نجح المواطن مبارك الرشيدي، الغائب الحاضر، في توحيد الصف الشعبي والحكومي، وهو ما لم تفلح في فعله خطط السلطتين التنفيذية والتشريعية آخر 10 سنوات بالاتفاق ولو على إنجاز أولوية وحيدة تذكر لديرتهم.
فزعة الكويتيين وأجهزة الدولة المختلفة للبحث عن المواطن الرشيدي الأيام الماضية، والذي نتمنى أن يعود سالماً لأهله وتقرأعينهم برؤياه مجدداً تستحق التوقف أمامها ملياً.
مواطنون من مختلف الفئات والتوجهات تأثروا بحديث أبو مبارك، عن فقدان ابنه فقرروا الالتفاف حوله في رحلة بحث جماعية تشمل مختلف أنحاء الكويت، على أمل أن يهتدوا إليه ويطمئنوا أهله عليه.
هذه الحالة التي تميز الكويتيين تاريخياً لجهة التكاتف في الشدائد، نتمنى أن تنتقل عدواها لأعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية الذين باتوا اليوم أكثر من أي وقت مضى أمام استحقاق تاريخي وهو التخلي عن خلافاتهم لصالح البحث عن مستقبل آمن للكويت ولمواطنيها، خصوصاً أنه لم يبق في القوس من مرزح.
وما يزيد هذا الحق أن الكويت تجمدت اقتصادياً ومالياً منذ سنوات وسط عالم متغير كل لحظة بإعادة تموضع مختلف، حيث تسعى كل الدول ومنها دول المنطقة باستثناء الكويت لتغيير واقعها بمكتسبات اقتصادية واستثمارية جديدة تضمن استدامة الرفاه لمواطنيها.
ربما يكون الحديث عن حاجة الكويت للتنمية الشاملة ليس جديداً لكن تحويل هذا الحديث لأفعال بات غير قابل للتفاوض أو لتقطيع الوقت في المراهنة على أن الإبقاء على سياسة الأرض المحروقة بين السلطتين مستحق بذريعة الخلاف في وجهات النظر، في وقت يعلن فيه الجميع أن استمرار هذه السياسة يقود الكويت إلى مخاطر غير مألوفة لن يتحمل تداعياتها أي طرف.
تحولات سياسية ومالية تحدث هنا وهناك أقربها في المنطقة ولا يزال النقاش في الكويت مفتوحاً حول البدهيات والخلافات تتزايد للدرجة التي تشكلت فيها 4 حكومات في 8 أشهر، وهو مؤشر إضافي على أن أهل السلطتين لم يستشعروا بعد خطورة الوضع الحالي والذي بات أشبه بكرة ثلج تكبر يومياً أمام الجميع، وهم غير متابعين لمخاطر استمرار شلل البلاد اقتصادياً ومالياً.
وربما لا يعد سراً أنه يتوجب لتفادي استمرار الانحراف في مسار التقدم صوب أهداف التنمية الأساسية بذل جهد استثنائي من الجميع وليس زيادة الفجوات سياسياً.
ولذلك، يتعين الآن على جميع القوى السياسة في البلاد أن توازن بين خلافاتها وتحقيق أجنداتها السياسية وبين الحاجة الملحة لانقاذ الكويت.
الخلاصة:
نتمنى أن تلهم فزعة الشعب الكويتي لأخيهم مبارك الرشيدي السلطتين وتثير غيرتهم في أهمية الالتفاف حول الأولويات، وتنحية أي خلافات ولو موقتاً، خصوصاً أن الأمر يتعلق بمستقبل الكويت وشعبها الحالي وأجيالها القادمة.
وهنا نراهن على وطنية جميع أعضاء السلطتين وحسهم المسؤول للتكاتف على انقاذ الكويت ومستقبلها عبر التحول وسريعاً يداً بيد لإخراج البلاد من مزنقها التاريخي.
وما يزيد الأمل أن الكويت زاخرة بالكفاءات البشرية والملاءة المالية، وما ينقصها فقط وحدة الصف نحو تحقيق الأولويات وخلق مسار واضح وبتفاهم جماعي للرخاء وصناعة الفرص التنموية والبشرية لجميع المواطنين محل الاستمرار في لعبة تعميق الجراح والتي سيُبكي استمرارها الجميع بنتائج سلبية مؤلمة.