تتلاحق التصريحات هذه الأيام عن الرغبة الملحة لدى بعض الوزارات في إعادة الهيكلة الإدارية ودراستها وتطويرها على نحو يقلل من الهدر الإداري والمالي، ويساهم في تفعيل الدور الحكومي في المرحلة المقبلة، خصوصاً ان الخطة الخمسية للدولة تم إقرارها من المجلس النيابي، وخصصت مبالغ طائلة تتجاوز 30 مليار دينار لإنجاز مدن جديدة، وتنفيذ جسر جابر، ومستشفى جابر، وتطوير البنية التحتية من كهرباء، ومواصلات، وصحة، ومياه، وتطوير الخدمات العامة من إدارة وتعليم، ومنتزهات وغيرها، وانشاء ميناء بوبيان، وبناء محطات نووية لتوليد الطاقة وغيرها.
هذه المشاريع الضخمة التي ستغير مستقبل البلاد إلى ساحة إنجازات مؤثرة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية بلا شك تحتاج إلى امكانات متعددة أهمها تطوير الأجهزة الإدارية الحكومية ليس فقط من النواحي الهيكلية، كضم الإدارات والأقسام، أو إلقاء بعضها، أو ايجاد وحدات إدارية جديدة، وإنما المطلوب أيضاً إحداث تغييرات هادفة في واقع القوى العاملة المحركة لهذه الهياكل، خصوصا تلك القوى التي قضت أعواماً طويلة في العمل ولم يعد لديها ما تستطيع تقديمه من طاقات، وملكات، ومبادرات تتناسب مع متطلبات خطة التنمية المقبلة.
نتمنى ألا تكون الهيكلية الإدارية الجديدة التي يتحدث عنها بعض الوزراء تستهدف، كالعادة مجرد تغيير بعض القيادات من أجل إحلالهم بأشخاص آخرين أثبتت التجارب أنهم أكثر فشلاً وتخلفاً. فالتغيير يجب ألا يكون لأجل ترضية أفراد، أو ضغوطات خارجية، أو بسبب القرابة والشللية والسير مع التوجهات الحزبية والسياسية والطائفية التي تسيء إلى مفهوم الإدارة الحديثة، وحاجة الدولة إلى التطوير، وارساء المزيد من الدعائم الصلبة لمستقبل الأجيال.
لا شك أن الشيخ أحمد الفهد، نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير الدولة لشؤون التنمية والإسكان يهمه كثيراً الجانب التنفيذي لخطة التنمية التي تتطلب وضع ضمانات كافية لإنجاحها، وعدم التعثر فيها أو تأخرها كما يحدث عادة لمشاريع الدولة. فما لم يكن الجهاز الحكومي على مستوى طموحات الخطة التنموية فإن الكثير من العقبات ستؤدي إلى اختلالات غير مرغوبة لخطة الدولة المقبلة، ما يعني استعجال التحرك لتطوير الأجهزة الحكومية الحالية على نحو شمولي وليس بانتقاء جوانب وترك الجوانب الأخرى.
فالهدف من تطوير الهيكلة الإدارية لا ينبغي أن يكون ارتجالياً وعشوائياً، وإنما في إطار خطة واضحة وتشخيص سليم لأوجه المشكلات القائمة، ومتطلبات المستقبل وبقدر كاف من الشفافية البعيدة عن الأهواء والأمزجة والتنفيع.
د. يعقوب أحمد الشراح
كاتب كويتي
[email protected]