خواطر صعلوك

مُعلّمون غشّاشون... وغير مسلمين يُصلون!

تصغير
تكبير

عزيزي القارئ، قرأت خبرين صحافيين، ولاحظت أنهما مرّا مروراً عابراً وكأن الأمر لا يعني أحداً...

الخبر الأول نشرته جريدة «القبس» والذي تشير فيه إلى تورط معلمين ورؤساء أقسام مرشحين لتقلّد مناصب إشرافية وإدارية مرموقة في مدارس التعليم العام، قُبضوا متلبسين بممارسة الغش أثناء جلوسهم لاختبارات الترقي للمنصب، المُقامة بوزارة التربية!

ثم تلطم «القبس» على وجهها وعبر صفحاتها وهي تحذّر من أن هذه الظاهرة خطيرة ولها تداعيات كبيرة... صحيح أن الجريدة لم تذكر عددَ مَن تورّطوا في ظاهرة الغش، ولكن الأمر فعلاً يحتاج إلى وقفة.

يمر هذا الخبر دون أن يعلق عليه أي أحد من السياسيين أو أصحاب ميكروفونات الإصلاح، أو القيادات التربوية، معتبرين أن الفجوة التعليمية للطلاب المتمثلة في 6 سنوات، وقضية الـ 40 ألف طالب الغشاش في مدارس وزارة التربية، التي تم اكتشافها أخيراً وقد شغلت الرأي العام ردحاً من الوقت، وتورط 26 معلماً بتهمة تسريب الامتحانات، تحصّلوا من ذلك على 3 ملايين دينار من «قروبات الغش»... فما المانع أن يغش أيضاً المعلمون في اختبارات الترقي للوظائف الإشرافية؟... فإذا لم تستطع أن تقضي على الفساد، فشارك فيه على الأقل!... وبالتالي لم يعلق أحدٌ على الخبر.

أمّا الخبر الثاني فقد قرأته في جريدة «الراي» الغراء التي يحبها القراء، والتي أشارت فيه إلى أن «مجمع الديانات» قد انتقل للكويت عبر «الواي فاي» وتحديداً في قاعدة عريفجان حيث أُقيم إفطار جماعي للمسلمين والنصارى واليهود، وكانت المفاجأة الكبرى، بعد انتهاء الموعظة الدينية التي قدّمها باللغة الإنكليزية، الخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية محمد النقوي، قبيل أذان المغرب بدقائق، حيث قام عدد كبير من الجنود والعمال غير المسلمين بالذهاب للوضوء مع المسلمين استعداداً لصلاة المغرب، ثم تناولوا التمر ودخلوا المسجد وصلوا المغرب خلف الإمام وأتموا التسليم، وبعدها بدأوا تناول وجبة الإفطار.

وتحدّث أحد الجنود «غير المسلمين» عن شعور رائع لدى مشاركته المسلمين صلاتهم، كونها تشعره بالراحة والأمن والسلام، فيما ذكر آخر أن أسلوب أداء الصلاة عند المسلمين يشابه ممارسة الحركات الرياضية، وأنه يحرص على مشاركتهم الصلاة عندما تكون هناك فرصة.

يمر هذا الخبر مروراً عابراً دون أن نسمع صوتاً من أصحاب الفضيلة الذين يعتقدون أن تمثالاً في مجمع يهدّد الدين، وأن الرقص الشرقي في الأندية يهدّد القيم المجتمعية، ولكن أن تتحول شعيرة إسلامية أصيلة مثل «الصلاة» إلى ممارسة كرنفالية واحتفالية لتعزيز مبدأ التسامح، وأن يشارك غير المسلمين الصلاة مع المسلمين في صف واحد خلف الإمام، على اعتبار أن الصلاة شكل من أشكال «اليوغا» التي تريح النفس وتصفي الذهن، فإن كل ذلك لا يستدعي وقفة عند هذا الخبر.

أشد الطقوس قداسة في الدين الإسلامي تتحول إلى «تجربة» روحية في تجمع إفطار جماعي، من أجل التقاط صورة يتم إرسالها

بـ «الواتس آب» للأمم المتحدة، وتشارك وزارة الأوقاف عبر إمامها في ذلك، لكي تصلي خلفه كل الديانات... إنه طقس تمثيلي و«هراء» تنويري لم يجلب التسامح يوماً.

ولكي لا يتهمني قارئ أنني رجل رجعي ضد التسامح والتنوير، فإني أدعو للتسامح والتعايش المشترك بشرط أن يبتعد كل شخص عن دين الآخر، فلا يشترط أن أصلي في الكنيسة أو الكنيس لكي أثبت أني رجل متسامح منفتح على العالم، وأن موضوع التسامح له علاقة بالممارسات الاجتماعية وليس العبادات الدينية.

وأن كل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر.

moh1alatwan@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي