من المتوقع أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى أكثر من 103 ملايين برميل في اليوم في الربع الأخير من العام الجاري، وذلك بعد أن وصل تقريباً إلى أكثر من 101 مليون في نهاية الربع الأخير من العام الماضي.
ثم يأتي التساؤل ولماذا خفّض طوعياً بعض أعضاء منظمة أوبك بمقدار 1.700 مليون برميل من النفط مع بداية الشهر المقبل، ولماذا لم تنتظر حتى اجتماعها في شهر يونيو، وما هو الغرض من هذا القرار المفاجئ، وهل سيساعد ذلك في استقرار سعر البرميل، وماذا عن معدل التضخم المالي العالمي، والذي يؤدي أيضاً الى تآكل العوائد المالية للدول النفطية؟
من دون شك، ان القرار الطوعي بخفض الإنتاج ساعد وساهم في الوصول الى معدل 86 دولاراً للبرميل، وكذلك ساهم في رفع سعر الخام الأميركي الى 83 دولاراً، ما يؤكد قوة الطلب العالمي وتحديداً في الولايات المتحدة الأميركية. لكن هذا التوجه هل سيساهم في دفع سعر النفط إلى أعلى، وهل هذا المعدل هو المناسب والمطلوب؟
من المؤكد ان القرار الطوعي ساهم فعلاً في الوصول إلى المعدل الحالي القوي للنفط، لكن أيضاً يجب الأخذ بعين الاعتبار ان دول المنظمة لا تستطيع أن تخفض من إنتاجها بهذا المقدار، وقد لا تزيد كميات الخفض على مليون برميل. كما كانت الحال عندما قررت المنظمة النفطية من خفض إنتاجها بنحو 2 مليون برميل، والكمية الحقيقية لم تتجاوز المليون. وذلك بسبب عدم توافر وتواجد كميات فائضة لدى دول منظمة (أوبك+).
وهنا مكمن الخوف، وانزعاج الأسواق النفطية بسبب تزايد الطلب العالمي من الصين وقوة نموها المتوقع بنسبه 5 في المئة، وكذلك الولايات المتحدة ما سيضغطان على الأسعار. وقد يكون لدول المنظمة النفطية موقف آخر مغاير يتمثل بعدم المزيد من الارتفاعات الحادة في أسعار النفط. وقد تكتفي عند هذا المعدل الحالي. طالما أنها تحقق عوائد مالية تغطي إجمالي مصاريفها، وتساهم أيضاً في تغطية تكاليف إنتاج النفط الخام والغاز.
ولا ننسى قوه إنتاج روسيا من النفط حيث استطاعت بالرغم من المقاطعة لنفطها أن تصدر 8 ملايين برميل من النفط الأعلى منذ 2020، لكن بفارق أو بانخفاض 44 في المئة من عوائدها المالية، بسبب وضع نطاق وسقف سعري للنفط الروسي بـ60 دولاراً. وكذلك الخصومات الحادة التي تعرضها على زبائنها في كل من الهند والصين لتساعدها في تحقيق نوع من الإيرادات المالية المطلوبة. وكذلك بسبب زيادة صادراتها من المشتقات والمنتجات المكررة إلى تركيا وبعض الدول الأخرى التي لم تلتزم بقرار المقاطعة الأوروبية ودول الـ7 الكبرى، لكن قوة تحالف منتجي النفط من داخل ومن خارج «أوبك» ساعد في معدل قوي لسعر البرميل. وبقي هذا التحالف في توجيه مؤشر ونطاق السعري. وتثبيت سعر مناسب معتدل للنفط لكن بقرار من (أوبك +) لاغير.
وهذا أيضاً يعود إلى عزوف الشركات النفطية من الاستثمار في الوقود الأحفوري، ومن عدم وجود بدائل حالياً ومن ثم ترك الأمر برمته على دول منظمة (أوبك+) وهي ترى وتقرأ الأسواق النفطية ومن ثم تقرر. وهذا الخفض الطوعي حدث في وقت منخفض فيه المخزون النفطي خاصه المخزون الإستراتيجي الأميركي، حيث كانت قررت الإدارة الأميركية شراء كميات من النفط لملء المخزون، إلا أنها ترددت في شراء النفط عند معدل 72 دولاراً ليتزامن مع قرار المنظمة النفطية بخفض الإنتاج والبالغ 1.700 مليون برميل في اليوم، ما أدى الى دفعة قوية في معدل سعر البرميل حيث وصل 86 دولاراً. وقد يساهم مستقبلاً إلى طفرة في سعر النفط إلى ما فوق 90 دولاراً مع نهاية العام الجاري.
ويبقى السؤال الحقيقي، هل سنرى كميات إضافية من النفط تدخل الأسواق نهاية الربع الثالث من هذا العام، أم سنرى انكماشاً في معدل الطلب العالمي، أم السيناريو المرجح بان الإمدادات النفطية قد لا تلبي الطلب العالمي المتزايد؟
كاتب ومحلل نفطي مستقل
naftikuwaiti@yahoo.com