«بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى» الحشر 14.
الكيان الصهيوني مشروع استيطاني غربي أنشئ بدعم من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وحظي بتعاطف كبير من قِبل تلك الدول رغم الجرائم الفظيعة التي ارتكبها المستوطنون الأوائل من الصهاينة في حق الفلسطينيين من أجل طردهم من مساكنهم والاستيلاء على مدنهم وقراهم.
لم يكن أمام الإعلام الغربي إلا تلميع صورة ذلك الكيان والتغطية على جرائمه التي تفوق ما تعرّض له يهود أوروبا على أيدي النازيين في ما يسمى بالهولوكوست، وصاروا يقدمونه على أنه «واحة ديموقراطية في صحراء استبداد عربي».
والحقيقة أن هذا الوصف لا يعكس حقيقة الواقع الذي يعيشه الكيان الصهيوني المخالف للمعايير الديموقراطية. فالكيان الصهيوني لا يمكن أن يكون ديموقراطياً وهو ينتهك مبادئ حقوق الإنسان ويطبق سياسة الفصل العنصري في فلسطين المحتلة، ويستولي على الأراضي بالقوة، ويسمح لمستوطنيه الصهاينة بالاعتداء على الفلسطينيين وقتلهم دون محاسبة من القضاء.
ناهيك عن واقع المجتمع الصهيوني الذي يتألف من مجموعات بشرية من دول عديدة ذات أعراف اجتماعية وحضارية مختلفة لا يمكن أن تنسجم في ما بينها.
فالعلاقة بين اليهود الأشكناز الغربيين واليهود السفارديم الشرقيين اللذين يشكلان غالبية المجتمع الصهيوني على صفيح ساخن وكل منهما يكره الآخر.
أما يهود الفلاشا الذين جيء بهم من إثيوبيا فيعاملون معاملة عنصرية سيئة بسبب لونهم المائل للسواد.
حتى علمانيّة الكيان الصهيوني مزيفة حيث يتمتع الصهاينة المتزمتون بنفوذ كبير يغلب نفوذ الصهاينة العلمانيين ما يمنح المتزمتين تأثيراً كبيراً في توجيه السياسة وفرض أجندتهم الدينية، ولديهم أحزاب دينية تتمتع بشعبية واسعة كحزب «شاس» المتطرّف وحزب «العظمة اليهودية» وحزب «الاتحاد اليميني» وحزب «يهودية التوراة المتحدة» وحزب «البيت اليهودي» وغيرها من أحزاب دينية نجح بعضها في دخول الحكومة الائتلافية الحالية مع حزب الليكود برئاسة الإرهابي نتنياهو.
لا يخفى أن المظاهرات العارمة غير المسبوقة التي تعمّ الكيان الصهيوني هذه الأيام هي من تجليّات الانقسام القائم في المجتمع الصهيوني، حيث عبّرت عنه بشكل جليّ أمام العالم بعد أن كان مخفياً وأثبتت أن المجتمع الصهيوني يعاني من خلافات عميقة بين زعامات متناقضة وصل ببعضها الجنون إلى محاولة سحب صلاحية محكمتهم العليا ومنحها الكنيست من أجل إلغاء التهم عن الفاسدين من ساستهم من أمثال نتنياهو وهو الأمر الذي كان سبباً في تلك المظاهرات بين مؤيد ومعارض، ما دفع رئيس كيانهم الصهيوني هرتسوغ إلى القول: «نعيش وضعاً خطيراً وصراعاً داخلياً قد يمزقنا».
لكن قبله منذ سنوات عديدة عبّر الكاتب كارلو سترينجر، عن حقيقة هذا التمزّق في المجتمع الصهيوني في مقال له بعنوان «أنقذوا إسرائيل من نفسها»! كما اتهم الفيلسوف الفرنسي اليهودي برنارد ليلي، القادة الصهاينة بأنهم يعانون من «مرض التوّحد السياسي».
لذا، فالصهاينة الحاليون يخشون سقوط كيانهم الحالي كسقوط مملكتي إسرائيل ويهوذا قبل الميلاد.