للمرة الأولى «بوت» ينتج إجابات مُبهرة ومركبة لأسئلة شديدة التعقيد عبر الذكاء الاصطناعي
وداعاً «اسأل غوغل»... إنه عصر «Chat GPT» المُرعب
- «البوت» الجديد يعطي الإجابة الدقيقة فوراً بدلاً من قائمة نتائج للبحث
- قدراته هائلة في محاورة المستخدم والإجابة عن أسئلته بالتفصيل
أخيراً، نجحت الأبحاث الجريئة التي قادتها شركة ناشئة في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية تُدعى «أوبن إيه آي» (Open AI) في تطوير «بوت» فائق التقدم يسمى «تشات جي بي تي 3» (Chat GPT 3) يُحاكي الدماغ البشري في تحليل المعلومات وبناء المحتوى، ويمثل قفزة هائلة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بالعالم.
ففي غضون أيام من إتاحته للجمهور مطلع ديسمبر الماضي جذب «تشات جي بي تي-3» ملايين المستخدمين في الولايات المتحدة وأحدث ضجة هائلة، جعلت صحيفة «نيويورك تايمز» تلمح إلى أن من شأنه تحويل عمالقة التكنولوجيا الرقمية إلى «ديناصورات بالية».
من جهته، وصفه المليادير الأميركي الشهير إيلون ماسك بأنه «جيد إلى حد مرعب... ولم نعد بعيدين عن الذكاء الاصطناعي الخطير».
وعلى الرغم من أن مفهوم الدردشة الصناعية موجود لدى عمالقة التكنولوجيا الأميركية مثل «غوغل» و«آبل»، فإن ما يُميّز الناشئ الجديد هو قدرته الفائقة على تبسيط المفاهيم المعقدة وبناء الأفكار والاستراتيجيات بدقة، بل حتى اقتراح الهدايا وخطط العطلات، لأنه يعتمد على تكنولوجيا معقدة تدمج بين تغذيته بكميات هائلة من البيانات من الإنترنت والمصادر الأخرى مع إخضاعه لتدريبات مكثفة ومعقدة على خوارزميات الحوار البشري.
المُحرك المُدرَّب
وقال خبير الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلة مصطفى موسى في اتصال هاتفي مع وكالة «كونا» من سان فرانسيسكو، أمس، إن «تشات جي بي تي» هو اختصار لمصطلح «المحرك التوليدي المدرب مسبقاً»، وإنها المرة الأولى التي يوجد فيها «بوت» ينتج إجابات مبهرة ومركبة لأسئلة شديدة التعقيد.
ورأى موسى، الذي يدير شركة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، أن خصائص «تشات جي بي تي» جعلته تهديداً حقيقياً لعملاق محركات البحث «غوغل»، فبدل دخول محرك البحث هذا والخروج منه بقائمة نتائج، فإن البوت الجديد يعطي الإجابة الدقيقة فوراً.
وأضاف «ستنتهي عبارة (اسأل غوغل)... هذه الآلة (الجديدة) تعلمت على 175 مليار كم من البيانات هو الأضخم على الإطلاق في وادي السيليكون»، مشيراً إلى أنه خلال الأيام الأولى لإطلاق «البوت» جذب أكثر من مليون مستخدم هو الأعلى بين عمالقة التكنولوجيا.
محاورة المستخدم
وذكر أن «تشات جي بي تي» يتمتع بقدرات هائلة في محاورة المستخدم العادي والإجابة عن أسئلته تفصيلاً، كما لو أنه شخص يحاوره، وهو يعتذر عن الأخطاء ويُقدّم المعلومات والتحليلات المتخصصة في جمل واضحة بسيطة ومرتبة، كما يحكي القصص ويبتكر النكات، والأغرب أنه لا يقدم ردوداً عامة أو مكررة.
ولفت إلى أنه علاوة على ذلك ينظم الشعر ويكتب المحتوى بالكامل من دون أي اقتباس، ويصوغ القصص الصحافية ويحررها، ويُرسل الرسائل النصية ويرد عليها، ويُدير المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي بمهارة مذهلة، حتى من دون أن يكون متصلاً بالإنترنت لأنه يعمل وفق خاصية معقدة تسمى «التعلم العميق».
وأشار إلى أن شركته أدمجت «البوت» فور الإعلان عنه للتسويق وتحليل البيانات والأكواد التي يقدمها بدقة متناهية، وكتابة المحتوى لمنصات التواصل الاجتماعي، ونشره وكتابة رسائل البريد الإلكتروني والرد عليها بين الموظفين.
المحتوى الإعلامي
بدوره، توقع مدرس الصحافة الرقمية في الجامعة الأميركية بالقاهرة خالد البرماوي، أن يؤثر «تشات جي بي تي» في الإعلام الرقمي تأثيراً واسعاً، في ضوء الاستهلاك المفرط للمحتوى الإعلامي سواء إخبارياً أو ترفيهياً.
وأضاف: «لنكن واقعيين جميع أشكال المحتوى التي لا تتطلب إبداعاً كبيراً لن تحتاج المؤسسات الإعلامية قريباً إلى محررين لصناعتها وبثها، مثل أخبار الطقس وأسعار العملات والأسهم والبورصة ونتائج المباريات وأحداثها».
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي قادر على جمع تلك الفئة من الأخبار من مصادرها الأصلية وصياغتها بشكل جذاب من دون أخطاء، وبثها كنصوص أو غرافيكس أو ديجيتال على المنصات، وكذلك تخصيص المحتوى حسب المتلقي.
خطر على المدارس والجامعات
حذر خبير الذكاء الاصطناعي مصطفى موسى، من الاستخدامات «المقلقة جداً» التي انتشرت فور إطلاق «البوت» بالولايات المتحدة، منها قدراته المذهلة في حل الواجبات الدراسية وكتابة الرسائل العلمية بشكل يستحيل على برامج كشف المحتوى التعرف عليها، لدرجة أن بعض المدارس والجامعات في نيويورك حظرته، لكن الشركة زودته قبل أيام بخاصية كشف مضادة.
وقال إن شركة «أوبن إيه آي» تطور حالياً جيلاً رابعاً من «البوت» سيكون أشد إبهاراً، معتبراً أن «هذه بداية لطريق طويل لتعلم الآلة والذكاء الاصطناعي.. فالبقاء سيكون فقط للقادرين على التعامل مع الذكاء الاصطناعي وإدارته وتوظيفه في تسريع إنتاجية العمل وتطويرها».
وظائف مليار شخص مُهدّدة ... و«المحتوى الزائف» يزداد
تتوقع مجلة «فوربس» أن يستحوذ الذكاء الاصطناعي على وظائف مليار شخص بالعالم خلال العقد المقبل، وأن يلغي وجود 375 مليون وظيفة، فيما تتوقع دراسات أخرى أن تنتج الوسائط الآلية «ربع محتوى الملتيميديا» خلال السنوات المقبلة «لكن سيصعب التمييز بين الحقيقي والزائف».
في هذا السياق، لفت أحمد عصمت مدرس التحقق من البيانات الرقمية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، إلى أن «تشات جي بي تي» قد يفاقم مشكلة «التزييف العميق» في بيئة الأخبار بتخليق الأصوات والصور، بشكل يصعب حتى على أدوات التحقق تمييزه، وبالتالي خلق «محتوى زائف»، وحذر من وقوع تلك التكنولوجيا في «الأيدي الخطأ» خصوصاً أنها أصبحت متاحة للأفراد العاديين.
وأضاف عصمت أن «تجربتي الشخصية مع البوت عندما طلبت ملء استمارة، فملأها أسرع وأفضل مما لو ملأتها بنفسي»، ورأى أن البرنامج سيشهد تطوراً هائلاً كأداة مهمة لإنتاج الفيديو الرقمي والمونتاج السريع.
شعر مُعاصر
عندما بدأت وكالة «كونا» تجربة «تشات جي بي تي»، طلبت منه نظم أبيات من الشعر على غرار (حكايات كانتبري) لأبي الشعر الإنكليزي (جيفري تشوسر)، وجاءت النتائج مبهرة بإيقاع (رايم) مقارب لرايم تشوسر لكن بإنكليزية معاصرة خلافاً لإنكليزية تشوسر الكلاسيكية في القرون الوسطى، ومع ذلك يمكن أن نرفض ونطلب منه نظم قصيدة أفضل.
عربية ركيكة
البرنامج حالياً في مرحلة الاختبار، كما أنه يعمل بكفاءة ضعيفة وركيكة باللغة العربية، لكنه بالإنكليزية مذهل، ومع ذلك لنتذكر مثلاً «غوغل» كيف كان قبل عقد وكيف أصبح اليوم. أنتجت لوحات سماء الكويت من قبل «بوت دايل» (أحد بوتات الذكاء الاصطناعي)، عندما طلبت «كونا» منه رسم «سكاي لاين» لمدينة الكويت كما لو أنها بريشة مايكل أنجلو في عصر النهضة.
10 مميزات
1 - يعتذر عن الأخطاء
2 - يُقدّم المعلومات والتحليلات المتخصصة في جمل واضحة بسيطة ومرتبة
3 - يحكي القصص
4 - يبتكر النكات
5 - لا يُقدّم ردوداً عامة أو مُكرّرة
6 - ينظم الشعر
7 - يكتب المحتوى بالكامل من دون أي اقتباس
8 - يصوغ القصص الصحافية ويُحرّرها
9 - يُرسل الرسائل النصية ويردّ عليها
10 - يُدير المنصات الرقمية ومواقع التواصل بمهارة مذهلة من دون انترنت
الكويت... كما لو أنها بريشة مايكل أنجلو
أنتجت لوحات سماء الكويت من قبل «بوت دايل ( أحد بوتات الذكاء الاصطناعي)، عندما طلبت «كونا»، منه رسم «سكاي لاين، لمدينة الكويت كما لو أنها بريشة مايكل أنجلو في عصر النقضة.