضلاً عن الدعوم والمزايا الاجتماعية. وسيساعد الحافز المالي المرتبط بذلك على سد فجوة الناتج غير النفطي (انحراف الناتج غير النفطي عن مستواه الممكن). ويتوقع خبراء الصندوق أن يتراجع فائض الموازنة العامة للسنة المالية 23/2024 (بحساب دخل الاستثمارات الحكومية وبدون تحويل مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة) إلى نحو 6.9% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2023، ثم يستمر الانخفاض بشكل ثابت بعد ذلك لتسجيل عجزًا ماليًا على المدى المتوسط في السنة المالية 27/2028. وبعد السنة المالية الحالية، هناك حاجة إلى ضبط أوضاع المالية العامة لعكس هذا الاتجاه المتوقع، وبالتالي تعزيز الاستدامة المالية على المدى الطويل وتعزيز المساواة بين الأجيال.

إصلاحات مالية

وفيما يتعلّق بالإصلاحات المالية، أشار خبراء الصندوق إلى أن هناك حاجة إلى ضبط أوضاع المالية العامة بشكلٍ كبير على جانبي الميزانية خاصة الإنفاق العام والإيرادات غير النفطية، وأشاروا إلى أن الحد من الإنفاق الجاري يتطلّب ترشيد فاتورة أجور القطاع العام، والتخلص التدريجي من الدعم الكبير للطاقة مع استبدالها بدعم الدخل المستهدف للأسر محدودة الدخل. ولزيادة الإيرادات غير النفطية، ينبغي إدخال ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، كما ينبغي فرض ضرائب انتقائية على التبغ والمشروبات السكرية، على النحو المتفق عليه مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الأخرى في 2015/2016. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي توسيع ضريبة دخل الشركات بنسبة 15% لتشمل الشركات المحلية، مما سيجعل دولة الكويت تفي بمتطلبات اتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بشأن الحد الأدنى لضرائب الشركات متعددة الجنسيات.

وأشارت البعثة إلى أن وجود إطار متوسط الأجل للمالية العامة وللاقتصاد الكلي من شأنه أن يعزز قدرة الحكومة على إجراء تحليل السياسة المالية والتنبؤ بها، ودعم التقييم الدقيق لخيارات الإصلاح. وفي ظل هذا الإطار المالي المتوسط الأجل، يُمكن لقاعدة مالية قائمة على التوازن الأولي الهيكلي غير النفطي أن توفر الانضباط للسياسة المالية، ومعايرتها بشكل مناسب لتحقيق الاستقرار المعاكس للدورة الاقتصادية وأهداف المساواة بين الأجيال. ويجب على الحكومة أيضًا تعزيز إطار إدارة الأصول والخصوم السيادية، وهذا من شأنه أن يدعم تحديد وإدارة المخاطر على الميزانية العمومية الموحّدة للقطاع العام. كما يجب على الحكومة إعادة النظر في إعداد التقارير المالية الشهرية مع توسيع نطاق تغطيتها لتشمل الشركات المملوكة للدولة، مما سيعزز الشفافية المالية ومعايير الحوكمة.

الدين العام

وأكّد خبراء الصندوق على ضرورة التعجيل في تمرير قانون الدين العام الجديد، وأشاروا إلى أنه وفي ظل غياب إقرار قانون الدين العام، وعدم وجود سند قانوني يتيح الاستفادة من موارد صندوق احتياطي الأجيال القادمة «الأكبر حجمًا»، فقد اعتمد تمويل المالية العامة على السحب من صندوق الاحتياطي العام «الأصغر حجمًا». ومن المستحسن إصدار قانون الدين العام الجديد لتسهيل التمويل المالي المنظم من خلال إصدار السندات السيادية، مع دعم تطوير سوق السندات المحلية. ومن الناحية المثالية، يجب ألا يفرض هذا القانون الجديد قيودًا على آجال استحقاق السندات السيادية أو أن يكون لها تاريخ انتهاء محدد مسبقًا.

وعلى صعيد تحديات سوق العمل، أكّد خبراء الصندوق على أهمية تعزيز انتاجية العمل والنمو بقيادة القطاع الخاص، وأشارت توقعاتهم إلى دخول نحو 100 ألف مواطن كويتي سوق العمل على مدى السنوات الخمس القادمة. وبالنظر إلى احتياجات ضبط أوضاع المالية العامة والاتجاهات العالمية في الاستغناء عن الوقود الكربوني، ينبغي أن يستوعب القطاع الخاص معظم القوى العاملة الجديدة.

ورحّب خبراء الصندوق بالخطوات التي اتخذتها الكويت على صعيد تشجيع مشاركة المرأة في القوى العاملة من خلال تحسين بيئة العمل للمرأة ورقمنة الخدمات العامة. ولجعل بيئة الأعمال أكثر ملاءمة لتنمية القطاع الخاص، أشار الخبراء إلى أن هناك حاجة إلى إصلاحات لتعزيز المنافسة وتشجيع الاستثمار من خلال تخفيف قيود الملكية الأجنبية على الشركات. كما سيكون من المرغوب فيه تعزيز تخصيص الأراضي العامة لأغراض التنمية التجارية بشروط إيجار أطول.

خطة التكيّف

وأشار خبراء الصندوق إلى أهمية مواصلة الكويت تطوير وتنفيذ خطط التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من حدته، وأشاروا إلى خطة التكيف الوطنية لدولة الكويت 2019-2030 التي وضعت تدابير لمعالجة آثار موجات الحرارة الشديدة على الصحة والإنتاجية. ولا تزال خطة التكيف هذه بحاجة إلى أن تترجم إلى مشاريع استثمارية، والتي بدورها ينبغي تنفيذها بعد موافقة مجلس الأمة. وللتخفيف من تغير المناخ العالمي، التزمت دولة الكويت بموجب اتفاقية باريس بخفض انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري بنسبة 7.4% بحلول عام 2035. وبالنظر إلى المستقبل، فإنها تخطط أيضًا للوصول إلى صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري صفرية في قطاع النفط بحلول 2050، وعلى نطاق الاقتصاد بحلول عام 2060. ولتحقيق أهداف الانبعاثات هذه، تحتاج دولة الكويت إلى الانتهاء من تطوير خطة التخفيف الخاصة بها، والتي ينبغي أن تشمل الإلغاء التدريجي لدعم الوقود الكربوني مع استبدالها بدعم الدخل المستهدف للأسر محدودة الدخل، وتشجيع الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة والبنية التحتية القائمة على توليد الكهرباء.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي