في دراسة أعدّها الصالحي وملك والكندري حددت أسباب الظاهرة ووضعت سبل مواجهتها ... تدريجياً

86 في المئة من أولياء الأمور يؤيّدون الدروس الخصوصية... حتى إشعار آخر!

تصغير
تكبير
كشفت دراسة حديثة أن أولياء الأمور الذين يؤيدون اعطاء الأبناء دروسا خصوصية يشكلون نسبة كبيرة في الكويت، تمثل ما نسبته 85.91 في المئة من المجتمع وفقا لعينة تلك الدراسة التي أعدها كل من الدكتور محسن الصالحي والدكتور بدر ملك والدكتورة لطيفة الكندري تحت عنوان (الدروس الخصوصية بالمرحلة الثانوية بدولة الكويت: الواقع والأسباب والعلاج).

واوضحت الدراسة ان الدروس الخصوصية منتشرة انتشارا واسعا بين طلبة التعليم الثانوي بدولة الكويت حيث أكد 68.79 في المئة من الطلبة عينة الدراسة أنهم يأخذون دروسا خصوصية، وقد ترجع هذه النتيجة الى رغبة الطلبة في الحصول على المعدل التراكمي المناسب الذي يتيح لهم الفرص للالتحاق باحدى كليات جامعة الكويت أو الأهلية أو الجامعات الخارجية.

وبينت انخفاض نسبة المعلمين الذين يؤيدون الدروس الخصوصية حيث أيد 25.47 في المئة من المعلمين عينة الدراسة فكرة اعطاء الدروس الخصوصية، وقد ترجع هذه النتيجة الى أن اقرار المعلمين وتأكيدهم على فكرة الدروس الخصوصية يعد اعترافا منهم بالتقصير في أداء الواجب المهني داخل المدارس وأنهم يشاركون بشكل أو بآخر في حدوث هذه الظاهرة الخطيرة التي تؤثر على الأسر الكويتية اقتصاديا واجتماعيا بالاضافة الى القلق والتخوف من المساءلة القانونية من قبل الوزارة على اعتبار أن غالبية هؤلاء المعلمين وافدون يخشون التورط في كسر اللوائح والقوانين.

واشارت نتائج الدراسة إلى أن أولياء الأمور الذين يؤيدون اعطاء الأبناء دروسا خصوصية بلغت نسبة كبيرة حيث بلغت نسبة أولياء الأمور الذين يوافقون على اعطاء الدروس الخصوصية لأبنائهم 85.91 في المئة من عينة الدراسة. وقد ترجع هذه النتيجة الى رغبة الآباء في أن يحقق الأبناء النجاح والحصول على أعلى المعدلات وهم في سبيل ذلك يسلكون كل السبل ويتيحون كل الفرص ويوفرون كل الامكانات لتحقيق هذا الهدف.

وحددت الدراسة أسباب انتشار الدروس الخصوصية وفقا لأهميتها وتأثير كل منها في أخذ الدروس الخصوصية حيث جاء في المرتبة الأولى السبب المتمثل في «الرغبة في الحصول على أعلى الدرجات» بمتوسط حسابي 4.50 وجاء في المرتبة الثانية السبب المتمثل في «كثرة عدد المواد الدراسية» بمتوسط حسابي 4.24، ثم جاء في المرتبة الثالثة سبب «صعوبة المناهج الدراسية» بمتوسط حسابي 4.17، في حين جاء أضعف سبب يدفع الطلبة لأخذ الدروس الخصوصية السبب المتمثل في «تقليد الزملاء» وذلك بمتوسط حسابي 2.20. وقد ترجع هذه النتائج الى حرص الطلبة على الحصول على أعلى الدرجات التي تؤهلهم للالتحاق بالكليات التي تحقق طموحهم وهم في سبيل تحقيق هذا الهدف يواجههم كثرة عدد المواد الدراسية الالزامية فضلا عن صعوبة المناهج الدراسية فمثلا طالب الصف العاشر ذي الميول الأدبية يدرس أربع مواد علمية اجبارية، ما يعرضه لفقد كثير من الدرجات التي تؤثر على معدلة كما أن الطالب ذي الميول العلمية يدرس مواد ذات طبيعة أدبية، ما قد يعرضه أيضا لفقد الكثير من الدرجات كل هذه العوامل والأسباب مجتمعة دفعت الطلبة لأخذ الدروس الخصوصية.

وأكدت الدراسة أن أولياء الأمور يوافقون على أن السبب الذي ينص على «الرغبة في حصول الابن على درجات مرتفعة» بمتوسط حسابي (4.42) هو السبب الأول الذي يدفعهم لاعطاء أولادهم وبناتهم دروسا خصوصية ثم جاء بعده السبب الذي ينص على (التغيرات المتلاحقة بنظام التعليم الثانوي) بمتوسط حسابي 4.37 ثم جاء السبب الذي ينص على (صعوبة المناهج الدراسية) بمتوسط حسابي 4.15 وبنفس المتوسط جاء السبب الذي ينص على (كثرة المواد الدراسية في الصف الدراسي) بمتوسط حسابي 4.15، في حين جاء أقل سبب من وجهة نظر أولياء الأمور البند الذي ينص على (التفاخر بأخذ أبنائي دروساً خصوصية) بمتوسط حسابي 1.54.

وقد ترجع هذه النتيجة الى أن أولياء الأمور ينظرون الى المرحلة الثانوية بأنها تحدد المسار المستقبلي للأبناء فيسعون الى توفير كل الاحتياجات للأبناء والتي تضمن لهم الحصول على النجاح وأعلى الدرجات هذا بالاضافة الى التغيرات المتلاحقة التي تطرأ على النظام الثانوي من حين لآخر بدولة الكويت فتارة نظام الفصلين وتارة أخرى نظام المقررات والآن النظام الموحد ما قد يبعث لدى أولياء الأمور الخوف والقلق على الأبناء من متطلبات النظام الذي يطبق ولذا يلجأون الى من يحاكي النظام من المعلمين لمتابعة الأبناء وتوجيههم علميا من خلال الدروس الخصوصية فضلا عن كثرة المواد الدراسية وصعوبة بعض المناهج التي يدرسها الأبناء.

وحول أسباب انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية بالمرحلة الثانوية بالكويت من وجهة نظر المعلمين تبين أن أكثر الأسباب التي تدفع المعلمين لتأييد فكرة اعطاء دروس خصوصية السبب الذي ينص على (ارهاق المعلمين بأعباء اضافية كالاشراف الأسبوعي) بمتوسط حسابي 4.06 وجاء بعد ذلك السبب الذي ينص على (كثافة المقررات الدراسية) بمتوسط حسابي 3.88 وجاء بعده السبب الذي ينص (على التغيرات المتلاحقة في نظام التعليم الثانوي) بمتوسط حسابي 3.85 وجاء بنفس المتوسط السبب الذي ينص على (ضعف الرواتب المخصصة للمعلمين) بمتوسط حسابي 3.85. في حين جاء السبب الذي ينص على (تبعث الثقة لدى الطالب) بمتوسط حسابي (2.73) أقل الأسباب تأييدا لتعاطي الدروس الخصوصية.

وترجع هذه النتيجة الى أن المعلمين يرون أن تكليفهم بأعباء الاشراف الاداري داخل المدارس يرهقهم ويضيع من الجهد والوقت ويؤثر على كفاءة الأداء داخل الحصص الدراسية ويقلل من فرص الابتكار والتجديد في طرق التدريس والشرح والوسائل التعليمية، علاوة على ذلك فان كثافة محتوى المناهج الدراسية والتي قد لا تتناسب مع البرنامج الزمني المحدد لشرح الدروس أثناء فترات الدراسة الأربع مما يقلل من فرص المراجعات والتدريب على الاختبارات أثناء الحصة الدراسية. وبعد ذلك يأتي المردود المادي للمعلم فالرواتب لا تكفي في ظل الغلاء الذي نعيشه الآن ويعاني منه كل أفراد المجتمع مع عدم ثبات النظام المطبق للتعليم الثانوي مما يمثل عبئا على الطالب والمعلم فلا يكاد يجود المعلم من طرق شرحه لدروس وموضوعات المادة الدراسية وفقا لنظام يطبق لبعض الوقت ثم يأتي نظام جديد بموضوعات دراسية جديدة تحتاج من المعلم الاتقان والتدريب من جديد والحصة الدراسية لن تكفيه لتحقيق ذلك بالشكل المطلوب.

والمدقق للنتائج التي تم الوصول اليها في الاجابة عن هذا السؤال والمتعلق بأسباب انتشار الدروس الخصوصية عبر عينة الدراسة بشرائحها الثلاث (طالب - معلم - ولي أمر) يلاحظ اتفاق الطلبة وأولياء الأمور على أن السبب الرئيسي والأول الذي يدفع لأخذ الدروس الخصوصية هو الرغبة في الحصول على أعلى الدرجات وأن كثرة المواد الدراسية التي يدرسها الطالب وصعوبة المناهج من أهم الأسباب التي تدفع لأخذ الدروس الخصوصية وانتشارها في المحيط الطلابي. فيما اتفق المعلمون وأولياء الأمور على أن التغيرات المتلاحقة في النظام الثانوي من أهم الأسباب التي تساعد على انتشار الدروس الخصوصية. وان جميع هذه الملاحظات تؤكد على وجود خلل ما في المنظومة التعليمية يحتاج الى وقفة جادة ومراجعة شاملة.

وبينت نتائج الدراسة أن هناك فروقا ذات دلالة احصائية بين استجابات المعلمين في تحديد مدى التأييد لفكرة اعطاء الدروس الخصوصية وذلك لصالح الاناث وبمتوسط (3.60)، وقد ترجع هذه الفروق لعاطفة الأمومة عند الاناث تلك العاطفة التي تحض الأم على الرعاية المتكاملة للأبناء وتذليل كل الصعاب في سبيل تحقيق مستقبل مشرق لهم، في حين لا توجد أي فروق ذات دلالة احصائية بين استجابات أولياء الأمور والطلبة في تحديد واقع وأسباب انتشار الدروس الخصوصية تعزى لمتغير الجنس. ومن الجدير بالاشارة أن الأمهات يقمن في الغالب بمتابعة أولادهن وبناتهن في الدراسة داخل المنزل وبعضهن ينشغلن بتدريسهم من فترة الظهيرة الى المساء وفي اجتماع أولياء الأمور لمناقشة نتائج الطلبة في المدرسة لهن حضور واضح وحرص على متابعة تحصيل أبنائهن وبناتهن.

وأكدت الدراسة أنه لا توجد فروق ذات دلالة احصائية بين استجابات المعلمين (الكويتيين وغير الكويتيين)، وأولياء الأمور (الكويتيين وغير الكويتيين) في تحديد واقع وأسباب انتشار الدروس الخصوصية تعزى لمتغير الجنسية. ان انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية في البلدان العربية ترجع لأسباب متقاربة في دولة الكويت وغيرها وهو الملاحظ في معظم الدراسات نظرا لتشابه الوضع التعليمي في المحيط العربي الذي يعاني من تحديات جوهرية وقواسم حياتية مشتركة. وعليه فالاختلاف في تعليل الظاهرة اختلاف غير واضح بين المعلم الكويتي وغيره.

وبينت الدراسة أنه لا توجد فروق ذات دلاله احصائية بين استجابات أولياء الأمور ذوي الدخل (الأقل من 1000 دينار أو الأكثر من 1000 دينار) والطلبة الذين يبلغ دخل أسرهم (أقل من 1000 أو أكثر من 1000) في تحديد واقع وأسباب انتشار الدروس الخصوصية تعزى لمتغير الدخل.

أيضا أن هناك فروقا ذات دلاله احصائية بين استجابات أولياء الأمور في تحديد واقع وأسباب انتشار الدروس الخصوصية بدولة الكويت بالمرحلة الثانوية تعزى الى منطقة السكن وذلك بمستوى دلاله (0.00) لصالح منطقة حولي وبمتوسط (1.27) كما أنه توجد فروق ذات دلالة احصائية بين استجابات الطلبة في تحديد واقع وأسباب انتشار الدروس الخصوصية تعزى لمتغير منطقة السكن وذلك بمستوى دلالة (0.01) لصالح منطقة حولي وبمتوسط (1.45). في حين لا توجد أي فروق ذات دلالة احصائية بين استجابات المعلمين في تحديد واقع وأسباب انتشار الدروس الخصوصية تعزى لمتغير منطقة السكن، وقد ترجع هذه النتيجة الى اهتمام الطلبة وأولياء الأمور بمنطقة حولي بالتعليم والحصول على مستوى مناسب من النجاح والمعدلات التراكمية.

وخلصت الدراسة إلى جُملة من التوصيات على النحو التالي:

- وضع آلية جديدة للالتحاق بالجامعات غير المعدل التراكمي أو الدرجات الأعلى، وبما لا يجعل الطالب وأسرته يلهثون وراء الحصول على أعلى الدرجات أملا في ولوج الجامعات.

- الاهتمام بميول ورغبات الطلبة وجعل التشعيب من الصف العاشر وليس الحادي عشر على اعتبار أن الصف العاشر له نسبة في المعدل التراكمي للطالب.

- زيادة الحوافز المادية والمعنوية للمعلمين بما يجعل المعلم غير منتظر للحصص الاضافية أو الدروس الخصوصية وتكريس كل جهده داخل الحصة الدراسية بالمدرسة.

- ضرورة الثبات على نظام تعليمي ثانوي لفترة طويلة وبما يتيح المجال للتقييم الموضوعي لهذا النظام، بالاضافة الى تلافى أي سلبيات قد تنتج أثناء التطبيق من خلال تشكيل لجان تختص بالمتابعة وابداء الآراء حول أي معوق قد يظهر بالأفق أثناء فعاليات تطبيق النظام الثانوي.

- التوسع في انشاء مراكز وفصول للتقوية تكون تابعة للاشراف المباشر من قبل الوزارة وتضم فيها نخبة من الكفاءات التدريسية وبما يتيح الفرص للطلبة للمراجعات والتدريب على الاختبارات.

- توعية أولياء الأمور بأن غاية التعليم ليس فقط الحصول على أعلى الدرجات ولكن تكوين شخصية لديها القدر الكافي من الثقافة والمهارة والقدرة على مواجهة التحديات.

- اعادة النظر من وقت لآخر في محتويات المناهج الدراسية والعمل على صياغتها بالشكل الذي يواكب متطلبات الحياة العملية والتطلعات المستقبلية.

- تزويد البيئات المدرسية بكل وسائل الجذب للطلبة وبما يحقق لهم الاكتفاء بما يدرس داخل الحصة الدراسية وعدم اللجوء للدروس الخصوصية.

- تغليظ العقوبات على كل من يثبت قيامه بالدروس الخصوصية خارج اطار الاشراف المدرسي ووضع اجراءات تتبعية من قبل الوزارة لكل المعلمين الذين يقومون بهذه الممارسات غير السوية مهنيا.

- اعادة النظر في نظام الاشراف الاداري الذي يكلف به بعض المعلمين داخل المدارس... هذا النظام الذي يهدر وقت وجهد المعلم في الوقت الذي يكون فيه الطالب في أمس الاحتياج لهذا الجهد والوقت أثناء الحصص الدراسية بالاضافة الى أن هذا الوقت قد يخصص للانماء المهني والدورات التدريبية وغيرها.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي