pdf
رئيس التحرير وليد جاسم الجاسم

الهيئة العليا للجنسية مطلب إستراتيجي وشعبي

أذكر في أواخر التسعينات أن التفت إليّ والدي -رحمه الله- يوماً متسائلاً متى تعود الكويت إلى أهلها مرة ثانية بعد أن منّ الله علينا بالتحرير من الغزو الخارجي؟ لم أستغرب من تساؤله وقتها ولم أرغب في أن أدخل معه في نقاش حول استفساره لأنّي عرفت ماذا يعني من هذا التساؤل باعتبار أن منح الجنسية له قيود وشروط وليس لكل من يطلبها.

والآن، وبعد مرور أكثر من سبعين عاماً على التوسع في منح التجنيس العشوائي دون تدقيق أو تطبيق للشروط الواردة في قانون الجنسية، وذلك لهدف سياسي معروف يستهدف العملية البرلمانية من أطراف لم تكن ترغب في السير على النهج الديموقراطي الذي اختطه الشيخ عبدالله السالم رحمه الله، وبهذا أصبحنا كشعب غرباء في وطننا وتمكن المزوّرون والذين لا يمتّون الى الكويت بأي صلة من قريب أو بعيد سواءً باللهجة أو بالعادات المعروفة لأهل الكويت، والذين حصلوا على الجنسية بطرق ملتوية وبكثافة، الأمر الذي مكّن مزوّرين من أن ينتشروا في مؤسسات الدولة وتمكن البعض منهم من ان يكونوا في مواقع أخطر.

وإذا استمر التزوير فإني أعتقد أنه خلال الخمس أو العشر سنوات المقبلة ستكون الكويت بيد المزوّرين إذا لم يبادر المخلصون من أهل الكويت قيادةً وشعباً في الدفاع عنها من خلال الدعوة إلى:

- تشكيل هيئة وطنية مستقلة للجنسية مهمتها مراجعة قانون الجنسية لعام 1959، وما شابه من قوانين يشتبه بإساءة استغلالها ومنها القانون 1994/44، ومن تحصّل على الجنسية بالتزوير والتدليس والشراء، إضافة إلى التأكد من منع ازدواجية الجنسية. على أن يكون أسماء هؤلاء الأعضاء لهذه الهيئة من رجال وطنيين في حدود (10) أشخاص أقل أو أكثر لهم تاريخهم النضالي والمشهود لهم بالسمعة والسلوك الطيب والأخلاق الحميدة، ولا يخشون في الله لومة لائم، وألا يتقاضوا أي مكافآت مالية بل هم متطوعون، كما يجب إعطاء أعضاء الهيئة المقترحة الصلاحية القضائية المطلقة في ما يتخذونه من إجراءات قانونية بحق من تثبت عليهم جريمة الحصول على الجنسية بطرق ملتوية غير مشروعة، وذلك لتحديد مَن هو المواطن الكويتي تمهيداً لإعادة التركيبة السكانية إلى وضعها الحقيقي.

إنني كمواطن أشعر بالخوف على وطني من الضياع والتيه خصوصاً إذا تغلغل مزوّرون ووصلوا إلى مراكز تنفيذية وتشريعية وتحكموا بالقرارات المؤثرة، وإنني من منطلق الحرص على الأمن الوطني والغيرة على بلدي ادعو المسؤولين إلى أخذ زمام المبادرة في تغيير هذا الواقع إلى الأفضل من منظور إستراتيجي محدّد بفترة زمنية معينة يُحقّق الأمن الوطني الشامل، وذلك من خلال التأكيد عليه ضمن برنامج الحكومة المقبل، والاسراع في إنشاء الهيئة العليا للجنسية لتعديل التركيبة السكانية والتي أشرنا اليها أعلاه، لأنّها أصبحت مطلباً شعبياً ومصلحة عليا لأمن الوطن ومدخلاً حقيقياً لإصلاح المشاكل السكانية والتعليمية والاقتصادية، الأمر الذي سينعكس إيجابياً على عمل المسؤولين ورفاهية المواطن.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي