إذا لم تصل القوات الأميركية خلال 3 أيام... فلا داعي أن تأتي من الأساس
«الإيكونوميست» ترسم سيناريوهات غزو الصين... لتايوان
يتدرب جنود مشاة البحرية الأميركية (المارينز)، استعداداً لخوض الحرب مع الصين والتي سيعجّلها غزو تايوان، حيث تقع قاعدتهم في أوكيناوا، في الطرف الجنوبي من الأرخبيل الياباني على بعد 600 كيلومتر (370 ميلا) من تايوان.
والجزيرتان جزء مما يسميه المخططون العسكريون الأميركيون «سلسلة الجزر الأولى» وهي سلسلة من الأرخبيلات والجزر، الكبيرة والصغيرة، التي تمتد من اليابان إلى ماليزيا، ما يعوق المرور البحري من الصين إلى المحيط الهادئ.
وبحسب تقرير في مجلة «الإيكونوميست» الأميركية، فإن الجزء الأصعب من الصراع المحتمل، كما يقول اللفتنانت كولونيل جيسون كوبلاند، هو التعامل مع «خصم يأتي إليك بشكل جماعي».
ومع تنامي القوة العسكرية للصين، تزداد صعوبة التنبؤ بكيفية نشوب الحرب، وبالتالي تحسين احتمالات صد الصين من دون إطلاق العنان لكارثة نووية.
والشيء الوحيد المؤكد هو أنه حتى لو بقيت كل الأسلحة النووية في صوامعها، فإن مثل هذا الصراع سيكون له عواقب وخيمة، ليس فقط بالنسبة لـ 23 مليون شخص في تايوان، ولكن بالنسبة للعالم كله.
ويُكرر قادة الصين الشيوعيون أن تايوان صينية، ولطالما تعهدت أميركا مساعدة الجزيرة في الدفاع عن نفسها. لكن في السنوات الأخيرة، ازدادت حدة الخطاب والاستعدادات على الجانبين.
وأرسلت أميركا المزيد من المدربين العسكريين إلى تايوان. ورفعت تايبه أخيراً، الخدمة العسكرية الإلزامية من أربعة أشهر إلى عام.
وحض أعضاء بارزون في الكونغرس الرئيس جو بايدن على التعلم من هجوم روسيا على أوكرانيا وإعطاء تايوان كل الأسلحة التي قد تحتاجها قبل الغزو، وليس بعد بدئه. ومما يزيد من الشعور بأزمة وشيكة جهود أميركا لخنق صناعة التكنولوجيا الصينية وتزايد صداقة الرئيس شي جينبينغ مع روسيا.
سنقاتل في 2025
ويقول القادة العسكريون ورؤساء الاستخبارات الأميركية، إن الرئيس شي أمر جيش التحرير الشعبي بتطوير القدرة على غزو تايوان بحلول عام 2027.
ويعتقد البعض أن الصراع أقرب. وحذر الجنرال مايكل مينهان، رئيس قيادة القوات الجوية الأميركية أخيراً، قائلاً «أخبرني حدسي أننا سنقاتل في عام 2025».
ويخشى الجانبان من أن الوقت ينفد... أميركا من أن تصبح القوات الصينية في القريب العاجل أقوى من أن تردع؛ وبكين من أن آفاق إعادة التوحيد السلمي آخذة في التبخر.
لكن «الحرب مع الصين ليست حتمية وليست وشيكة»، وفق الأدميرال جون أكويلينو، قائد القيادة الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والذي سيشرف على أي مواجهة مع الصين.
وتحدث أكويلينو، في مقره الرئيسي المطل على بيرل هاربور، مستذكراً مشهد الضربة الاستباقية لليابان في عام 1941، قائلاً إن مهمته الأولى هي «بذل كل ما في وسعه لمنع نشوب صراع».
ومع ذلك، يضيف: «إذا فشل الردع، يجب أن تكون مستعداً للقتال والفوز».
ووفقاً لنتائج الغزو الروسي لأوكرانيا، فإنه يحذر من أنه «لا يوجد شيء اسمه حرب قصيرة».
والسؤال الأول الذي يطرحه الاستراتيجيون الأميركيون، هو مقدار التحذير الذي قد يتلقونه من غزو وشيك.
وسيحتاج الجيش الصيني، الذي يضم ما يقدر بنحو مليوني فرد نشط، مقابل 163 ألفاً في تايوان، إلى استعدادات مكثفة لإجراء ما سيكون أكبر هجوم برمائي منذ إنزال دي داي في عام 1944.
وسيتعين عليه إلغاء الإجازة، وجمع سفن الإنزال، وتخزين الذخائر وإنشاء مواقع قيادة متنقلة وأكثر من ذلك بكثير. لكن في حرب الاختيار، مع قدرة الرئيس الضيني على اختيار توقيته، يمكن إخفاء العديد من هذه التحركات في شكل تدريبات عسكرية.
ويقول مسؤولو الدفاع الأميركيون إنهم قد يرون علامات لا لبس فيها على حرب وشيكة، مثل تخزين إمدادات الدم، قبل أسبوعين فقط.
وبالنسبة للعمليات الأصغر، للاستيلاء على الجزر التي تسيطر عليها تايوان بالقرب من البر الرئيسي، على سبيل المثال، قد يكون هناك تحذير لبضع ساعات فقط إذا كان الأمر كذلك.
وقد ترغب أميركا في فضح استعدادات الصين مبكراً، كما فعلت مع الغزو الروسي لأوكرانيا، وحشد تحالف دولي. وسيكون ذلك أسهل إذا شرع تشي جينبينغ في غزو صريح.
لكن قد تحاول بكين استغلال غموض وضع الجزيرة، حيث ليس لديها علاقات ديبلوماسية مع معظم الدول الأخرى.
وإذا استشهد الرئيس تشي ببعض «الاستفزازات»، وبدأ بأفعال لا ترقى إلى الحرب، مثل الحصار، فقد تراوغ أميركا وحلفاؤها.
ويجب على أميركا أيضاً أن تزن إلى أي مدى تخاطر استعداداتها بإثارة الصراع.
مثل إرسال حاملات الطائرات إلى المنطقة لاستعراض القوة، أو نشر القوات في تايوان. وهل تهدد إمدادات النفط الصينية عبر مضيق ملقا؟ يمكن اعتبار كل شيء استفزازات للصين، إن لم يكن أعمال حرب.
الرد التايواني المحتمل
وأوضح التقرير أنه مع اقتراب الحرب، ستنقل تايوان سفن البحرية من ساحلها الغربي المعرض للخطر إلى الشرق، خلف سلسلة الجبال التي تمتد على طول الجانب الشرقي من الجزيرة.
وستسعى لإخفاء مقاتلات نفاثة في ملاجئ تحت الأرض وتعبئة 2.3 مليون جندي احتياطي.
كما سيتعين عليها السيطرة على حالة من الذعر على نطاق واسع، حيث يحاول الناس الفرار وسط انقطاع محتمل مع خطوط النقل مع العالم الخارجي.
أميركا أيضاً ستنشر الطائرات من القواعد المكشوفة، وسينتشر مشاة البحرية حول نقاط الاختناق البحرية وسوف تنزلق الغواصات الأميركية تحت الأمواج، وبعضها يحشد بالقرب من تايوان.
ولا شك أن بعض القادة العسكريين الأميركيين والتايوانيين سيضغطون من أجل توجيه ضربات عسكرية ضد قوة الغزو الصينية المتجمعة.
خياران
وسيتعين على الصين، من جانبها، أن تتخذ قراراً بالغ الأهمية: هل يجب أن يقتصر هجومها على تايوان، على أمل خلق أمر واقع مع تذبذب أميركا وحلفائها، أم يجب أن تضرب القوات الأميركية في المنطقة وخلق بيرل هاربور جديد؟
الخيار الأول يترك أميركا حرة في مهاجمة أسطول الغزو. أما الثاني، فيضمن دخولها إلى الحرب، وربما طوكيو أيضاً، إذا هاجمت الصين القواعد الأميركية في الأرخبيل الياباني.
ويكاد يكون من المؤكد أن الغزو سيبدأ بضربات صاروخية بصواريخ ضخمة على تايوان. ومن شأن ذلك أن يدمر بسرعة الكثير من الدفاعات البحرية والجوية والجوية.
وتوقع خبراء أنه سيكون هناك 24 ساعة من القصف أولاً على أهداف عسكرية وسياسية، ثم على البنية التحتية المدنية مثل محطات الطاقة ومستودعات الوقود.
وأشار التقرير إلى أن الصين ستعمي الأقمار الاصطناعية في تايوان، وتقطع كابلات الإنترنت تحت سطح البحر، وتستخدم الحرب الإلكترونية لتزاحم أنظمة القيادة والسيطرة، مما يعيق التنسيق مع القوات الأميركية والقوات المتحالفة.
وأضاف أن هذا الهجوم سيسبب فوضى كافية لفتح نافذة لمدة يومين على الأقل للغزو.
وإذا لم تصل القوات الأميركية في غضون ثلاثة أيام، فلا داعي أن تأتي من الأساس.