«انفجارٌ» بلغة «الأنبوب» بين بري والمرشّح الرئاسي للمعارضة
لبنان تحت تأثير «ألاعيب» نقدية بأكلاف... مريعة
- بري ضيّق دائرة المرشحين الجديين إلى «فرنجية مرشحنا» وقائد الجيش المتعذّر تعديل الدستور لانتخابه
- مصرف لبنان تدخّل لخفض سعر الدولار الأسود ورفع سعر «صيرفة» ليحرق جيوب اللبنانيين بفواتير ناريّة
تَقاسَمَ المشهد اللبناني أمس تطوران نقدي وسياسي عكسا عمق الأزمة التي تتخبّط فيها البلاد وأن أي مخارج للاستعصاء في معالجة الانهيار المالي والمأزق الرئاسي لن تكون إلا على طريقة «الحلول القيصرية» التي لم تتبلور ولو «الأحرف الأولى» منها بعد.
وعلى رغم «المفعول السريع» الذي أحْدثته العودة المباغتة لمصرف لبنان إلى سوق القطع على متن بيانٍ أعلن فيه ضخ الدولارات عبر منصة «صيرفة» على سعر 70 ألف ليرة لكل دولار، وذلك للأفراد (حتى سقف مليار ليرة شهرياً) وللشركات (سقف عشرة مليارات ليرة شهرياً)، حيث انخفض سعر العملة الخضراء في السوق الموازية بنحو 10 آلاف ليرة إلى ما بين 81 و82 ألف ليرة (تراجع ليل الأربعاء إلى حدد 79 ألفاً)، فإن هذا القرار من «المركزي» جاء أقرب إلى الصدمة التي قاربتْها أوساط عليمة من زاويتيْن:
- الأولى أن تأثيرَها الإيجابي على سعر الصرف سيتبدّد قريباً إذ يُنتظر أن يعاود الدولار مسارَه التصاعدي بعد أن «تبتلع» الأسواق مجدداً مئات الملايين التي ستُضخ في تكرار «طبق الأصل» لتجربة نهاية 2022 حين تدخّل المركزي وخفّض سعر العملة الخضراء لنحو 43 ألف ليرة قبل أن يتضاعف سعرها بعد أقل من شهرين ليناهز مساء الأربعاء 92 ألفاً، ولا سيما أن «الجراحة الموْضعية» الجديدة لـ «المركزي» لا ترتكز على أي «منصة» انفراج سياسي تتيح أقله «الصمود» عند هذه النقطة في مسار السقوط الحر.
- والثانية أن التحسن الطفيف والموقت لليرة تجاه الدولار بما لا يتجاوز 10 في المئة وبهدف التقليل من خسائر مصرف لبنان الذي كان يبيع الدولار على 45 الفاً ويشتريه من السوق السوداء على نحو 90 ألفاً وامتصاص كمية جديدة من الكتلة النقدية بالليرة، كان «ثمنه» على جيْب المواطن ارتفاعاً باهظ التكلفة في سعر صيرفة بنحو 55 في المئة أي إلى 70 ألفاً وهو ما سيترك تداعيات بالغة السلبية على الأدوية والفواتير التي تتقاضاها الدولة على سعر المنصة وبينها الخلوي وكذلك الكهرباء (من مؤسسة كهرباء لبنان) التي تُسعَّر على قاعدة «صيرفة بلس» 20 في المئة، ما يعني تسجيل مفارقة عجيبة غريبة تتمثل في أن «دولار الكهرباء» (بات 84 ألفاً) صار أغلى من الدولار الأسود وفق السعر الحالي.
وبدا واضحاً وفق هذه الأوساط، أن خطوة «المركزي» هي في جانب منها عملية «تمويه» لقرار رسمي بزيادة ايرادات الخزينة ووزارة الاتصالات والطاقة، استكمالاً لمسار رفْع سعر التحصيل بالليرة للدولار الجمركي من 15 ألف ليرة إلى 45 ألفاً الذي أُعلن عنه يوم الثلاثاء، بهدف توفير تمويل الزيادات والمساهمات للقطاع العام.
وفي حين يُنتظر أن تترك هذه الزيادات المُرْعبة، التي سيبقى تأثيرها «دائماً» بعد انتهاء مفعول «إبرة تخدير» ضخ الدولارات، تداعيات مخيفة على معدلات التضخم التي تسجّل ارتفاعات قياسية عالمياً، فإن أول يوم من تطبيق بيان مصرف لبنان حَمَلَ ترقُّباً لمدى التزام البنوك به ولا سيما أنه لم يصدر في صيغة تعميم ما يجعله غير مُلْزِمٍ لها، وأيضاً لمدى إقبال المواطنين كما شركاتٍ على خطوةٍ «اكتووا» بها قبل شهرين حين عمّت الفوضى بعد أيامٍ من بدء تنفيذ «النسخة الأولى» من التدخل المفتوح (بسقوف مليارية أو بحدود 400 مليون ليرة) للأفراد حيث خفّضت مصارف فجأة السقوف وقطّر المركزي في تحويل الدولارات مقابل المبالغ بالليرة التي مازال بعضها عالقاً حتى الآن، ما تسبَّب بخسائر لمَن أوْدعوا مئات الملايين على أساس أن يتقاضوا دولارات على سعر 38 ألفاً فإذ بقسم كبير منها يُعاد إليهم بعدما كان الدولار الأسود تجاوز الخمسين ألفاً.
كما شكّل تراجع سعر الدولار أول اختبارٍ لمرونة التجاوب في السوبرماركت مع تقلبات العملة الخضراء صعوداً وهبوطاً بعدما سرى قرار التسعير بها على الرفوف، حيث سُجل أمس التزام بعض المتاجر الكبرى بهذا التراجع من دون أخرى، مع مخالفات «وثّقها» مواطنون ومسؤولون عن قيام أحد السوبرماركت سريعاً برفْع سعر السلعة بين ليلة وضحاها بالدولار ليصبح بالليرة أغلى مما كان عليه وفق دولار 90 ألفاً.
وفي المقلب السياسي، فجّر رئيس البرلمان نبيه بري ما يشبه «القنبلة» في الملف الرئاسي (في حديث إلى صحيفة «الأخبار»)، عبر تضييقه دائرة المرشحين الجديين إلى اثنين، هما زعيم «المردة» سليمان فرنجية، الذي جاهر للمرة الأولى بأنه «مرشحنا» أي مرشح الثنائي الشيعي (بري و«حزب الله»)، وقائد الجيش العماد جوزف عون، وتضييقه في الوقت نفسه الخناقَ على المعارضة ومعها «التيار الوطني الحر» عبر:
- تأكيد أنه لن يدعو لجلسة انتخاب رئاسية ما لم تكن للانتخاب، إما بتفاهم مسبَق على الرئيس وإما على تَنافُس مرشحيْن أو أكثر.
- إعلانه أن فرنجية سمته الورقة البيضاء من دون أن تكتب اسمه «وفي الجلسة الأولى للانتخاب في 29 سبتمبر حصل على 63 صوتاً. أي النصف زائداً واحداً تقريباً»، وأن التأخر في إعلان ترشحه مرده إلى المحاولات المبذولة لتوفير أوسع دعمٍ له وتحديداً في انتظار أن يقتنع رئيس«التيار الحر»النائب جبران باسيل بالانضمام إلى تأييد انتخابه.
- جزمه أن لا تكرار لتجربة الرئيس ميشال سليمان الذي انتُخب في 2008 وكان قائداً للجيش من دون تعديل دستوري (للمادة التي تنص على أنه لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى وما يعادلها مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم أو احالتهم على التقاعد)، مؤكداً في الوقت نفسه أن«تعديل الدستور متعذّر لترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون، إن لم يكن أكثر».
- شن بري هجوماً عنيفاً على مرشح غالبية المعارضة النائب ميشال معوض الذي وصفه بأنه «ليس سوى تجربة أنبوبية» مقابل فرنجية «الذي لا يزال مرشحنا والجميع يعرف ذلك. ومرشحنا جدي وأكدنا عليه مراراً».
ولم يتوان معوض عن الرد على بري في بيان ناري اعتبر فيه «ان رئيس حركة أمل الذي يصادر رئاسة مجلس النواب منذ أكثر من 30 عاماً أتحفنا بكلام أقل ما فيه أنه لا يليق برأس المؤسسة البرلمانية إنما يليق به كميليشيوي»، معتبراً أن القول «إن مرشحنا جدي أما مرشحهم فليس سوى تجربة أنبوبية فيه من محاولة الإساءة إلى رئيس جمهورية شهيد هو الرئيس رينه معوض. هذه الإساءة موجهة أيضاً إلى جميع النواب والكتل التي صوّتت للنائب ميشال معوض».
واستشهد معوض بتذكير بري بأنه قام بعد اتفاق الدوحة (مايو 2008 الذي مهّد لانتخاب سليمان) بـ«إعلان رفع الحصار من وسط بيروت»، ليتحدّث عن «ممارسات بري الميليشيوية وحصاره لبيروت وأهلها واقتصادها واجتياحها في 7 مايو، وحصاره اليوم مع حليفه حزب الله لكامل الوطن إرضاء لمشاريع خارجية»، واصفاً بري بأنه«أستاذ في الفساد العابر للعهود والحكومات».
وأضاف «لعل ما يثلج قلوب اللبنانيين أن المجلس الحالي أظهر ممانعة لك بالشخصي ولما تمثله من أداء بعدما حوّلت رئاسة المجلس إلى وكر مذهبي تحميه من غضب الناس ممارسات ميليشيوية، فبقيت في منصبك بـ65 صوتاً فقط... وإن نهاية هذه الولاية لناظرها قريب».
ولم يتأخر ردّ المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل على معوض، معلناً أن الأخير «يعيش في فقاعة الترشيح منذ أكثر من خمسة شهور وأتحفنا بكلام أقل ما فيه أنه بلا تربية».
وقال: «للمعجزة»نقول، نتفهّم شعورك بعدما أيقنتَ أنك تحوّلت إلى أُنبوب تجارب سياسي في مختبر مَن رشحك وضحك عليك (...) وتعيش عقدة تكوينك السياسي الذي يعرف الناس دور عائلتك فيه، في النيابة والوزارة والعلاقات المفتوحة على مساحة المصالح والصفقات التي جعلت منك ما انت عليه»، ليختم: «رحم الله الرئيس الشهيد رينيه معوض، ويلي خلف مات».
مجموعة الدعم الدولية: قلق بالغ لاستمرار الفراغ الرئاسي في لبنان
أعربت مجموعة الدّعم الدولية من أجل لبنان عن بالغ قلقها إزاء تداعيات استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان وذلك«مع بلوغ الفراغ الرئاسي شهره الخامس، وفي ظل غياب الإصلاحات وتصلّب المواقف وازدياد الاستقطاب».
وحضّت المجموعة، في بيان، القيادات السياسية وأعضاء البرلمان«على تحمّل مسؤوليّاتهم والعمل وفقاً للدستور واحترام اتّفاق الطائف من خلال انتخاب رئيس جديد دون مزيد من التأخير».
واعتبرت أنّ«الوضع الرّاهن يُعدّ أمراً غير مستدام. إذ يصيب الدّولة بالشّلل على جميع المستويات، ويحدّ بشدة من قدرتها على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والمالية والأمنيّة والإنسانيّة العاجلة، كما يقوّض ثقة الناس في مؤسّسات الدّولة فيما تتفاقم الأزمات».
وأضافت أنّه«بعد مرور أحد عشر شهراً على توصّل لبنان إلى اتّفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي، لم يُبرم لبنان بعد برنامجاً مع الصندوق. إن التعجيل بإقرار القوانين اللازمة لاستعادة الثقة في القطاع المصرفي ماليّاً وتوحيد أسعار الصرف يعد أمراً حيويّاً لوقف التدهور الاجتماعي والاقتصادي».
ودانت«بشدة الهجوم المسلح على دورية تابعة لليونيفيل في ديسمبر 2022، والذي أودى بحياة أحد أعضائها في العاقبية»، متوقعة محاسبة المعتدين المتورطين فيه وتقديمهم إلى العدالة على وجه السرعة.
العرنوس يشكر ميقاتي
تلقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي رسالة نظيره السوري حسين العرنوس تقدّم فيها«باسم الحكومة السورية وباسمي شخصياً بخالص الشكر والتقدير، لما قدّمه لبنان الشقيق من دعم ومساعدة كان لها الأثر الكبير في تخفيف تبعات الكارثة جراء الزلزال الذي ضرب عدداً من المحافظات مخلّفاً الكثير من المآسي والدمار».
وأضاف«أؤكد أن هذه الوقفة الانسانية تعبّر بكل صدق عن مدى اصالة الشعب اللبناني الشقيق».
إخبار قضائي من«القوات» ضدّ«القرض الحسن»
تقدم أعضاء من كتلة «القوات اللبنانية» هم النواب سعيد الأسمر وأنطوان حبشي وفادي كرم، بإخبار إلى النيابة العام التمييزية في لبنان ضد مؤسسة «القرض الحسن» التابعة لـ«حزب الله»، مفنّدين الأسباب القانونية الموجبة.
ويُعتبر «القرض الحسن»بمثابة «المصرف المركزي» لـ«حزب الله»، واعتبر الأخبار أن عمل الجمعية «يتناقض مع معاهدات دولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وقّعتها الدولة»وأنها«تقرض أموالاً مجهولة المصدر ومن خارج المنظومة الرقابية القضائية والقانونية والمصرفية والنقدية اللبنانية وأنها تشكل خطراً على الهيكلية المالية والنقدية اللبنانية وتهدد ارتباطاتها بشبكة النظام المالي العالمي ما يشكل خطراً على الانتظام المالي العام».