د. يعقوب احمد الشراح / صدى الكلمة / جودة التعليم

تصغير
تكبير
قياسات تشخيص الجودة في التعليم لا تعتمد على الظن والملاحظة او مستوى الانفاق، وانما على الأساليب العلمية والمنهجية التي تنبع عادة في تقويم العملية التعليمية. فالرغبة في الجودة ليست مجالا للأخذ والرد ولا التباطؤ والاهمال، فسمعة التعليم ومكانته يتوقف على جودته وفاعليته.

هذه الجودة في التعليم، وفي الاطار العام للمفهوم، تحتاج إلى عمل كبير ومستمر بين تقويم دائم وتشخيص للمخرجات، ولمستوى التعليم، وتنمية القدرات الضرورية لتفعيل التطوير واتجاهاته، وليس مجرد عقد المؤتمرات والاكتفاء بالآراء والحوارات رغم اهميتها، فالكثير من الآراء والافكار المفيدة تساهم في نهضة النظام التعليمي بالبلاد، وتفتح افاقا جديدة لمسائل وممارسات تشكل تحديات حقيقية امام عالم متغير يحتاج إلى مواكبة وتفاعل معه، ومع ما يفيد كله للبلاد، لكن السوال المفترض البحث في اجابته هو: ما مدى مناسبة واولوية قضية مثل جودة التعليم الشامل، لأن يكون حديث مؤتمر او حوار، في وقت يدرك الناس ان الجودة مطلب شعبي مثلما هو مطلب تربوي لا يأتي مصاحبا للعمل التعليمي فقط، وانما هو نتاج ملموس، واولوية تأخذ مكان الصدرة والاهتمام في استراتيجيات التعليم؟ فالتعليم عبر مسيرته التاريخية، وباختلاف الانماط والاحتياجات تضمن الجودة في شكل من اشكاله النوعية. فقد تكون الجودة في اداء المعلمين او في المناهج او في النشاطات المصاحبة او حتى في الابنية المدرسية وانماط الادارة المدرسية وغيرها، لكن هل بالامكان التوصل إلى جودة شاملة لهذه الجوانب كلها، في وقت واحد وفي اوضاع نفتقر فيها إلى ارساء اسس الجودة وعملياتها؟

والسؤال يجرنا إلى تساؤلات عدة عن مدى ما تحقق من الجودة في نظامنا التربوي؟ واين الاختلال المعطل اساسا للسير في اتجاه الجودة؟ وما نتاج مؤتمرات التربية الكثيرة عن الجودة؟ وهل تمت ترجمة الافكار والامنيات؟ المؤتمر التربوي الذي دعا اليه صاحب السمو امير البلاد ركز على مسائل تتعلق بالجودة، خصوصا حثه لتطوير مناهج التعليم، وتطوير الاستراتيجية التعليمية البعيدة المدى حتى العام 2020 في وقت يحتاج الناس فيه إلى ترجمة واقعية للقرارات السابقة، وتفعيل الدور التربوي تجاه الجودة الشاملة، وليس اعادة وتكرار البحث في الموضوع وضياع الجهود والاموال.

نتمنى ان نخرج من سجن المؤتمرات والندوات إلى آفاق اخرى اكثر فائدة، وذلك بالتركيز على الانجاز والعمل وتطوير القدرات التنفيذية لترجمة الامنيات إلى واقع له مردود ملموس في الحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية للمجتمع، فكثرة الكلام دليل على قلة العمل!





د. يعقوب احمد الشراح

كاتب كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي