No Script

مجرد رأي

الكويت... همة عالية أهدرت قدراتها عبثاً!

تصغير
تكبير

بدأت أعلام الأعياد الوطنية ترفرف في طرقات الكويت، وبها تتعلق الكثير من الذكريات الممزوجة بالتضحيات.

والقصص الواقعية التي يمكن رويها هنا كثيرة، وغنية بالأحداث، وجميعها ملهمة بالبطولات، والتي تؤكد أن كل مكونات المجتمع لم تبخل على الكويت بدمائها فداء للوطن.

وأثناء تدفق هذه الذكريات التي تغذي حماسة كل كويتي رغم صعوبتها على النفس الوطنية، يقطع الواقع المعاصر حبلها بإشارة حمراء تنقلنا لموضع آخر عنوانه أين كنا وأين أصبحنا؟ الكويت تمثل بمختلف أجيالها همة عالية بقدراتها المالية والبشرية والفكرية، لكن للأسف هذه القدرات قد أهدرت عبثاً في سجالات الخلافات السياسة المتجددة، والتي قادتنا إلى واقع نتحسر فيه على تاريخنا التقدمي في كل شيء فكرياً واجتماعياً ومالياً وبالطبع سياسياً.

فالكويت التي كانت تمثل تاريخياً منارة خليجية، ويضرب بها المثل بكل اتجاه، باتت تعاني من صدأ الحديث عن التنمية المؤجلة والعيش في حلم تحول الكويت مركزاً مالياً وتجارياً في المنطقة رغم مرور 21 عاماً على بدايته!

شيء ما تغير في الكويت خصوصاً بالسنوات العشر الماضية، وبدأ الجميع يلمس نتائجه غير المنسجمة مع قدرات وإمكانات هذا الوطن العظيم على الأصعدة كافة، مدفوعاً بتأخر بكل المجالات و«تحلطم» من المواطن والمسؤول.

فكل قرار يمكن أن ينقل الكويت خطوة إلى الأمام تحول إلى أولوية جانبية، وبرز مكانها خلافات سياسية مشتعلة باستمرار بين السلطتين، على أولويات غير منتجة إلا مزيد من الصراع غير المنتج تقدماً إلا للوراء، دفاعاً تارة وهجوماً تارة أخرى، والمحصلة حراك عبثي من أصحاب القرار في مواجهة الملفات الثقيلة والمستحق الالتفاف حولها.

بكل موضوعية، يمكن القول إن الكويت تقدمية في ديموقراطيتها لكن من الواضح أنها رجعية في الأداء، وهذا ان جاز التوصيف مدعوماً بالنتائج التي وصلنا لها، والتي أصبحنا معها نتفاخر بالماضي أكثر من الواقع، لا سيما ونحن نعاني من رفاهية التحرك للأمام والقفز على التحديات ولو بطيئاً.

الأزمات السياسية السابقة والحالية كانت كافية لعرقلة التقدم بل فوق الكفاية، ما يزيد المسؤولية لإجراء مراجعة نقدية لواقعنا المعاصر، والوقوف على أسبابه بكل تجرد.

يقال إنه إذا حيل بين الإنسان وهدفه فقد قضي عليه، وفي الكويت كل خطط التنمية المعلنة والمستهدفة لاتزال حبراً على ورق رغم استحقاقها المزمن وكثرة الدراسات المقدمة لأجلها.

وما يزيد وجاهة التفكير ملياً بجمود واقعنا الحاجة المتنامية إلى أهمية الاصطفاف حكومياً ونيابياً ولو موقتاً لترتيب الأولويات باستبدال الخلافات السياسية غير المرتكزة على قضايا رئيسية بأخرى ملحة، وفي مقدمها الإعداد المدروس للتعامل مع مستقبل النفط، ومعالجة الوضع المالي المأزوم، والذي ينبأ بعجز تقديري للسنة المالية المقبلة 2023/ 2024 يتجاوز حسب تقديرات وزارة المالية المعلنة 5 مليارات دينار.

ومن باب انعاش ذاكرة المسؤولين باستحقاقهم الوطني، يجب الإشارة إلى واقع التعليم والصحة في الكويت، واللذين لا يعكسان أننا في دولة متينة مالياً قليلة سكانياً، فضلاً عن طوابير الرعاية السكانية التي تتزايد سنوياً دون أن يقابلها توفير معالجات عملية تفكك استدامتها.

الخلاصة:

لا أحد يشكك في وطنية أي طرف مسؤول في الكويت سواء كان من السلطة التنفيذية أو التشريعية، لكن ما يستحق الإضاءة عليه أن الخلافات السياسية لم تنعكس إيجاباً على الكويت والكويتيين، والأدلة الدامغة في هذا الخصوص عديدة، والدوافع ملزمة، وملموسة، وفي مقدمها القلق الشعبي المتزايد من المستقبل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي