No Script

هكذا مرّت ليلة القبض على الأنفاس

لبنان العائم فوق 5 فوالق «ارتجف» بارتداداتِ «زلزال القرن»

اجتماع لجنة تنسيق عمليات مواجهة الكوارث في السرايا الحكومية
اجتماع لجنة تنسيق عمليات مواجهة الكوارث في السرايا الحكومية
تصغير
تكبير

- رصاص في بعض المناطق لإيقاظ السكان وتخلية الأبنية
- لبنانيون باتوا ساعات الرعب في سياراتهم وتسمّروا أمام الشاشات وعلى هواتفهم
- 5 لبنانيين «دفعة أولى» من ضحايا الزلزال في تركيا وسورية
- وفد إغاثي إلى تركيا و«عرض مساعدة على الإخوة في سورية»
- «استنفارٌ» رسمي وحال طوارئ بلدية تَحَسُّباً لارتدادات زلزالية محتملة وطلب مسْح الأبنية رصْداً لأي تصدُّعات... مميتة

لم يكن من مكانٍ في بيروت أمس لـ «الصُداع السياسي» الذي تتسبّب به الأزمةُ الرئاسية المتمادية وأخواتها. وحده الصدَع الذي تَحَرَّكَ وزلْزَلَ وسط تركيا وشمال غرب سورية مخلّفاً تسونامي من دمارٍ شاملٍ كان حاضراً في لبنان الذي دَهَمَتْه فجراً ارتداداتُ ما بدا كأنه... «نهاية العالم».

فالوطن الصغير الذي كان كَتَم أنفاسه على مدى 40 ثانية من الرعب والهلع خشية أن «تبتلعه» الأرض وعاد والتقطها حين انجلى الغبار عن زلزالٍ أصاب تركيا وسورية وبلغتْ موجاتُه الارتدادية «بلادَ الأرز»، بدا وكأنه أَفْلَتَ من «رصاصةِ رحمةٍ» كانت لتُطْلِقَها عليه «أمّنا الطبيعة» لو ضربه الزلزال الذي «يرتبط» به جيولوجياً كون الفالق الذي وَقَعَ عليه يمرّ بلبنان (متّصل بفالق البحر الميت).

ورغم أن «الإعصار المزلزل» الذي «محا» مناطق واسعة من تركيا وسورية وحوّلها كتلاً من دم ودمار مرّ على لبنان من دون أضرار مادية مباشرة ولا بشرية، إلا أن وهجه لَفَح «بلاد الأرز» التي ارتجفتْ خلال الزلزال وملحقاته أمس وبعدها وعلى مدار الهزات الارتدادية، بعدما صَعَقها «جرسُ الإنذار» الذي جاء من قَعْرِ الأرض على شكل رسالةٍ بأن الكارثة المالية - النقدية - المعيشية التي تضربها قد «تكتمل» في أي لحظةٍ بنكبةٍ طبيعية لا يملك الوطن البائس أي مقوّمات لمواجهة أيّ من «صدماتها».

وعلى وقع ارتجاج الأرض مراتٍ منذ فجر أمس، لم يكن رادار الاهتمام الداخلي يرصد وقائع جلسةٍ إشكالية جديدة لحكومة تصريف الأعمال أقرّت بنوداً ملحة ذات صلة بالقطاع التربوي والصحي، ولا حتى خلاصاتِ الاجتماع الخماسي في باريس الذي عُقد عن بُعد وضمّ ممثلين لكل من فرنسا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر وعاود «تأطير» الأزمة اللبنانية ومسالك حلّها على مساريْ الانتخابات الرئاسية بأبعادها السياسية، والإصلاحات بامتداداتها التقنية مالياً وإدارياً، مع تجديد «بوليصة» الدعم الإنساني للشعب اللبناني.

فاللبنانيون لم يأبهوا أمس إلا لِما كانت تعلنه مراصد الزلازل، وهم تَسَمّروا أمام شاشات التلفزيون وهواتفهم يقلّبون الخرائط الجيولوجية وخطوط الصدع في تركيا وامتداده لبنانياً، مستحضرين زلازل مروّعة شهدتها «بلاد الأرز» (منذ سنة 551) التي «تقيم» فوق 5 فوالق مرعبة، لتستيقظ كوابيس أين منها الانهيار الكبير الذي رماهم (منذ خريف 2019) في جهنّم مالية - سياسية لم تهدأ ارتجاجاتها.

ومنذ أن اهتزّت بهم بيوتاتهم الباردة، سادت حال من الذعر اللبنانيين الذين خرج عدد كبير منهم في مختلف المناطق إلى الشوارع والساحات العامة خوفاً من أن تكون الهزة القوية التي شعروا بها مقدّمةً لزلزال أقوى أو أن تفتح ارتداداتها «أبواب الجحيم» عليهم في ظلّ واقع مئات الأبنية المتصدّعة والتي سبق لبعضها أن سقط بـ «هبّة ريح» قوية.

وأظهرتْ مقاطع فيديو وصور جرى تداولها صفوفاً من السيارات في أكثر من بقعةٍ، مع قيام عدد من المواطنين بتمضية بضع ساعات داخل آلياتهم وفي طقس عاصف ووسط عتمة مطبقة بفعل غياب التيار الكهربائي، في حين سُجل في بعض المناطق إطلاق رصاص لإيقاظ السكان وحضّهم على مغادرة بيوتهم ولا سيما في طرابلس التي تحتضن عشرات الأبنية التي تقف «على رِجل ونصف».

وفيما كانت مساجد العاصمة تصدح بالتكبيرات وبالتضرع الى الله كي يبعد الزلازل والهزات عن لبنان والمنطقة، لم يهدّئ حلول النهار من روع اللبنانيين، في ظل عدم اتضاح «حصتهم» من الحصيلة الموجعة للضحايا في سورية وتركيا، وسط تقارير عن مقتل الشابة سيلينا الهضام ووالدتها سوسن (من جبل محسن في طرابلس) في اللاذقية ووسام الاسعد الذي توفي هو وزوجته وابنته في تركيا.

أما حكومة الرئيس نجيب ميقاتي فكلّفت وزير البيئة ناصر ياسين الاتصال بالسلطات التركية التي طلبت نوعاً من التعاون في مجال الاغاثة، وأرسلت قوة انقاذ من الجيش والدفاع المدني والصليب الأحمر للمساعدة في عملية الاغاثة، كذلك تم تكليف وزير الأشغال علي حمية «الاتصال بالاخوة في سورية لعرض تقديم أي مساعدة مطلوبة، ولن نتردد لحظة في هذا الموضوع، كي نكون الى جانب اخوتنا في هذه الاوقات الصعبة، كما كانوا هم الى جانبنا دائماً»، كما قال ميقاتي في مستهلّ جلسة مجلس الوزراء.

وسبق الجلسة ترؤس ميقاتي اجتماعاً لهيئة إدارة الكوارث تخلله إعطاء التوجيهات اللازمة «في ما يتعلق بمواكبة كل ما يحصل وتزويد المواطن بالاجراءات والتوجيهات المناسبة منعاً لحصول أي هلع والاستعداد، لا سمح الله، لأي طارئ، والكشف الوقائي على المباني والمنشآت التي يقال إنها أصيبت بأضرار، وبخاصة سد القرعون للتأكد من عدم حصول أي تصدع».

وخلص الاجتماع للطلب من وزارة الداخلية «تكليف البلديات بصورة فورية، ومن ضمن حال طوارئ بلدية جرى إعلانها، إجراء المسوحات للمباني ضمن نطاقها البلدي (مسح أولي ميداني يليه مسح تقني ) وإفادة الوزارة ضمن مهلة 72 ساعة عن عدم أهلية أي مبنى للسكن ليبنى على الشيء مقتضاه وذلك بالتعاون مع مهندسين من نقابتي المهندسين وشركات القطاع الخاص المعنية»، و«تشكيل لجنة برئاسة وزارة الأشغال تضم مهندسين من نقابتيّ المهندسين في طرابلس وبيروت ومن القطاع العام والخاص لإجراء المسوحات الجيوفزيائية للمباني المتصدّعة وفقاً للأولويات التالية (مدارس، جامعات، مستشفيات، سدود، جسور، أماكن سكنية.... )»، و«استنفار جميع فرق العمل في مواجهة العاصفة وفتح الطرق وتقديم المساعدات للمواطنين والبقاء على استعداد للاستجابة في حال حصول أضرار جانبية نتيجة ارتدادات زلزالية محتملة».

وإذ طُلب من «وزارتي الصحة والأشغال، الدفاع المدني، أفواج الإطفاء والصليب الأحمر اللبناني استنفار ورفع جهوزية الطواقم المتخصصة لديها للاستجابة الفورية لأي طارئ»، كُلف المجلس الوطني للبحوث العلمية «الوقوف على الواقع الجيوفزيائي العلمي من خلال تحديد احتمال حصول هزات أرضية مماثلة درءاً للاشاعات والأخبار المغلوطة».

«الزلزال» القضائي ينحسر بتريُّث بيطار

استراحة مُحارِب أم مسارٌ احتوائي؟

بيروت – «الراي»:

هل بدأ «الزلزال» الذي ضرب القضاء اللبناني في واحد من أقوى ارتدادات ملف «بيروتشيما» والتحقيق فيه بالانحسار؟

سؤالٌ فرض نفسه مع ما بدا خطوةً إلى الوراء قام بها المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار الذي كان «فجّر قنبلةً» حين استأنف تحقيقاته من تلقاء نفسه واعتبر أن لا أرضية قانونية لعشرات دعاوى الرد والمخاصمة بحقه من سياسيين مدعى عليهم والتي جمّدت عمله لنحو 13 شهراً، لينبري في «أول دخوله» مجدداً على الملف إلى ادعاءٍ غير مسبوق على مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات وقادة أمنيين كبار وقضاة آخرين ويحدّد مواعيد لاستجوابهم مع مَن سبق أن ادعى عليهم ابتداء من يوم أمس.

وبعدما كان «حبس الأنفاس» يسود الوسط السياسي والقضائي لِما ستؤول جلسات الاستماع أمس لكل من رئيس الحكومة السابق حسان دياب ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق والنائب الحالي غازي زعيتر وسط ترجيحاتٍ شبه حاسمة بأنه أعدّ مذكرات توقيف غيابية بحقهم باعتبار أنهم لن يحضَروا أمامه، عمد المحقق العدلي إلى تأجيل هذه الجلسات إلى موعد لم يحدده.

وعزا بيطار السبب إلى أن القرارات الصادرة عن النيابة العامة التمييزة بالامتناع عن التبليغات وعدم اعترافها بمذكّراته وعدم تبلّغها الكتب والردّ عليها تستوجب التريث وتأجيل كل جلسات التحقيق التي كانت محدّدة في فبراير، معلناً «أنّني أرجأتُ الجلسات لأنّ مصلحة ملف التّحقيق العدلي تقتضي حصول تعاون بين المحقّق والنيابة العامّة التمييزية، وحاليّاً هذا التعاون غير قائم، ويُفترض أن يُحلّ، وعندها نستأنف العمل».

وبخطوة بيطار، يكون الجسم القضائي تفادى الصِدام الكبير الذي كان سيحصل لحظة إصداره مذكرات توقيف غيابية بحق الممتنعين عن المثول أمامه، حيث كان القاضي عويدات جهّز مذكرة إحضار بحقه بتهمة «اغتصاب السلطة» التي سبق أن ادعى بموجبها عليه في إطار «المعاملة بالمثل»، وهو ما برزت خشية من أن يستجرّ احتكاكاً بين عناصر أمن الدولة الذين يتولون تنفيذ إشارات مدعي عام التمييز وبين عناصر الجيش المولجين حماية المحقق العدلي.

وساد انطباعٌ بأن تخفيف بيطار من سرعة اندفاعته يأتي من ضمن مسارٍ احتوائي للعاصفة القضائية، في ظل كلامِ مصادر قضائية (قناة «ام تي في») عن إمكان أن يُصار للاستماع إلى بيطار من قاض أعلى منه رتبة قد يكون رئيس المجلس القضاء الأعلى سهيل عبود أو مَن ينتدبه، واذا تبيّن لا اغتصاب سلطة في ما قام به المحقق العدلي يستكمل عمله.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي