ميقاتي «قلِق من أيام صعبة تنتظرنا» وأحكام قضائية تصبّ «الزيت على النار»
العيد في لبنان حبْسُ أنفاس بملاقاة مايو المفصلي
- الشيخ خلدون عريمط يتّهم المحكمة العسكرية بأنها «ذراع قضائية لحزب الله»
تُشكّل عطلةُ الفطر المبارك فسحةً لِما يبدو «حبْسَ أنفاسٍ» سيطبع الأيامَ الأخيرةَ قبل حلول مايو المفصلي في تحديدِ إذا كان لبنان سيلتحق سريعاً بالمساراتِ التي تُطفأ فتائلُها في المنطقة أم أنه سيبقى على قارعةِ هذه المناخات بفعل إمعانٍ داخلي في محاولة توظيف التحوّلات الإقليمية لتعميق الاختلالات السياسية واستئخار وضْع البلاد تالياً على سكة التعافي المالي الذي بات متلازماً مع «الإصلاح السياسي».
ولن يكون إهدار إمكان استعادة «حزام الأمان» العربي والخليجي عبر الإصرار على إدارة تأثيرات الوقائع الجديدة الإقليمية على الوضع اللبناني بـ «القواعد القديمة» للعبةِ الإمساك بالمفاصل الرئيسية للسلطة بامتدادها الخارجي مقابل «إغراء» الخصوم بمقايضاتٍ «فجّرها» سابقاً 2 طن وأكثر من المواد الشديدة الانفجار التي اغتالت الرئيس رفيق الحريري (2005) أو «عبوات سياسية» من عيار «الثلث المعطل» التي أطاحت حكومة الرئيس سعد الحريري (2011)، مجرّد إضاعة فرصة يمكن تعويضها، بمقدار ما أن ذلك قد يعني إدخال لبنان في متاهة بالغة الخطورة من تعقيداتٍ ربما يراهن عليها المتمسّكون بترشيح زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية، المدعوم من «حزب الله» والرئيس نبيه بري، لتحويل انتخابه أمراً واقعاً داخلياً مع تخيير الخارج في «التوقيت المناسب» بين فرنجية أو الفوضى، في سياق عملية تيئيسٍ مستعادة للجميع وتطويعٍ متدرّج للوقائع.
وفي حين لم يتبدّد الغبار الكثيف الذي يلفّ المساعي الفرنسية لإيصال فرنجية «باليد» إلى قصر بعبدا ومحاولتها إقناع شركائها في مجموعة الخمسة حول لبنان (الولايات المتحدة، السعودية، مصر وقطر) بصوابية انتخابه على قاعدة مقايضته بنواف سلام لرئاسة الحكومة وتعزيزه بـ «ملحق رئاسي» من ضمانات وتعهداتٍ تحت عنوان «فرنجية هو الخيار الأكثر جدية» وذلك لقاء مدّ «بلاد الأرز» بالدعم المالي المطلوب للإفلات من الارتطام المميت، بدا أن هذا الملف تحوّل أسير «رياح متضاربة» أقرب إلى «الحرب النفسية» وإن التي تستند على عدم رفْع باريس «الراية البيضاء» في ما خص إمكان دخول زعيم «المردة» قصر بعبدا.
وفي موازاة ما كشفته صحيفة «الأخبار» عن أن الرئيس بري تلقى قبل فترة اتصالاً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا فيه الملف الرئاسي ثم من مستشاره الرئاسي باتريك دوريل وأن الأخير أبلغه رداً على استفساره حول نتائج الاتصالات التي تجريها باريس مع الرياض وأطراف لبنانية أخرى أن الأمور «أفضل من السابق، وهناك مؤشرات مشجعة.
وقد أبلغنا الأطراف اللبنانية التي التقيناها أن سليمان فرنجية هو المرشح الأكثر جدية»، كان بارزاً نفي الحزب التقدمي الاشتراكي (يتزعمه وليد جنبلاط) كلاماُ نُقل عن النائب وائل أبو فاعور حول موقف الرياض من الاستحقاق الرئاسي، وزُعم فيه أن أبوفاعور «تحدّث للمرة الأولى بإيجابية عن ترشيح فرنجيه» وقال «إن أحداً لا يمكنه القول إن السعودية تضع فيتو مباشراً على فرنجيه».
وفي انتظارِ معرفة إذا كان فرنجيه سيعمد بعد اطلالة تلفزيونية مرتقبة له خلال أيام طرق أبواب معارضي انتخابه (قوى المعارضة ويتقاطع معها التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل) في محاولة لتوفير نصاب سياسي – عددي لانتخابه، وسط اقتناعٍ بأن عدم حصول خرق في الملف الرئاسي قبل قمة الرياض العربية في 19 مايو قد يزجّ هذا الاستحقاق في مرحلة شديدة الغموض ويرفع من منسوب المخاطر حيال مجمل الواقع اللبناني، كان بارزاً ما نُقل عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من «أن هناك أياماً صعبة سنمرّ فيها. أيام كوارثية اقتصادياً تكاد تكون كلّ الآفاق فيها مقفلة. أعان الله لبنان وشعبه على ما ينتظرنا»، معرباً عن تشاؤمه في ما يتعلّق بالوصول إلى حلّ قريب رئاسياً فـ «لا أحد يريد أن يتنازل ولا أحد راغب بانتخاب رئيس من خارج صفوفه».
وفي حين يبقى الوضع المالي والمعيشي الخاصرة الرخوة الأكبر التي يُخشى أن ينزلق منها لبنان إلى فوضى شاملة في ضوء مخاوف من أن يستعيد الدولار «جنونه» بعد عيد الفطر ربْطاً بالزيادات التي أقرْتها الحكومة على رواتب القطاع العام وصعوبة تَصَوُّر أن يصمد مصرف لبنان أكثر في مداولاتٍ بعشرات ملايين الدولارات يومياً عبر منصة «صيرفة» وأنه سيضطر للعودة إلى السوق شارياً العملة الخضراء، فإن «صاعقاً» أمنياً بدأ يثير القلق من تداعيات متدحرجة وذلك على خلفية قرارات المحكمة العسكرية في ما يتعلق بأحداث خلدة الدموية التي وقعتْ في الأول من أغسطس 2021 بين عشائر عرب خلدة وعناصر من «حزب الله» خلال تشييع أحدث مسؤولي «سرايا المقاومة» غداة مقتله في جريمة ثأرية.
وعكس رد فعل أهالي العشائر العربية في خلدة ومراجع دينية على أحكام المحكمة العسكرية التي راوحت بين الأشغال الشاقة (بين سنة ونصف وعشر سنوات) والإعدام، على 36 متهماً كلهم من العشائر (بينهم 19 موقوفاً و9 مخلى سبيلهم والآخرون يحاكمون غيابياً) أن هذا الملف الذي اقتصر على محاكماتٍ لطرف واحد مرشح لفصول تصعيدية.
وإذ قطع عشائر العرب ليل الأربعاء طريق بيروت - الجنوب في الاتجاهين وسط مخاوف من تكرار هذا الأمر مع ما له من حساسيات في منطقة متداخلة مذهبياً وحزبياً، كان بارزاً إعلان القاضي الشيخ خلدون عريمط رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام أنه «على الرغم من متابعة سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان ملف أحداث خلدة شخصياً باتصالاته المكثفة مع كل الجهات المعنية وكذلك من خلال ممثله وموفده المكلف متابعة هذا الملف الأمني الحساس، فإن من المؤسف أن الأحكام الظالمة التي صدرت بحق شباب العشائر العربية في خلدة من المحكمة العسكرية، هي أحكام صادرة بشكل مباشر من محكمة حزب الله، وليست من محكمة عسكرية لبنانيه حرة».
وسأل: «كيف يمكن أن تصدر أحكام جائرة بحق شباب من أهالي خلدة، ويُعفى الفريق المعتدي المدجج بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة وأعني به سرايا المقاومة التابعة لحزب الله من أيّ سؤال أو حتى استفسار أو توقيف ؟ أو استدعاء؛ رغم الفيديوات المسلحة والأسلحة الفتاكة التي استخدمتها سرايا مقاومة حزب الله ضد أهالي خلدة من العشائر العربية الآمنين في بيوتهم؟».
وأضاف: «هذه المحكمة العسكرية التي هي حكماً إحدى أذرع حزب الله القضائية لا تستهدف بأحكامها وتوقيفاتها إلا الشباب من المسلمين السنه تحديداً (...) على المجلس النيابي ومجلس الوزراء والجهات المعنية أن تلغي هذه المحكمة العسكرية الظالمة نهائياً أو أن تحصر مهامها بالمخالفات العسكرية في إطار المؤسسة العسكرية اللبنانية لا غير».
وكشف أنه «منذ اعتداءات سرايا المقاومة التابعة لحزب الله على أبناء العشائر العربية في خلدة، وما نتج عنها من قتلى وجرحى يؤسف لهم، جرت اتصالات مكثفة مع قيادة الجيش ومع قيادة المخابرات ومع المحكمة العسكرية؛ ومع النواب المعنيين بملف أحداث خلدة، طلباً للحقيقة والعدالة بالأحكام، والنتيجة كانت صفر.
صدرت أحكام بحق المظلومين من شباب العشائر وبقيت سرايا المقاومة فوق القانون».